سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سجون مرسى ترفع شعار «التعذيب مستمر» ولا عزاء للثورة حقوقيون: منع الأدوية أبرز وسائل التكدير.. والرعاية الصحية غائبة والأمراض تنتشر بين السجناء بسبب الإهمال
وقف فهد عبدالمجيد الشاب العشرينى وراء الأسلاك الشائكة وبصوت مبحوح حاول إيصال كلماته لوالدته التى تقف على بعد أمتار قليلة منه خلف سور سجن دمنهور العمومى، مرددا جملة واحدة «خرجينى من هنا يا ماما الظباط بيضربونا كل يوم». هذا هو المشهد التى تتذكره الحاجة صفاء والدة فهد منذ آخر زيارة ذهبت فيها إليه. فهد الذى قضى حياته فى الكويت مع أسرته التى كانت تعمل هناك، وأتى لمصر منذ ستة أشهر فقط ليجد نفسه مسجونا بتهمة المشاركة فى مظاهرات معارضة للرئيس. حالة فهد تشير إلى ما يحدث داخل السجون من انتهاكات فى عهد الدكتور محمد مرسى أول رئيس منتخب. «اليوم السابع» تفتح ملف وضع السجون فى عهد الرئيس مرسى وترصد ما يحدث بها وهل اختلف وضعها عما كان قبل الثورة. البداية مع الحاجة صفاء والدة فهد عبدالمجيد التى حكت لنا قصة ولدها قائلة: «ألقى الضباط القبض على نجلى أثناء وجوده فى تظاهرات رافضة لحكم الرئيس مرسى يوم 22 مارس الماضى مع 5 آخرين، رغم أنه لم يكن ضمن المشاركين فى التظاهرة». وتتابع والدة فهد حديثها قائلة: «لم يعتد نجلى المشاركة فى تظاهرات فقد عاش عمره كله بالكويت وعدنا إلى مصر بعد أن أتم دراسته هناك». وتضيف الحاجة صفاء لم يصدر حكم ضد ولدى حتى الآن ولا نعرف تهمته بالضبط، ويتم تجديد الحبس الاحتياطى من فترة لأخرى، فبعد أن تم حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات قامت النيابة بتجديده ل45 يوما. وتضيف: «عندما ذهبت لزيارته يوم 29 مارس الماضى قال لى إنه تعرض لاعتداء من قبل الضباط فتقدمت بشكوى لأحد المراكز الحقوقية رافضة ما يحدث له». ما قالته الحاجة صفية أكد تقرير مركز النديم الصادر مؤخرا، ويرصد القمع داخل السجون وركز فى جزء منه على ما يحدث بالسجون وقت حكم الرئيس مرسى. خالد مقداد أرسل رسالة إلى المركز فى 29 أغسطس الماضى وشرح فى رسالته ما يحدث من اعتداء على السجناء قائلا: «منذ اليوم الأول فى المعتقل وأنا مقيد بالكلبش وطلبوا منى أن أجلس على ركبتى، فجلست وبعدها قالوا لى قف على رجلك يا حقير وبعد هذا دخلت غرفة كبيرة ورائحتها كريهة وكلها فضلات، وقال لى نائب المأمور تعال ما هى تهمتك قلت له سب الذات العسكرية». فقال: «هل تنتمى لأحزاب أو حركات؟ قلت له نعم وطلب منى تنظيف الحجرة، وأن أزحف على صدرى وأنظفها وكانت مليئة بالقاذورات، ثم جاء مخبر وكلبش يدى خلف ظهرى، وبعد ما زحفت لمدة ساعتين ذهب بى إلى غرفة الحجز وطلب منى خلغ ملابسى أمام السجناء وقضاء حاجتى أمامهم». «وجاء لى بزجاجة فيها مسحوق غسيل وكلور وطلب منى أن أشرب ما بها، وفى يوم التظاهرات أمام ماسبيرو قال لى المأمور يريدك، وقالوا لى اخلع ملابسك فقلت لماذا فطلب منى المأمور أن أخلعها بسرعة ثم قيدونى». لم يتوقف التعذيب عن هذه النقطة وقال لى: «نام على ضهرك قلت لأ قال لى ماشى يا ابن...» نمت على ظهرى ووضع جزمته على وجهى وانهال على ضربا حتى فقدت الوعى وقال لى: أنتم من فعلتم هذا بالبلاد. خالد ألقى القبض عليه 28 إبريل فى تظاهرة للتضامن مع أحمد الجيزاوى المحبوس بالسعودية وحكمت المحكمة العسكرية عليه بالحبس ستة أشهر. شهادة أخرى وثقها مركز النديم ضد التعذيب بسجن ميت سلسبيل بمحافظة الدقهلية سجلتها زينب نصر السيد وكيلة نشاط بمدرسة إعدادى بالمنزلة والتى استغاثت من قيام ضباط الشرطة بسجن ميت سلسبيل بالاعتداء على ابنها، وتقول فى شكواها: إن القسم قام بتلفيق قضية شروع فى قتل لنجلها الطالب فى الصف الثانى الثانوى رقم 5528 لسنة 2012. وأفادت فى رسالتها للمركز أنه تعرض لتعذيب شديد وطلب إثبات ما حدث وتوقيع الكشف عليه من قبل الطبيب الشرعى، إلا أن نيابة المنزلة رفضت وعاد للسجن مرة ثانية وتعرض للتكدير