حلت منذ أيام الذكري الأولي لأول شهداء تعذيب بعد ثورة يناير وهو الشاب عصام علي عطا الذي كان معتقلا في سجن طرة، وكان قد حكم عليه بالسجن لمدة عامين من قبل المحكمة العسكرية في 52 فبراير 1102 رغم أنه مدني وأعلنت منظمة النديم لعلاج ضحايا التعذيب أن عصام لقي مصرعه داخل السجن نتيجة التعذيب. وبهذه المناسبة دشن حقوقيون ومجموعة من الشباب والفتيات الذين تعرضوا للتعذيب حملة "وطن بلا تعذيب" لتوثيق حالات التعذيب بعد الثورة والتقدم ببلاغات إلي النائب العام بكل حالات التعذيب التي وقعت منذ 52 يناير الماضي بالإضافة إلي تدشين فعاليات للتعريف بحقوق المعذبين وتنظيم مظاهرات وسلاسل بشرية لتعريف المجمتع بزيادة حالات التعذيب خلال الفترة الماضية. أحمد سيف الإسلام مدير مركز هشام مبارك للقانون وأحد مؤسسي الحملة قال إن الأرقام الواردة بتقرير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف في الثلاثة أشهر الأخيرة كذلك المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تشير إلي استمرار التعذيب، وأنه شمل الجميع سواء كانوا مواطنين أو بلطجية أو حتي تيارات سياسية مشيرا إلي أن المعيار الحقيقي لانتهاء التعذيب هو إيقاف ممارسته علي البلطجي أو تاجر السلاح أو حتي تاجر المخدرات، وليس فقط وقف ممارسته علي السياسيين مؤكدا أن التعذيب في حد ذاته لا يكون هدفاّ للحصول علي معلومات لكنه يكون بغرض التخويف. وشدد سيف الإسلام علي ضرورة الضغط من أجل النص علي حقوق للمعتقلين والمحتجزين في مسودة الدستور الأولية التي صدرت أخيرا دون نصوص تفصيلية لحماية المواطنين من التعذيب مثل الحق في الاتصال بالأهل، والحق في أماكن احتجاز قانونية، وتفعيل الرقابة والتفتيش علي الأقسام وأماكن الاعتقال من قبل جهات مستقلة. ومن جانبها قالت هند نافع من مؤسسي الحملة إنها قررت تدشين الحملة لما تعرضت له علي يد قوات الأمن من تعذيب جسدي بعد اعتقالها في أحداث مجلس الوزراء، وما تعرضت له لاحقا حين نقلت إلي المستشفي العسكري. كما اشترك في الحملة أيضا محمد عطا شقيق شهيد التعذيب عصام عطا الذي أكد أنه اشترك في هذه الحملة بسبب ما حدث لأخيه وقبله خالد سعيد وسيد بلال وغيرهم موضحا أن بعض السجون تجبر المعتقلين علي شرب ماء مختلط بصابون تحت دعوي الكشف عن ممنوعات، ما قد يودي بحياتهم. وسرد أحمد طه وهو طالب من أعضاء الحملة ما عاناه بعد إلقاء القبض عليه في جنازة عصام عطا، وقال إنه تم احتجازه في دار القضاء العالي والاعتداء عليه جنسيا، قبل أن يتحول إلي مكان احتجاز آخر قضي فيه سبعة أيام. وقال أحمد المصري المحامي الحقوقي إن الحملة سوف تقيم عدة فعاليات في الشارع وستكون بدايتها في 72 أكتوبر الحالي وستكون هناك تظاهرات بميدان التحرير وشارع محمد محمود كرمز للتعذيب. آخر ساعة التقت أيضا إحدي أمهات المحتجزين لاتهامه بخرق حظر التجول وهي الحاجة "أم حسن" التي تسعي ليل نهار للإفراج عن ابنها الأكبر حسن أحمد من السجن. وقالت أم حسن التي قضي ابنها أحد عشر شهرًا في السجن "وجوده في السجن مرار وخروجه من السجن مرار أكبر و مصيبتنا جت في عيالنا". تروي أم حسن حكاية القبض عليه يوم 01 مارس 1102 فتقول: رأيت ولدي يختطف من قبل الشرطة