سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نيويورك تايمز: توماس فريدمان وبيل كيلر يؤكدان ضرورة تجاوز تجربة "العراق" والمشاركة بفعالية فى "سوريا".. فريدمان: لا أمل فى إنهاء الصراع بدون تدخل دولى يؤمن حدود سوريا.. كيلر: التردد الأمريكى خطأ جسيم
حذر الكاتبان الأمريكيان المرموقان توماس فريدمان، وبيل كيلر من إعادة إنتاج التجربة العراقية فى سوريا، مشددين على أنه من الخطأ الاعتقاد أن انتصار فصيل على الآخر يمكنه جلب السلام إلى دمشق، وحث الكاتبان فى عدد اليوم من صحيفة النيويورك تايمز، إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما التى وصفاها بالأكثر حكمة من إدارة سابقه جورج بوش الابن على التعامل مع قيادات المعارضة الأكثر اعتدالاً، مشيرين إلى أن الحل فى سوريا يجب أن يبدأ بتجاوز تجربة العراق. ففى مقاله فى صحيفة النيويورك تايمز، تحدث كل من فريدمان وكيلر حول الموقف الأمريكى من التدخل فى سوريا وعقد كلاهما مقارنة بين ما يحدث فى سوريا الآن، وما حدث من قبل فى العراق، وموقف الولاياتالمتحدة فى الحالتين. فى البداية، تحدث كيلر عن رد الفعل الأمريكى تجاه الأوضاع فى سوريا، قائلا إن ذلك يستدعى إلى الأذهان المغامرة سيئة السمعة التى قامت بها الولاياتالمتحدة فى العراق، معدداً أوجه الشبه بين الحالتين، ففى سوريا، هناك نظاما وحشيا دكتاتوريا يهيمن على السلطة باسم أقٌلية طائفية، وهناك فصائل معارضة تتنافس على المساندات الأجنبية. كما أننا نسمع بعض الصقور مثل جون ماكين وبول وولفويتز وهم ينادون بالتدخل، فى مقابل أًصوات أخرى تحذر من تكرار تجربة العراق، وهو ما وصفه الكاتب توماس فريدمان فى مقاله مستخدما المثل المصرى: "اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى". ولكن وفقا لكيلر، لدينا هذه المرة رئيسا كان من قبل معارضا للتورط فى حرب العراق، ويبدى كيلر إعجابا بالحسابات الهادئة للسياسة الخارجية للرئيس أوباما وهو ما يمثل تطورا إيجابيا مقارنة بالمواقف المتهورة لسابقه، وهو ما يؤكده أيضا فريدمان فى مقاله متحدثا عن عدم الرغبة فى تكرار ما حدث فى العراق وأفغانستان. ويعدد فريدمان أوجه الشبه بين بين كل من سوريا والعراق فى أن كلا منهما نشأت على نحو مصطنع فى أعقاب الحرب العالمية الأولى وفق حدود رسمتها القوى الإمبريالية، وأن كل منهما تتكون من مجموعات –سنة، وعلويين/ شيعة، وأكراد ودروز، ومسيحيين لم يتطوعوا أبدا للعيش معا وفق قواعد مشتركة، ففى كلا البلدين عاشت هذه المجموعات معا إما فى ظل القوى الاستعمارية أو تحت تهديد القبضة الحديدية للدكتاتور. ويعقد فريدمان أيضا مقارنة بين الاختلافات الأصيلة بين ما حدث فى أوروبا الشرقية فى 1989 والعالم العربى فى 2013، ففى قطاع كبير من أوروبا الشرقية، وعندما تم رفع غطاء السلطة الشيوعية التى كانت تقمع التطلعات العميقة بشأن الديمقراطية، سرعان ما تحولت حكومات هذه البلدان إلى حكومات ديمقراطية. ولكن فى العالم العربى، فإن غطاء السلطوية كان يخفى تطلعات طائفية وقبلية وإسلامية وديمقراطية، والتى ظهرت جميعها على السطح مع رفع الغطاء، ولكن التوجه الإسلامى كان هو التغلب السائد وكان التطلع إلى الديمقراطية أقل التوجهات تنظيما وتمويلاًَ والخلاصة، هى أن معظم دول أوروبا الشرقية تحولت إلى بولندا بعد انهيار الشيوعية، فيما تحولت معظم البلدان العربية إلى يوغسلافيا. ولكن بالرغم من أنه يجب الاستفادة من دروس العراق، أبدى كيلر تخوفه من تحول ذلك التردد الأمريكى لخطأ جسيم حيث تسبب الحذر البالغ فى ضياع العديد من الفرص والتأثير على مصداقية الإدارة وتعزيز المأساة. فبالرغم من أن الولاياتالمتحدة قدمت المساعدات الإنسانية والضغوط الدبلوماسية، فإنها أبدت ترددا فى تسليح المتمردين أو الدفاع عن المدنيين وهو ما جعل نظام الأسد يعتقد أننا لسنا جادون، كما أن خوفنا من وصول الأسلحة إلى أيدى الجهاديين، ترك دعم المتمردين بين يدى قطر والسعودية، وربما كان التدخل قبل عام وقبل أن تنقسم قوى المعارضة أكثر سهولة. ويؤكد كلا من فريدمان وكيلر أنه يجب تجاوز تجربة العراق فى التعامل مع الوضع فى سوريا حيث يؤكد كيلر أن هناك مصالح قومية حقيقية للولايات المتحدة فى سوريا لأن سقوطها سيوفر ملجأ جديدا للإرهابيين وخطرا على حلفائها فى المنطقة، ويؤكد فريدمان أنه بدون تدخل دولى يؤمن حدود سوريا وينزع سلاح المتمردين ويحاول التوفيق بين الفصائل المختلفة لإنشاء ديمقراطية، فإنه لا أمل فى إنهاء الصراع إلا إذا ظهر نيلسون مانديلا آخر هناك، فلا يجب أن يعتقد أحد أن انتصار فصيل على الآخر يمكنه جلب السلام لهذه الدولة، مؤكدا أنه على الولاياتالمتحدة تحديد فصائل المعارضة الصالحة ودعمها وبذل جهودا دبلوماسية لتعزيز قيادة معارضة تؤمن بالمصالحة لكى تكون على أهبة الاستعداد لوضع خطة لمشاركة السلطة بعد انتهاء الاقتتال. وأخيرا يؤكد كيلر أن أكبر التحديات التى تواجه الإدارة الأمريكية منذ عام 2009 كانت كيفية تجاوز تجربة حرب العراق والانتقال إلى سياسة خارجية فعالة وبغض النظر عن القرار الذى سوف تتخذه الإدارة، فإن مساعدة سوريا ستبدأ بالتغلب على أزمة تجربة العراق.