رسالة جاءتنى على الموبايل مفادها "وحشتينى يا أجمل ست في مصر". لم أقف أمامها كثيرًا.. فمثل هذه الرسائل تملأ خانة بريد الوارد بتليفونى المحمول.. كنت أستعد لمغادرة مكتبى بدرب الفشارين عندما جاءتنى رسالة أخرى من نفس الرقم تقول: "بجد وحشتينى ياسطوطة وأنا عارف إنك مش عارفة رقمى.. حزرى فزرى أنا مين"". أدركت ساعتها أن الراسل يعرفنى جيدا لكنى آثرت أن أطنشه حبتين.. ولم أكد أصل إلى منزلى حتى جاءتنى رسالة ثالثة تقول "محتاجك أوى في الفترة القادمة فلا تخذلينى" ! وهنا لم أتردد في طلب رقم صاحب الرسائل فوجدت صوتًا هادئًا يقول لى وحشتينى ياست الكل ! قلت: مين حضرتك ؟! قال: عندك حق ماتعرفينيش ياست الهوانم لأنى كنت مقصرًا معك في الفترة السابقة وأعترف بذلك ! قلت: طب مين معايا يافندم ؟! قال: أنا "الحاجة وعكسها" كما تكتبين عنى في مقالاتك ياست سطوطة ! قلت: حبيبى الغالى.. إنت فين يادكتور ياهراب ؟! قال: يعنى عرفتى مين معاكى أهه.. إذن انتى مقتنعة تماما بفكرة الحاجة وعكسها دى ! قلت: طبعا عرفت إن اللى معايا هو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح اللى محير مصر كلها ! قال: والله الشعب هو اللى محير نفسه معايا وأنا لم أحير أحدا ! قلت: ألست أنت من الإخوان وعرفك الناس على إنك ضد الإخوان ؟ قال: نعم لا أنكر ذلك ! قلت: ألم تحارب الإخوان عندما كانوا في الحكم ثم وقفت معهم عندما أخذ منهم الحكم ؟! قال: نعم لا أنكر ذلك ! قلت: ألم تسخر من مرسي عندما ردد أنه الرئيس الشرعى للبلاد وطالبت بعزله ووصفته بالمجنون وبعد أن تم عزله ظهرت لتقول إن مرسي رئيس شرعى للبلاد ولا يجب عزله بهذه الطريقة ووصفت ذلك بالانقلاب ؟! قال: نعم لا أنكر ذلك ! قلت: ألم تطالب الإخوان بفض اعتصام رابعة ووصفتهم بالبلهاء ثم فوجئنا بك ترفع إشارة رابعة مثلهم تماما ؟! قال: نعم لا أنكر ذلك ! قلت: ألم تطعن في دستور الإخوان وطالبت بإعادة صياغته ثم أشدت بلجنة الخمسين وعدت لتنتقدها وتنتقد دستورها وتترحم على دستور الإخوان؟! قال: نعم لا انكر ذلك ! قلت: ألم تقل إن السيسى هو الأنسب لقيادة مصر في الفترة الراهنة ثم عدت لتقول نحن لن نقبل حكم العسكر ؟! قال: نعم لا أنكر ذلك ! قلت: ألم تقل إنك لن تترشح للرئاسة مرة أخرى وعدت الآن لتعلن ترشحك ؟! قال: نعم لا أنكر ذلك ! قلت: إذن أنت الحاجة وعكسها ياعمنا.. زعلان ليه بقى ؟! قال: زعلان علشان ماحدش فاهمنى ! قلت: يعنى انت عايزنا نفهم إيه في أم الكتالوج المتناقض بتاعك ده ياعم تتح ؟! قال: انتى كمان بتقولى تتح زى العيال بتوع الفيس ياسطوطة ؟! قلت: بس انت أكيد كنت عايز مصلحة من وراء الرسائل بتاعتك دى اللى ما كانت عالبال ولا عالخاطر بعد أن نسيتنا مرة واحدة رغم انك كنت تهاتفنى بصفة يومية أثناء انتخابات الرئاسة الماضية ! قال: أبدا ياسطوطة هانم انتى بس وحشتينى فقلت أداعبك شوية ! قلت: هات من الآخر يادكترة ! قال: أنا منساش وقفتكم معى في انتخابات الرئاسة الماضية انت وأصدقاؤنا في درب الفشارين والتي لم تكتمل ثم تحولتم لدعم مرسي ولم تتركوه حتى وصل إلى الحكم ! قلت: نحن لم نتخل عنك أبدا فأنت طلبت منا مليون صوت ونحن نفذنا المطلوب