العسكرية بجوار المنزل، نزلت جريًا رجوتهم أن يتركوه ولا يأخذوه فهو يعول أخويه الصغيرين، لكنهم أصروا علي القبض عليه وألقوا به داخل دبابة، بكيت وقبلت الأرض تحت أقدامهم ولكنهم لم يتركوه". وأشارت إلي أنه خلال الفترة التي سجن فيها حسن كان عليّ تدبير متطلباته داخل السجن، مما اضطر مجدي شقيقه الأصغر (11عاما) إلي ترك الدراسة والالتحاق بالعمل للوفاء بمتطلبات البيت وزيارات السجن البعيد فلم نكن نتذوق الأكل ولا الشرب عشان نوفر فلوس الزيارة. وتابعت "لم تكن الرحلات سهلة حيث الجلوس في الشمس أو تحت الأمطار في انتظار قيادات المجلس العسكري، رحلات طويلة ومكلفة للفيوم كل أسبوع لزيارة ابنها، ومراقبة التحولات التي تطرأ بتسارع علي شخصيته (صار ميالاً للعنف والقسوة) ورواية الحكاية المؤلمة مرارًا في كل مؤتمر أو وقفة". وأضافت " إلا أن الرحلة الطويلة للأم والجهود المستمرة من أجل الإفراج عنه أسفرت عن تخفيف الحكم عن ابنها في يناير 2102 بعد الطعن علي الحكم السابق، من 5 سنوات إلي سنة واحدة وبالفعل تم الإفراج عنه ولكنه تحول إلي شخص آخر لا يعرف الرحمة، والقسوة ملأت قلبه وأصبحت لا أتواجد في المنزل خوفاّ من بطشه وقسوته". وأصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقريراّ مفصلاّّ عن حالات التعذيب التي تمت في السجون المصرية أثناء الثورة التي جري فيها قتل عدد كبير من السجناء بشكل جماعي بواسطة ضباط السجن وذلك في الفترة ما بين 92 يناير و02 فبراير 1102 مما أسفر عن مقتل أكثر من 001 سجين وإصابة مئات النزلاء الآخرين داخل هذه السجون وحدها. وتكشف الأدلة الواردة في هذا التقرير عن نمط متشابه من قتل السجناء داخل هذه السجون لم يقتصر علي الاستخدام المفرط وغير القانوني للأسلحة النارية بواسطة ضباط السجن وإنما امتد إلي توجيه مجري الرصاص إلي داخل عنابر السجن والزنازين وضد سجناء غير مسلحين. كما تشير الدلائل الواردة في التقرير إلي أن قتل السجناء وتحديدا في سجون "طرة" والاستئناف في القاهرة، و"القطا" في الجيزة، و"شبين الكوم" في المنوفية، و"الأبعادية" في دمنهور كان في أغلبه متعمداً ولم يكن مرتبطًا علي الإطلاق بمحاولات هروب أو أثناء التصدي لحالات تمرد داخل السجون. وقال التقرير حتي إن احتجت سلطات السجون بأن استعمال القوة كان له ما يبرره من أجل منع هروب السجناء وهو ما لم يثبت في أي من السجون الخمسة محل الدراسة فإن القانون ينص علي أن لحراس السجن الحق في استخدام الذخيرة الحية في مواجهة محاولات الهروب فقط في الحالة التي لا تتوفر فيها وسيلة بديلة، وبعد توجيه إنذار بإطلاق النار، وعبر توجيه الرصاص إلي ساق السجين. غير أن الدلائل الواردة في هذا التقرير تظهر أن إطلاق النار في هذه السجون كان في أغلبه يستهدف الجزء الأعلي وليس الأسفل من أجساد الضحايا. في سجن القطا علي سبيل المثال، تضم قائمة السجناء القتلي الصادرة عن نيابة شمال الجيزة الكلية أسماء 33 سجينًا لقوا مصرعهم في الفترة من 52 يناير إلي أول مارس 1102 منهم 13 سجينًا أشارت القائمة إلي أنهم لقوا مصرعهم نتيجة الإصابة بطلق ناري (أي بالذخيرة الحية)، وكانت الإصابة في 41 حالة منهم إما في الرأس أو الوجه أو الرقبة؛ في حين كانت