بدءا من قص شعره كعقوبة له. تقرير مركز النديم تضمن أيضا بيانا من السجناء السياسيين من التيار الإسلامى فى سجن العقرب الذين بدأوا إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 19 أكتوبر 2012، بعد حملة القمع التى حدثت والظلم الذى وقع عليهم فى عهد الرئيس مرسى واعتداء الأمن عليهم ومصادرة أمتعتهم. الحال السيئ داخل السجون تؤكد عليه إيمان محمد زوجة السجين حمادة أبوشتية أحد المعتقلين على خلفية ضرب قسم ثانى العريش، وتحكى عن معاناة زوجها ل«اليوم السابع» قائلة: «تم القبض على زوجى فى 31 يوليو الماضى وتم ترحيله وقتها لسجن العقرب، ثم نقله لسجن استقبال طرة كعقاب اقترفه أحد زملائه بعد رفضه الطريقة التى قام بها أحد المسؤولين بتفتيش زوجته بشكل مهين». وتضيف: «لم يتوقف الأمر عند هذا ولكنه تعرض أيضا للضرب والاعتداء وظهر هذا عندما قمنا بزيارته فى الحبس الانفرادى باستقبال طرة حيث تعرض لكسر فى ضلع اليد، وذهبت لزيارته ظهرت ملامح الضرب على وجهه وأكد أنه تعرض لضرب على مدار أسبوع كامل»، ناهيك عن قيامهم بتعريته جسديا وتركه بدون ملابس مما يؤدى لإصابته بنزلات شعبية حادة حتى أنه ينام على البلاط وخرج لنا الزيارة وهو يرتعش لدرجة أن أحد زملائه، أعطى له ملابس محاولا تدفئته وظهرت معالم التعذيب على وجهه وفى عينه التى ظهرت هالة زرقاء حولها». وتضيف: «رغم أنه أضرب عن الطعام رفضا لما يحدث معه لم يتم عرضه على طبيب ويتألم يوميا من الكسر الذى أصابه فى القفص الصدرى بعد قيام خمسة من الأفردا بالاعتداء عليه، لدرجة أنه لم يستطع الوقوف أو الحديث معنا وقت الزيارة». نقل السجناء إلى أماكن بعيدة عن أسرهم يطلق عليه داخل السجون اسم «سياسة التغريب» وهى سياسة تتبعها إدارة السجن لنقل السجناء لأماكن بعيدة عن ذويهم مما يصعب معه الزيارة وهو ما يؤثر سلبا على نفسية السجناء ويصيبهم بالاكتئاب. سياسة التغريب التى تتحدث عنها زوجة حمادة أبوشيتة يوضحها عادل مكى نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء قائلا «سياسة التغريب أمر تتبعه إدارة السجون عادة لزيادة الأعباء على السجين وأهله، وهى جزء من محاولات التضييق عليهم، خاصة أن حالة السجين تتدهور كلما قلت زيارات عائلته فالأمر يصيبه باكتئاب لبعده عن أهله، ويتم نقلهم لأماكن بعيدة لا يستطيع ذووهم زيارتهم بها. ويضيف مكى: «الأزمة الأخرى التى تقابل السجناء وخصوصا السياسيين تتمثل فى دخول الأدوية للسجناء، حيث لا يسمح بوجود الأدوية داخل السجن، وإن دخلت توضع فى أكياس بلاستيكية تتفاعل مع درجة الحرارة مما يتسبب فى إصابتهم بأمراض خطيرة وتصبح الأدوية سبب فى مرضهم بدلا من علاجهم». وأكد مكى أن الأوضاع الصحية داخل السجون سيئة جدا ولا يجد السجناء رعاية صحية ملاءمة ومن أكثر الأمراض انتشارا فى سجن أبوزعبل مرض الكلى بسبب تلوث المياه إضافة إلى أمراض حساسية الصدر والضعف العام». محمد زارع الناشط الحقوقى قال إن ما يتعرض له السجناء الآن لم يختلف كثيرا عن عصر ما بعد الثورة، مؤكدا أن العنف مستمر داخل السجون بسبب عدم وجود محاكمات للضباط الذين يعتدون على المعتقلين. عمر أحمد محمد مرسى يقدم نموذجا لما يحدث من اختطاف للسجناء السياسيين وما يتعرضون له من اعتداء. ويحكى والده قصة اختطافه قائلا «كان مع المتظاهرين يوم 27 يناير الماضى بميدان التحرير وتم احتجازه بقسم قصر النيل، ثم اختفى بعد ذلك، وعندما سألت عليه لم أجد أى معلومات عنه بالقسم «وعرفت بعد ذلك أنه محتجز فى جهاز الأمن الوطنى». ويضيف: «تم نقله إلى معسكر الدرب الأحمر وهذا ما أكدته له أحد الناشطات بحقوق الإنسان ثم وجدته فى مستشفى الهلال محتجزا ومصابا بشلل نصفى إضافة إلى ضبابية فى الرؤية ووجود علامات صاعق كهربائى على جسده». ماجدة بطرس مديرة وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية قالت إن «التعذيب فى أماكن الاحتجاز بشكل عام، لم يتغير كثيرا بعد الثورة عما كانت قبلها».