5 ملايين مصرى لا تعترف بهم الدولة.. إنهم الصم والبكم, فصيل من المصريين لا يختلفون فى شىء عن أقرانهم من أبناء شعب النيل, لكنهم فى عداد الأشباح من وجهة نظر الدولة التى لا تراهم, رغم نسب الذكاء المرتفعة و التى يحظون بها, وفقا لتأكيدات المتخصصين, كما أن لديهم قدرات خاصة وحساً وطنياً عالياً ظهر فى أحداث ثورة يناير.."فيتو" راحت تلامس أرض الواقع التماسا للحقائق, فغاصت فى عالم الصم والبكم فى مصر, وعايشت البعض منهم لترسم لكم الصورة التالية. مثل غيرها من الحقائق, يتعذر الوقوف على رقم صادق يرصد عدد الصم والبكم فى مصر, والتقديرات تقول إنهم ما بين اثنين إلى ثمانية ملايين شخص, وأبرز ما يواجههم من مشاكل هو الحصول على فرصة عمل, فالناس تنظر إلى الأصم والأبكم على أنه متخلف عقليا لا يستطيع إنجاز عمل ما, فضلا عن عدم اعتراف الدولة – مؤسساتها – بحقوقهم فى التعليم والصحة وممثلين عنهم بالبرلمان واتحادات رياضية خاصة, وما إلى غير ذلك من حقوق يفترض أن تكفلها لهم الدولة. من داخل مدرسة الأمل للصم والبكم, قال محمود البحيرى , موجه الإعاقة السمعية بإدارة التربية الخاصة بمديرية تعليم القليوبية: تلاميذ مدارس الصم والبكم يحتاجون لمقررات ومناهج خاصة, وهى الحقيقة التى يتجاهلها القائمون على التعليم فى مصر, فهؤلاء الطلاب يدرسون نفس مناهج أقرانهم الأصحاء القادرين على الكلام و السمع, و ذلك فى المرحلة الابتدائية, أما فى المرحلة الإعدادية فيدرسون دراسة أعدت للمتخلفين عقليا و مناهج مخصصة للفاشلين فى التعليم العام, رغم أن نسبة ذكاء الأصم والأبكم قد تفوق نسبة ذكاء قرينه الذى يمكنه الاستماع والتحدث! .. ويواصل البحيرى: المعلم فى هذه المدارس غير مؤهل فالمدرس يأتى إلينا طمعا فى الحافز الذى يتعدى 55%, فضلا عن "السفريات" و المنح التى تقدمها الدول الأوروبية و العربية للعاملين فى هذا المجال.. و الغريب أن الطلبة هم من يعلمون المدرسين ! نادية عبد الله – أول محامية متخصصة فى قضايا الصم والبكم فى مصر- والمولودة لأسرة جميع أفرادها من الصم والبكم عدا شقيقها تتذكر بداية مشوارها مع قضايا الصم والبكم، وتقول إن القضية التى مثلت نقطة تحول كبرى فى حياتى العملية وشغلت الرأى العام المصرى طيلة أشهر طويلة هى قضية قيام عدد من الصم باختطاف فتاة صماء ثم قتلها فقد كانت جريمة بشعة بكل المقاييس.. تلك الجريمة البشعة طرحت عدة أسئلة هامة، وهى كيف يتفاهم الصم مع القضاة وهل هناك محامون قادرون على فهم لغة الإشارة لتولى مهمة الدفاع عنهم فيما يرتكبونه من جرائم؟ وبالطبع فإن الأمر لم يكن يتعلق بتلك القضية فقط خاصة أن الذى لا يعرفه كثيرون أن بمصر وحدها ما يقرب من ثلاثة ملايين أصم جميعهم يخشى أن يضطر يوما إلى الذهاب إلى المحكمة لأنه يدرك جيدا عدم وجود محام يفهم لغة الإشارة وبالتالى يفضل الامتناع عن الذهاب إلى المحكمة وإن كان معه الحق. علاء الدين السيد، مدير مؤسسة «الصرخة»، لرعاية الصم وضعاف السمع وذوى الاحتياجات الخاصة، أكد أن الصم والبكم فى مصر مازالوا يعانون من تجاهل الدولة لهم، ومن معاملتهم بشكل عشوائى، و قال: حتى الآن لدينا 28 مدرسة لتعليم الصم وضعاف السمع، فيها خمسة مدرسين فقط يعرفون لغة الإشارة وهى «فاجعة ومصيبة كبرى»، بحسب تعبيره. وأكد أن الدولة لم تهتم بتعليم المدرسين لغة الإشارة، وتجاهلت تعيين المدرسين الذين يجيدون تلك اللغة. وشدد علاء على ضرورة توفير العمل المناسب من خلال التعرف على قدرات الصم وضعاف السمع «حتى لا يتحولوا إلى بركة فى البيوت ويصبحوا عالة على المجتمع»، وتساءل: لصالح من يتم تجاهل هذه القوة المنتجة فى المجتمع وتحويلها إلى فئات مستحقة للشفقة والعطف؟ دكتور أحمد يونس - رئيس المنظمة المصرية لمتحدى الإعاقة – قال: إن الأصم الأبكم ينقصه الوعى إلى حد أنه قد ينظر إلى أى فرد وهو يؤدى الصلاة فلا يدرك أن هذا فرض فرضه الله عليه، ولكنه يظن أنها رياضة تُتبع، ولذلك سعينا عند شيخ الأزهر للحصول على موافقته على ترجمة معانى القرآن الكريم إلى لغة الإشارة.