توقع محللون استمرار حالة التفاؤل التي تعيشها سوق الكويت للأوراق المالية منذ أسابيع والتي دفعت المؤشر الرئيسي لمستويات تاريخية غير أنهم لا يستبعدون حدوث عمليات تصحيح خلال الأيام القليلة المقبلة. وقالوا لرويترز إن هذا الزخم ناتج بشكل أساسي عن عمليات مضاربية تجد بيئة حاضنة لها مع استقرار الأوضاع السياسية في البلاد لاسيما الهدوء الحاصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهو استقرار كانت البورصة تبحث عنه منذ أشهر. ونجحت الحكومة خلال فبراير شباط الماضي في إقناع البرلمان بتأجيل ثلاثة استجوابات لوزراء المالية والداخلية والمواصلات لدور الانعقاد المقبل وهو ما اعتبر عمليا مهلة جديدة للحكومة لمدة أشهر وفرصة لترتيب ملفاتها وتقديم ما يقنع النواب والجماهير لاسيما في ملف التنمية. وارتفع المؤشر الرئيسي لبورصة الكويت خلال الأسبوع الجاري 158.18 نقطة تمثل 2.4 في المئة مقارنة بما كان عليه الأسبوع الماضي وأغلق يوم الخميس عند 6732.96 نقطة. وفي المقابل هبط مؤشر كويت 15 الذي يقيس أداء الأسهم القيادية خلال نفس الفترة ثلاث نقاط تمثل 0.3 في المئة ليغلق اليوم عند مستوى 1027.71 نقطة. ويعزو المحللون تباين أداء المؤشرين إلى النشاط المضاربي القوي على الأسهم الصغيرة الذي يقابله عزوف عن الأسهم القيادية والكبيرة. وقال مثنى المكتوم نائب مدير الصناديق الاستثمارية في شركة الاستثمارات الوطنية لرويترز إن 90 في المئة من نشاط السوق مضاربي وهذا أمر "غير طبيعي" لكن من الناحية الفنية لا بد أن يكمل السوق ارتفاعه مادام هناك تفاعل من المتداولين مع هذه الارتفاعات. وأضاف المكتوم أن هناك "أموالا ساخنة" تدخل البورصة وترفع قيم التداولات اليومية بسبب تدني العائد على الودائع في البنوك. وخفض بنك الكويت المركزي في الرابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي سعر الخصم بمقدار 50 نقطة أساس إلى اثنين بالمئة بهدف تعزيز القطاع المصرفي ودعم الاقتصاد والمضي قدما في خطط الإصلاح وتشجيع الاستثمار. وطبقا لحسابات رويترز فقد ارتفع متوسط قيم التداولات اليومية إلى 65.1 مليون دينار (228.9 مليون دولار) خلال هذا الأسبوع من 47.2 مليون دينار خلال الأسبوع الماضي. وقال علي النمش المحلل المالي إن الأسهم القيادية تعطي أرباحا سوقية تتراوح بين عشرة بالمئة و15 بالمئة شهريا بينما الأسهم الصغيرة ترتفع بنسبة 100 في المئة مضيفا أن كثيرا من المضاربين في البورصة جاءوا من القطاع العقاري الذي تضخمت أسعاره ويحملون معهم "نفس النهج والنفس المضاربي قصير الأمد". ويرى نايف العنزي المحلل المالي أنه لا يوجد سبب واضح للارتفاعات المتتالية للمؤشر الرئيسي للبورصة وأسهم الشركات الصغيرة التي تضاعفت أسعار بعضها ثلاث مرات خلال أسابيع رغم معاناة هذه الشركات من وطأة الديون وغياب الاستثمارات الحقيقية. ورجح العنزي أن تكون الارتفاعات الحالية ناتجة إما عن "رفع مصطنع" من قبل صناع السوق بهدف التخارج من هذه الأسهم أو عن تدخل حكومي بهدف خلق حالة من التفاؤل بمستقبل البلاد في ظل الحكومة الحالية والبرلمان الموالي لها. وقال إنه إذا كانت المحافظ والصناديق الحكومية هي من يقوم بهذه الخطوات فإنها تبعث "برسالة فاشلة" لأن تحسن الوضع الاقتصادي لا بد أن ينعكس على مجمل البورصة لاسيما الأسهم القيادية وليس الأسهم الصغيرة وحدها. لكن النمش استبعد أي تدخل حكومي في البورصة قائلا إن 70 في المئة من التداولات يقوم بها أفراد وليس شركات أو صناديق أو مؤسسات خاصة أو حكومية. ويوجد للحكومة أذرع مختلفة تستطيع من خلالها التأثير على تداولات البورصة أهمها المحفظة الوطنية وقيمتها 500 مليون دينار وهي تابعة للهيئة العامة للاستثمار التي تمثل الصندوق السيادي لدولة الكويت إضافة إلى عدد من المؤسسات الحكومية الأخرى التي تمتلك أسهما استراتيجية في عدد من الشركات الكبرى المدرجة في البورصة. ورغم ندرة التصريحات الحكومية بشأن استراتيجية هذه المؤسسات في التعامل مع البورصة إلا أن محللين يقولون إنها تستهدف عادة الأسهم القيادية بغرض الاستثمار طويل الأجل وإحداث توازن في السوق ولا تسعى عادة للمضاربة قصيرة الأجل التي يقوم بها متداولون أفراد أو مجموعات استثمارية متحالفة مع بعضها البعض. ولم يستبعد المحللون إمكانية حدوث "تصحيح" يهبط بالمؤشر الرئيسي خلال الأسبوع المقبل بعد الارتفاعات المتتالية طوال الأسابيع الماضية. وأنهى المؤشر السعري الرئيسي صعودا استمر ثلاثة أسابيع وأغلق متراجعا 0.04 في المئة اليوم الخميس وهو ما اعتبر مؤشرا على إمكانية حدوث تصحيح. وقال المكتوم إن ما حدث اليوم "يعطي مقدمة" لعمليات جني أرباح لكنه توقع ألا تكون الانخفاضات القادمة حادة وإنما تدريجية. وتوقع ألا يغير السوق اتجاهه بشكل واضح قبل منتصف الربع الثاني لأن له دورة بين الهبوط والارتفاع لا بد أن يكملها. لكن العنزي قال إن حدوث عمليات تصحيح بعد الارتفاعات المتتالية أمر منطقي في حين أن صعود السوق الكويتية بشكل مستمر "يستدعي الشك والريبة" لأنه يخالف القواعد الطبيعية لعمل الأسواق. ورجح النمش حدوث "استراحة" للسوق خلال الأسبوع المقبل لكنه شدد على أن هذه الاستراحة ستكون قصيرة الأمد ليعود المؤشر للصعود من جديد على وقع نتائج الربع الأول من العام الحالي. وأكد النمش ان هذه النتائج ستكون أفضل من سابقتها لاسيما في قطاعي الاستثمار والعقارات لأنهما سيستفيدان من تحسن الأصول المدرجة في البورصة وهو ما قد يدفع هذه الشركات لتحرير بعض مخصصاتها التي جنبتها سابقا بسبب تراجع قيم الأصول مما سيضيف لها أرباحا جديدة. (الدولار = 0.2844 دينار كويتي) (من أحمد حجاجي (تغطية صحفية أحمد حجاجي - تحرير عبد المنعم هيكل)