إصابات 41 سجيناً آخرين في الصدر والبطن والظهر، أي أن 82 من أصل 13 سجيناً في قائمة النيابة تعرضوا لإصابات قاتلة في الجزء الأعلي من أجسادهم. كما أن أغلب حالات إطلاق الرصاص لم يسبقها توجيه أي إنذار للسجناء. وهو ما يشير مرة أخري إلي أن الهدف من إطلاق النار لم يكن منع السجناء من الهرب، وإنما القتل العمد. وكان مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب أصدر تقريرًا بعنوان »100 يوم من الاعتقال والتعذيب وفض الاعتصامات بالقوة والقتل خارج القانون« عرض التقرير 247حالة منهم 34 قتلوا علي أيدي رجال شرطة منها حوادث قتل في أقسام الشرطة وفي السجون. و88 حالة تعذيب أشهرها ما حدث في أحداث السفارة الأمريكية من تعرض بعض المواطنين للتعذيب بعد احتجازهم في معسكر الأمن المركزي.و7حالات هتك عرض و65 حالة اعتقال عشوائي و10مداهمات لمنازل وفض 10 اعتصامات بالقوة وإطلاق النار علي 12 مواطنا ولمعرفة حقيقة هذه الأرقام التقينا بالدكتورة سوزان فياض الطبيبة بمركز النديم التي قامت بإعداد هذا التقرير. تقول سوزان فياض: مصادر هذه الأرقام متنوعة فهناك حالات وصلت لمركز النديم وحالات لدي جمعيات أخري شقيقية وحالات توصل إليها المحامون العاملون في المركز سواء كانت في النيابة العامة أو الطب الشرعي هذا فيما يخص حالات التعذيب والاعتقال أما حالات فض الاعتصام فأخبارها منشورة في الصحف وعلي شاشات الفضائيات . وأضافت: أنا علي يقين أن هناك ضحايا أكثر من ذلك بكثير فهولاء من استطاعوا أن يصلوا بشكواهم لجمعيات حقوق الإنسان ومن المؤكد أن هناك حالات في المحافظات الأخري والقري والنجوع لم نسمع عنها شيئا فمن أرسل إلينا 3 أو 4 محافظات فقط. وعن حالات القتل تقول: اختلفت طريقة القتل بين القتل باستخدام سلاح ناري أو الوفاة نتيجة التعذيب ومن بينها وفاة مواطن أمام قسم شرطة ميت غمر، ووفاة طالب الإعدادي في المحلة الكبري. أما حالات الاعتقال العشوائي فأغلبها لعمال وطلاب ومدرسين وهنا يتضح لنا أن الأمن الوطني عاد للحياة مرة أخري. تعرض عدد منهم كذلك لفض الاعتصامات بالقوة حيث أكد التقرير أن المائة يوم الأولي من حكم الرئيس محمد مرسي شهدت فض 10 اعتصامات بالقوة منها فض اعتصام طلاب جامعة النيل . أما المداهمات فقد وثق المركز لأكثر من 10 مداهمات قامت بها قوات شرطية أشهرها في رملة بولاق التي داهمتها الشرطة أكثر من مرة، وقال الأهالي إن الشرطة قامت بالتعدي علي ممتلكاتهم وإتلافها والتعدي بالضرب والتعذيب علي عدد منهم واعتقال عدد آخر. وأضافت وسط كل هذا أين ادعاءات وزير الداخلية بأن الشرطة أكثر احتراما لحقوق الإنسان فكل ما رصدناه يؤكد أنه لم يحدث إعادة هيكلة لوزارة الداخلية الأخطاء مازالت كما هي حتي الآن فهذه الأرقام تؤكد أن التعذيب بفجاجة ولا يضاهيه إلا معدلات التعذيب في آواخر أيام مبارك خاصة في عام 2009 فكل ما تدعيه وزارة الداخلية من تحسن في أوضاع حقوق الإنسان هو تضليل واضح. محمد زارع رئيس لجنة الشكاوي بالمجلس القومي لحقوق الإنسان قال: لا أستطيع الجزم بوقوع كل هذه الحالات بعينها وأنا أيضا في حل من الدفاع عن وزارة الداخلية ولكن مركز النديم يتمتع بمصداقية عالية خاصة في مجال قضايا التعذيب .