«يفط.. يفط.. يفط».. معظم الإعلانات فى الصعيد عبارة عن لافتات، افتتاح مستوصف خيرى، افتتاح بوتيك، أو حتى للإعلان عن مباراة كرة قدم بين فريقين من نجعين متجاورين، لكن كل هذا يبقى مجرد تهريج بجوار لافتات موسم الانتخابات، التى تمتلئ بالدعاية والإعلان عن السادة المبجلين المرشحين لتمثيل هؤلاء المواطنين الذين لا يرون من المرشح سوى «اليفط». فى السابق كانت السيدة الصعيدية والسيد الصعيدى «متعودين دايماً» على عدم وجود إعلانات عن أى سلعة أو أى شىء، لدرجة أن المواطن الصعيدى لا يعلم أى شىء عن منتجات المناطق الصناعية بسوهاج وقنا وأسوان، كأن هذه المنتجات يتم تصديرها إلى الخارج مباشرة. أذكر أننى كنت فى الإسكندرية ذات مرة، ودخلت أحد المحلات الشهيرة، واشتريت باكو شيكولاتة بيضاء سعرها 5 جنيهات، ثم فوجئت بالشيكولاتة مصنوعة فى مسقط رأسى سوهاج، فقلت فى نفسى: «بجى الشوكلاتة دى بيصنعوها عندينا فى سوهاج.. أما سوهاج اتطورت يا جدعان». الإعلانات فى الصعيد، وتحديداً فى القرى، تبدأ أمام المسجد فى يوم الجمعة حيث تقف سيارة نصف نقل بميكروفون تعلن عن افتتاح محل جديد يضم كل أنواع البضائع من الإبرة للصاروخ، وبأسعار لا تقبل المنافسة، وعشان يحبكها أخونا المذيع، أقصد المعلن، يقول وهو يوزع ورقاً باسم المحل: وخصم 50 % للى هياجى ومعاه الورجة دى. تأخذ الورقة وتذهب إلى المحل البعيد وأنت مبسوط، لتجد أن السعر مضروب فى 3، وبالتالى بعد الخصم يصبح السعر يزيد عن الطبيعى بمقدار ال 50 %، فترجع المشوار الطويل مشيا لعدم وجود مواصلات داخلية فى القرى إلا التوك توك، والتوك توك غالى شوية «ده بجنيه ياعم الحاج». هناك اختراع استحدث مؤخرا هو الإذاعة المحلية، كنوع من التطور الطبيعى لوسائل الإعلان، كما بدأت الثورة الإعلامية والإعلانية العالمية تدخل الصعيد على خفيف، وخاصة فى المراكز والمدن، حيث تجد يافطة محل مكتوبة على الكمبيوتر، كما تجد أمام المسجد يوم الجمعة مجموعة من الأطفال يوزعون أوراقاً لافتتاح محلات كبيرة، سواء سوبر ماركت أو كشرى أو عصير قصب أو حتى حلاق، وعندما يكون محلاً من اللى يتمناه قلبك ستجد «دى جى» وزفة ولمة صعيدى.