نشر الروائى الفرنسى الشهير رائعته "مدام بوفاري" في مجلة باريس عام 1856 م، وتبدأ الرواية بدخول الفتى "شارل بوفاري"، إلى مدرسته، "روان" الداخلية، وهو في سن أكبر من طلبة صفه، ويقود منظره الريفي وكبر سنه المعلم والطلبة للاستهزاء به، ثم ينقل إلى دراسة الطب، ويتخرج بعد عثرات، ويفتتح عيادة وتزوجه أمه من أرملة ثرية متقدمة في السن ومريضة في الخامسة والأربعين من عمرها. يستدعى شارل لعلاج قسيس في بروتو، كسرت ساقه وكان ثريا، وهناك يرى ابنة القسيس واسمها "إيما"، والتي قادته إلى حيث يرقد والدها، وقد بدت أنها تكره الريف والعيش فيه، وكانت تلقت دراسة في رعاية راهبات الأورسلين حيث تعلمت دروسًا في الرقص والرسم وعزف البيانو والجغرافيا. تموت زوجة شارل الأولى، فيطلب يد إيما من الأب روو، والذي كان يود أن يكون صهره أكثر غنى من شارل، وبعد استشارة الأب لابنته توافق ويوافق الأب كذلك، ويتزوج شارك وإيما في عرس باذخ ثم يعودان إلى توست، وقد بدت عقدة إيما النفسية، التي ربما نشأت من اعتقادها بأنها قبل الزواج قد دفعت إلى الحب لكنها لم تحصل على السعادة والحب، حتى أنها توهمت أنها على خطأ، فتساءلت: "ماذا تعني عبارات النشوة والعاطفة والهيام التي قرأت عنها في الكتب!" ورأت إيما أن زواجها بشارل لم يتح لها تحقيق ما تتطلع إليه من آمال لأن حياته تسير على نمط واحد، دون إثارة أو تغيير، حاولت إيما أن تقنع شارل بأنها تحبه، فكانت تغني له بعض الأناشيد العاطفية التي حفظتها، لكن انفعاله لم يختلف قبل الإنشاد أو بعده، كان يقبلها في مواعيد محددة، وكأنه يمارس عادة من العادات. بدأت شعلة الحب تخمد من جانب إيما لزوجها، وصارت تتوق إلى الأجواء المخملية، فكانت تبحث عن عالم اللذات والانفعالات العنيفة، وتتمنى الحصول على الشيء وضده! بينما كان شارل ماضيا في خدمة مرضاه، ومرضت إيما وأخذها زوجها إلى "أيونفيل". وصل شارل وإيما إلى القرية الصغيرة واستقبلهما فيها الصيدلي هوميه وأقام احتفالًا لهما في الفندق الوحيد "الأسد الذهبي"، وأعدت لهم حفلة عشاء، وعلى مائدة العشاء جلس أربعة أشخاص، شارل، إيما، الداعي هوميه، وفتى من المدينة شاب جميل يعمل كاتبا عند كاتب العدل أعزب يدرس القانون في باريس هو "ليون" والذي أعجب بجمال إيما ومظهرها الأنيق، وعندما انشغل شارل وهوميه بتناول الطعام، بدأ ليون يتبادل الأحاديث العامة مع إيما، التي بدا لها أنه شغوف بالخيال ويحب المناظر الطبيعية، وبخاصة تلك التي حدثه عنها ابن عمه الذي سافر إلى سويسرا، ووجد كل من إيما وليون أشياء مشتركة بينهما على مدى ساعتين من الحديث أثناء العشاء. ويلاحظ ليون في إحدى المرات، وبعد أن كانت إيما تشعر بميل نحوه، شيئًا غريبا من إيما التي تحدثه عن طيبة زوجها، وأن ربة البيت الصالحة لابد أن ترعى زوجها وبيتها وتهتم بهما، وعندما تسترجع بنتها من عند المرضعة، وعندما يلاحظ ذلك يقول في نفسه: يا له من جنون، كيف السبيل إليها؟ ولكن إيما في الحقيقة كانت تخفى في هذا الزهد والرقة ما يحرق ذاتها من شهوات وغيظ وكراهية. العفة التي اتصفت بها، كانت بسبب كونها زوجة للطبيب، وأن هذه العفة وقفت حائلا دونها ودون تحقيق شهواتها، وأن زوجها لا يستحق كل ذلك! وأنه من واجبها أن تواجه هذا النفاق التي تتظاهر بها. لابد أن تنتهي بالهرب مع ليون من الجحيم الذي تعيش فيه. وفي الوقت نفسه تسأل نفسها ماذا لو لم يستمر ليون في حبي؟؟ ويقرر ليون السفر إلى باريس ليكمل دراسته في القانون، وعلمت إيما مرضت بعد ذلك، ولكن حبا آخر يهبط على قلبها، عندما يحضر إلى بيت الطبيب الثري "رودلف بولانجيه" الأعزب، ذو المغامرات ابن الرابعة والثلاثين، قاصدًا الاستشفاء لغلام يشتغل عنده. والذي يفتن بجمال إيما عندما وقفت تساعد الطبيب أثناء علاج الفتى. وتتوالى الأحداث إلى أن أصبحت هي ورودلف عاشقين كالأزواج، ورأت إيما في عشقها لرودلف نوعا من الانتقام من زوجها، ولكن رودلف لا يلبث أن يملها، ويعلن لها أن زيارتها له قد تسبب بعض الأقاويل حوله. كانت تجربة إيما مع ليون ورودلف تجربة فاشلة، أما تجربتها المادية مع ليريه التاجر فكانت سببًا في دمار الأسرة المادي فقد أغراها بالاستدانة والعلاقات الحميمية، إذ كان يعرف بعلاقتها مع ليون ورودلف وكانت تخشى من أن يفشي أسرارها وأغراها بتدوير الكمبيالات وبالحصول على توكيل مالي عام من زوجها بالتصرف في أمواله. وتسوء حالة إيما الصحية والمالية وذلك عندما يعلن الحجز على أملاك زوجها فتلجأ إلى ليون الذي تلتقيه مرة أخرى في إحدى المناسبات وتعاشره معاشرة الأزواج وتطلب منه المال لكنه يعتذر وكذا الأمر مع رودلف فتعود خائبة لتتناول السم ولا يلبث زوجها أن يكتشف رسائل عاشقيها فيموت وحيدًا وتتشرد ابنتهما الصغيرة لتعمل عاملة في مصنع عند خالتها الفقيرة. الجدير بالذكر أن الرواية منعت من النشر، وتمت محاكمة "فلوبير" بسبب انتهاكها الآداب العامة، بعد أن نشرها في مجلة باريس عام 1856.