ثم ظننت أنك ستصل للإعادة بدوننا فقلت عنا إننا مجرد مجموعة من الفشارين وقطعت اتصالاتك بنا.. في هذا الوقت عقدنا صفقة مع خيرت الشاطر الذي وعدنا بعشرة ملايين جنيه لدرب الفشارين في حال وصول مرسي للإعادة وبالفعل وصل مرسي للإعادة وحصلنا على المبلغ كاملا ! قال: أنا لا أصدق أن الشاطر نفذ وعده معكم ! قلت: بل نفذ وعده وحصلنا على المبلغ ووعدنا بمثله في حال وصول مرسي للحكم.. ورغم أننا عصرنا على أنفسنا ليمونة وأوصلناه للحكم فإن الشاطر في هذه المرة قال لنا "أمكم في العش ولا طارت ؟" وتهرب من دفع المبلغ وقال لنا يكفيكم ما حصلتم عليه وها هو مرسي أصبح رئيسًا لمصر وإذا لم يعجبكم هذا فعليكم بإسقاطه في الانتخابات القادمة ! قال: وماذا فعلتم انتم مع الشاطر ؟! قلت: لا شيء إلا أننا أخذنا على عاتقنا إسقاط مرسي والقضاء على الإخوان، وهو ما حدث بالفعل ياصديقى ! قال: لكننى أريدكم معى فأنا قررت الترشح لانتخابات الرئاسة وبقوة ! قلت: دعك من الرئاسة هذه المرة لأن السيسى سوف ينجح بالتزكية ومن الجولة الأولى ! قال: دعى هذا الكلام للبسطاء والجاهلين الذين يصدقون كلام لميس الحديدى وخيرى رمضان ! قلت: ولماذا كل هذه الثقة ياعمنا ! قال: أنا سأخوض الانتخابات الرئاسية ومعى 12 مليون صوت حصيلة ما حصل عليه مرسي، بالإضافة إلى 3 ملايين هي حصيلة ما جمعته أنا من أصوات، بالإضافة إلى تمويل مالى هائل من قطر وتركيا للحملة، كما أننا أقنعنا حمدين صباحى بالترشح ليأخذ من رصيد الأصوات التي ستذهب للسيسى ووعدناه بالدعم المادى والمعنوى، وبالتالى ستكون الإعادة بينى وبين السيسى، وبالتالى ستكون المعركة بين الشرعية والانقلابيين وبالطبع ستنتصر الشرعية ! قلت: ياسيدى ياسيدى على السيناريو الجاهز.. ولماذا تطلب دعمنا طالما أنك تثق في النجاح ياعم تتح ؟! قال: بلاش تتح دى لو سمحتى ياسطوطة هانم.. أنا أريد دعمكم لأننى أعلم أن السيسى بدونكم سيخسر كثيرا من الأصوات ! قلت: وما هو المقابل ؟! قال: خمسة ملايين عندما أصل للإعادة ومثلها إذا حصلت على كرسى الرئاسة ! قلت: بل عشرة ملايين نأخذها مقدما وإذا وصلت للإعادة نحصل على مثلها حتى ندعمك كى تصل للمقعد.. والدفع قبل التحرك ! قال: دا مستحيل ندفع قبل النجاح.. لا تصعبى الأمور ياسطوطة هانم ! قلت: هو انت هتدفع من جيبك ياعمنا.. بلغ كلامى للأميرة موزة وابنها تميم وهم سيقومون باللازم ! قال: ماتحرجنيش ياسطوطة لأنى ماليش كلمة عليهم ولا أريد أن أغضبهم بشيء حتى أصل للرئاسة ويجب عليكى أن تقفى معى ! قلت: يعنى إحنا هنرجع من تانى على إيدك ننتظر أوامر الست موزة وولى العهد تميم بيه.. ياعم تتح روح شوفلك مصلحة بعيد عنى ولا تطلب منى أن أقف معك قبل أن تأتينى بالرد من ستك موزة ! قال: فكرى في العرض وسوف أتصل بك بعد نصف ساعة مع رجائى أن يظل هذا الحوار سرًا بينى وبينك قلت: سوف أفكر لكنى لا أعدك أن مصر ستعود للوراء يادكتور ! وهنا انتهت المكالمة وقمت أنا بإغلاق تليفونى حتى لا أستقبل أي اتصال منه أو من غيره وجلست استمع لأغنية تسلم الأيادى تسلم ياجيش بلادى، وكتبت لكم ما دار من حوار بينى وبين تتح، وأرجو أن يظل الحوار سرًا بيننا كما طلب الرجل !