لم نكن ندرى أنه يمكن لعبوة ناسفة من العبوات التى تنفجر يومياً فى العراق، أن تودى بحياة شاعر وكاتب، لكنها خيانة اللحظات وتعجل المصائر والمصادفة أدت لوجود الشاعر العراقى خالد السعدى أمس الجمعة قرب محكمة استئناف بمحافظة ديالى العراقية فى وقت انفجار عبوة ناسفة، أودت بحياته مع رفاقه الراحلين ليكملوا الكوميديا المبكية لما يحدث بالعراق، ليدفع بذلك السعدى ثمن حبه لوطنه وبقائه فيها ورفضه المنفى كغيره من شعراء العراق الذين ارتضوا بالشتات والتيه فى كل أرجاء العالم، يقول خالد فى قصيدة "وَجَّهْتُ وَجْهِى لِلنَّخِيْلِ": أُحِبُّ أَرْضَكَ يَا عِرَاقْ أُحِبُّ صَوْمَكَ يَا عِرَاقْ وَأُحِبُّ أَنْ أَبْقَى نَشِيْدَاً فِى مَواويلِ العِنَاقْ وَأُحِبُّ أنْ أَرْسُمَ أَحْلامَاً تَطَالُ النَّجْمَ وَالغَسَقَ الجَمِيْلْ وَجَّهْتُ وَجْهِى للنَّخِيْلِ وَعَقَدْتُ عَزْمِى أَنْ أُسَافِرَ فِى مَدَاكْ طفْلاً تَعَلَّقَ بَيْنَ دَمْعَاتِ الوَدَاعِ وَضِحْكَةٍ فَضَحَتْ هَواكْ يَا مَوْطِنى الأَحْلى الذى مَا دمَّرَتْهُ الحَرْبُ فِى عِيْنِى ولا عَيْنِ الرِّجَالْ إذاً فهى الحرب وحدها تميت الشعراء، القنابل والرشاشات والآليات الثقيلة والطائرات التى تخالف نظام الطبيعة، هو العراق "المعسجد" بالرصاص، هو بلد الحسين الذى غرق فى الدماء، هو بلد الشعراء الذين يقتلون ويدفعون أرواحهم ودماءهم ضريبة ل "الفوضى الخلاقة" وجزية لأتباع الله على الأرض، يقول خالد سفير النوايا الحسنة بالأممالمتحدة فى إحدى قصائده متنبئاً بموته فى بلد لم يعد يعلو فيه صوت أحد سوى صوت الرصاص: يَا أَيُّهَا الوَطَنُ المُعَسْجَدُ بالرَّصَاصْ وبانْفِجَارَاتِ الخَطِيْئَةِ وَالعَذَابْ يَا دَمْعَةً سَطَعََتْ عَلَى خَدِّ "الحُسَيْنِ" حِيْنَ خَانَتْهُ الذِّئَابْ إذْ كَانَ مُمْتَطِيَاً حِصَانَ الخُلْدِ حَامِلاً سَيْفَ الرَّسُولِ يُرِيْدُ للدُّنيا الخَلاصْ يَا أَيُّهَا الوَطَنُ المُعَسْجَدُ فى تَرَاتِيْلِ الحَيَارَى الرَّاحِلِيْنَْ يَا دَمَ الأَبْطَالِ مَسْفُوْكَاً كَقِرْبَةِ يَاسَمِيْنْ كَمْ أَنْتَ تَصْبِرُ يَا عِرَاقْ...!! كَمْ أَنْتَ تَدْهَسُكَ السَّنَابِكُ وَالخُيُوْلْْ!! وَلَيْسَ فِى الدُّنْيِا سِوَاكْ مُكبَّلاً بِالمَوْتِ مَجْرُوْرَاً بِأَحْزَانِ الفُصُولْ كانت وكالات الأنباء والمصادر الإعلامية أعلنت أمس الجمعة عن رحيل السفير الفخرى للنوايا الحسنة فى الأممالمتحدة الشاعر العراقى خالد السعدى إثر انفجار عبوة بمحافظة ديالى ضمن 6 شهداء أودت بحياتهم العملية الانتحارية، وأسفرت عن إصابة 9 آخرين بجروح خطيرة. يذكر أن خالد عبد الرضا السعدى ولد عام 1979م بالعراق وصدر له ديوان شعرى واحد "أوراق زهرة العشرين"، وله إسهامات نقدية ودواوين شعرية لم تطبع بعد، حاصل على بكالوريوس فى اللغة الإنجليزية من كلية التربية الأساسية بجامعة ديالى، ورئيس رابطة الطلبة والشباب فى العراق وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتّاب فى العراق والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، نشرت قصائده فى العديد من الدوائر الثقافية العربية وكانت له مشاركة جيدة فى مسابقة أمير الشعراء فى دورتها الأولى، كما فاز بذهبية الشعر من مدينة الإسكندرية.