قبل ثلاثة أيام بالضبط، لم تكن لتجد مقعدًا خاليًا في معظم مقاهي القاهرة، أثناء مواجهة ليفربول مع مانشستر سيتي، في ذهاب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، والفضل في ذلك الاهتمام لم يكن فقط لقيمة المواجهة الهامة في البطولة القارية الأبرز على سطح الأرض، ولكن للظهور المعتاد للنجم المصري محمد صلاح هداف فريق ليفربول. غاب صلاح عن ديربي مدينة ليفربول، الشهير في الأراضي الإنجليزية بديربي "ميرسيسايد" بين ليفربول وإيفرتون، وغاب معه الاهتمام المصري بالمباراة، فمواجهات ليفربول مهما كانت قيمتها، لا تعني شيئًا عند قطاع كبير من المصريين بدون صلاح. "هو اللي مشغّل لي القهوة".. هكذا افتتح أبو هشام مالك أحد المقاهي بحي الهرم حديثه عن الفارق بين مواجهات ليفربول في وجود صلاح وفي غيابه، حيث أشار إلى مقاعد قهوته الخاوية، مؤكدًا أنه لم يكن قادرًا على مجاراة متطلبات الزبائن خلال مواجهة الأربعاء الماضي التي شهدت تألق صلاح بتسجيله هدفًا وصناعة آخر، قبل خروجه مصابًا في الدقيقة الثانية والخمسين من عمر المباراة، وهي ذات الدقيقة التي انصرف معها اهتمام قطاع من المتواجدين عن التركيز مع اللقاء. أكمل أبو هشام حديثه عن نجم ليفربول: "صلاح وش الخير علينا، عارف المباراة اللي بيلعب فيها صلاح بتفرق معاية بكام؟ 1000 جنيه، انا بقيت باستنى مباريات صلاح كل أسبوع، ربنا يزيده". أصبحت مواجهات ليفربول حدثًا يجمع المصريين بمختلف أطيافهم، ليس فقط لمشاركة النجم المصري بقميص أحد عمالقة أوروبا، وهو ما كان في حد ذاته حلمًا قبل سنوات، ولكن لتألقه المبهر الذي فاق أكثر أحلام المصريين تفاؤلًا. لو توقع أحد الأشخاص قبل انطلاق الموسم الكروي أن يتصدر النجم المصري بأريحية سباق هدافي المسابقة المحلية الأشهر، وأن يناطح بأرقامه الثنائي الأسطوري كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي نجمي ريال مدريدوبرشلونة، لنالته ضحكات السخرية، ولاتهمه البعض بأن علاقته بكرة القدم أشبه بعلاقة صلاح نفسه بكرة الماء. 38 هدفًا سجلهم محمد صلاح في مختلف المسابقات بالموسم الحالي، بينهم 29 هز بهم شباك منافسيه في بريميرليج، ليتصدر سباق الحذاء الذهبي لأفضل هداف أوروبي، متفوقًا على أشهر مهاجمي العالم، ومقتربًا من كسر هيمنة نجوم برشلونة وريال مدريد على الجائزة. يرى عادل كريّم الصحفي الرياضي ومشجع ليفربول منذ أكثر من ربع قرن أن شعبية ليفربول ارتفعت كثيرًا منذ انضمام صلاح في الصيف الماضي، مؤكدًا أنه استيقظ على اتصالات هاتفية صباح اليوم يستفسر أصحابها عن تواجد صلاح في قائمة ليفربول لمواجهة إيفرتون، بعد الأنباء التي أكدت نية المدير الفني يورجن كلوب إراحته وعدد آخر من نجوم الفريق، ليكونوا جاهزين بشكل أفضل لموقعة الإياب أمام سيتي يوم الثلاثاء المقبل. وأضاف كرّيم: "سأضرب لك مثالً بسيطًا، إسأل العديد ممن تابعوا أدق تفاصيل فريق روما في الموسمين الماضيين عن مركزه في جدول ترتيب دوري الدرجة الأولى الإيطالي بالموسم الحالي، لن يعرف معظمهم الإجابة، ارتباطهم بروما اقتصر على تواجد صلاح"، وأكمل ضاحكًا: "الآن انضموا إلينا في تشجيع الريدز". غياب محمد صلاح عن مواجهة إيفرتون مثّل عنصرًا فارقًا في التغطية الصحفية للمواجهة، فاللقاء أصبح عاديًا لا يحتاج سوى لخبر قصير عن نتيجة المباراة وأحداثها، بعدما كانت مواجهات ليفربول تعني التأهب طوال دقائق المباراة التسعين، لملاحقة الأهداف التي يسجلها ويصنعها الجناح المصري بشكل دائم، وكذلك أرقامه القياسية التي أصبحت أمرًا معتادًا في الأسابيع الأخيرة. عم علي مالك مقهى آخر وافق أبو هشام في حسرته على غياب صلاح عن المواجهة: "أديك شايف يا أستاذ، مفيش حد مركز مع الماتش، لما عرفوا ان صلاح مش هايلعب كل واحد شاف هايعمل ايه، المباراة مالهاش طعم من غيره". وأكمل عم علي حديثه: "لما صلاح بيلعب مش باعرف الاحق على طلبات الزباين، من وقت ما راح ليفربول ومبارياته بقت أهم حاجة بالنسبة لنا، حتى ريال مدريدوبرشلونة اللي الناس كانت بتتخانق معانا علشان نجيبهم، لو مباراتهم في نفس معاد مباراة ليفربول، مفيش حد بيطلبها". انتهت مواجهة ليفربول وإيفرتون بدون أهداف في غياب صلاح الذي اطمأن الجمهور المصري عليه، عقب بيان ليفربول أمس الذي أكد على جاهزيته لمواجهة إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي بعد تعافيه من الإصابة الطفيفة التي تعرض لها يوم الأربعاء الماضي أمام الفريق ذاته، لتنتظر مقاهي القاهرة ليلة سعيدة بطلها صلاح يوم الثلاثاء المقبل.