زمان لما كنت بنزل من البيت كانت ماما تقولى ربنا يكرمك ويوقفلك ولاد الحلال ويكفيكى شر طريقك، وكمان كانت دايماً تقولى امشى فى وسط الناس، أما دلوقتى بقى لو نازلة رايحة شغلى ولا حتى أجيب حاجة من تحت البيت، تقولى خدى بالك من نفسك وابعدى عن العربيات بيخطفوا البنات ومتمشيش جنب حد وربنا يبعد عنك ولاد الحرام، و30 تليفون بقى لغاية ما أوصل، وكأنى مسافرة برا مصر لدرجة إنى ببقى ماشية عينى فى وسط راسى، بس لقيتها مش ماما لوحدها ده حتى جارنا الغلبان اللى بينزل بعد الفجر يروح شغله عشان ياخد الكام ملطوش يربى بيهم عياله، وهو نازل يقول لمراته عايزين حاجة وأنا جاى بقى يقولها لو جرالى حاجة خدى بالك من نفسك ومن العيال، ويبقى ماشى شايل الهم وخايف حد يثبته فى الشارع، وفى نفس الوقت شايل هم اللى سايبهم فى البيت ليرجع ميلقهومش، والتانى اللى كان كل يوم ينزل مبتسم ويصبح على كل الشارع ويهزر مع عم أحمد وينكش عم جرجس دلوقتى بقى ماشى يكلم نفسه ومش شايف اللى حوليه. ورغم أن كل حاجة بأمر ربنا إلا أن الفكرة مبقتش خوف من الموت لا كلنا معرضين ليه فى أى لحظة لكن بقى الخوف من السرقة والاغتصاب والخطف والفدية والدبح، حاجات كنا بنشوفها فى الأفلام وقلبنا كان بيتقطع، دلوقتى بنشوفها فى الواقع كل يوم وكأننا عاصمة شيكاغو ولا بلد نمنم، فالمجتمع سيطر عليه حالة من انعدام الإنسانية والأخلاق لدرجة تطرح التساؤلات. كيف تفشى هذا الرعب وسيطر على المجتمع؟ طيب هما المجرمين دول كانوا فعلا عايشين فى مجتمعنا قبل كده؟ طيب هل الديمقراطية جعلت منا مجتمعا يظهر أسوأ ما فيه؟ وأين المسئولون عن حماية مصر؟ فدائما ما أسمع أنه تم ضبط مش عارف كام متهم حاولوا سرقة معرفش ايه دون الضرر بالبنك مع العلم أن بيكون فيه موظف غلبان راح ضحية لكن محدش بيجيب سيرته! الشرطة تلقى بالقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين ولا ضرر بالمنشآت العامة! الجيش يسيطر على الأمور ويحمى المنشآت العامة! وزارة الداخلية تعلن مسئوليتها عن حماية المنشآت العامة! الرئاسة تدين أعمال الشغب والتخريب بالمنشآت العامة! هل آخر ما توصلت له الطبقة الحاكمة بمختلف أنواعها هو القدرة على حماية المنشآت العامة المكونة من شوية طوب وأسمنت على كام عمود حديد عز؟! لهذه الدرجة أصبح دم المواطن ببلاش! ولكن لماذا يصمت المواطن حتى الآن؟ هل سيظل هكذا ثلاثين عاما مرة أخرى أم أنه سيثور ويقلب النظام؟ ولكن هل سنصل لما نريد حرية وعدالة اجتماعية أم أنها مجرد شعارات تسقط بعد تغيير كل نظام؟ وكما تبقى لنا من النظام السابق فلول ومن الحالى يتراكم إخوان ليصبح المجتمع فلولا وإخوانا وبلطجية والبقية تأتى. فنحن مجتمع نحتاج أن يحرر ذاته قبل أن يحرر وطنه.