التوتر السياسى يرفع بورصة الكويت لمستويات تاريخية

أغلق المؤشر الرئيسى لبورصة الكويت، اليوم الثلاثاء،على أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2010 رغم التوتر السياسى الذى تعيشه البلاد منذ أمس وهو ما أثار شكوكا قوية لدى الأوساط الاقتصادية والمحللين حول تدخلات سياسية فى تداولات البورصة.
وأعاد الحكم الذى قضت به محكمة كويتية أمس بسجن المعارض البارز مسلم البراك خمس سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمة المساس بالذات الأميرية بعض الزخم للحراك السياسى الذى انطلق فى أكتوبر الماضى فى مواجهة السلطة.
ورغم هذا الحكم وما صحبه من ردود فعل إلا أن المؤشر الرئيسى لبورصة الكويت أغلق اليوم مرتفعا 1.32% إلى 7043.84 نقطة، وهو أعلى مستوى له فى 30 شهرا، كما صعد مؤشر كويت 15 بنسبة 0.21% إلى 1060.96 نقطة.
ورجح محللون أن تكون المحفظة الوطنية التى تملكها الهيئة العامة للاستثمار التى تمثل الصندوق السيادى لدولة الكويت وراء هذه الارتفاعات التى لا سند لها من أخبار الشركات أو عوامل الاقتصاد.
وقال المحلل المالى نايف العنزى لرويترز إن ارتفاع البورصة اليوم "مصطنع لمواجهة تداعيات حكم (المحكمة على البراك) أمس".
وأكد العنزى أن الصندوق السيادى يهدف "لتوصيل رسالة اطمئنان" للمتداولين أنه لن يتم السماح بترك البورصة وحدها دون مساندة فى مواجهة عوامل السياسة مبينا أن "الارتفاعات كانت مبالغ فيها والرسالة كانت مبالغ فيها أيضا".
وشهدت الكويت فى الثلاثة اشهر الأخيرة من العام الماضى احتجاجات سياسية غير مسبوقة اعتراضا على تغيير نظام الانتخابات من خلال مرسوم أميرى، وليس من خلال تشريع برلمانى، وهو ما رفضته الغالبية العظمى من قوى المعارضة التى رفضت أيضا المشاركة فى الانتخابات التى جرت فى ديسمبر الماضى، والتى جرت طبقا للنظام الجديد.
ورغم أن الانتخابات التى جرت فى ذلك الحين، أفرزت برلمانا يوصف بالموالى للحكومة، إلا أن المعارضة فشلت فى مواصلة تحركاتها، كما فشلت فى توحيد صفوفها، وهو ما انعكس فى ضعف تحركاتها على مستوى الشارع.
وتجاوب سوق الكويت للأوراق المالية مع الهدوء النسبى الذى شهدته الساحة السياسية، وارتفع 18.7% منذ بداية العام الحالى وحتى إغلاق اليوم طبقا لحسابات رويترز.
وتزايدت حدة ارتفاعات المؤشر فى الأسابيع الأخيرة مع ظهور مؤشرات قوية على توافق حكومى نيابى على قضايا كانت توصف بالحساسة فى حكومات سابقة من أهمها ملف قروض المواطنين الاستهلاكية، الذى تم تسوية جزء كبير منه من خلال قانون صندوق الأسرة، الذى أقر هذا الشهر بكلفة تتحملها الحكومة تصل 744 مليون دينار.
وفى الوقت الذى حذر فيه محللون من أن معاقبة البراك يمكن أن توحد المعارضة، وتطلق موجة احتجاجات جديدة سعت الحكومة لاحتواء ردة الفعل الشعبية على الحكم، فلم تحاول إيقاف المسيرة الليلية التى انطلقت أمس، وشارك فيها الآلاف تأييدا للبراك.
ويسعى نواب البرلمان ووزراء الحكومة خلال الفترة الحالية إلى إقرار تشريعات يشعر بها المواطنون حتى لو تحملت خزانة الدولة تكاليف باهظة ثمنا لذلك، لاسيما أن الكويت عضو منظمة أوبك حققت فائضا قدره مليار دينار خلال العشرة أشهر الأولى من السنة المالية الحالية 2012-2013، التى بدأت فى أبريل، وذلك بفضل إيرادات النفط القوية.
ووافقت اللجنة المالية البرلمانية أمس على معاشات استثنائية، ومكافآت للعسكريين المتقاعدين من ضباط صف وأفراد.
وقال المحلل المالى محمد الثامر "واضح أن طلعة السوق (اليوم) مسيسة، وخلفها رسالة أن الأمور تسير من حسن إلى أحسن".
وقال العنزى، إن أى رفع مصطنع للأسعار سيكون له "مخاطر وانعكاسات سلبية.. وسوف نشاهد لونا أحمرا بانخفاضات كبيرة وعمليات جنى أرباح سريعة".
وحذر الثامر من أن رفع أسعار الأسهم لمستويات "غير واقعية" سوف يدخل السوق فى "متاهة" مستقبلا، بعد أن تنقضى الأغراض السياسية لمن يرفعونه حاليا.