سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حكومة «الببلاوى»: ولنا فى ناصر أسوة حسنة.. النجار: الببلاوى لن يستطيع تكرار تجربة عبدالناصر.. البرى: وزراء الحكومة الحالية يريدون مصر «ناصرية» ومصانع المحافظات طريقها للنهوض
في وقت كانت فيه مصر تتكون من مجتمع تسوده العلاقات شبه الإقطاعية والرأسمالية المتخلفة لسيطرة المحتل البريطاني على كل مقدرات البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنهب ثرواتها وخيراتها، ظهر الزعيم جمال عبد الناصر كمنقذ ومخلص. فعندما تسلم ناصر الحكم كانت مصر دولة متخلفة صناعيا، وسعى إلى القيام بالعديد من الخطوات من أجل تحسين أوضاع الاقتصاد، وشهدت مصر على يده نهضة صناعية هائلة، فقد بدأ عبد الناصر في تنفيذ مخطط سيطرة الدولة على مصادر الإنتاج ووسائله، من خلال التوسع وتأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة والشركات والمصانع الكبرى، وإنشاء عدد من المشروعات الصناعية القومية الضخمة، كما اهتم عبد الناصر بإنشاء المدارس والمستشفيات، وتوفير فرص العمل، وقام بتحديد الملكية الزراعية، ثم توج رحلته ببناء السد العالي الذي يعد أهم وأعظم الإنجازات على الإطلاق، فقد حمى مصر من أخطار الفيضانات، مما أدى إلى زيادة الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان، بالإضافة إلى ما تميز به باعتباره المصدر الأول لتوليد الكهرباء في مصر، وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للمصانع والمشروعات الصناعية الكبرى، كما شهدت تلك المرحلة نهضة اقتصادية كبيرة، وقد كان إجمالي ديون مصر الخارجية في نهاية عهد عبد الناصر 1.3 مليار دولار. وعن إمكانية الاستعانة بميراث الزعيم من أفكار داعمة لدفع عجلة الاقتصاد الآن، أكد الدكتور مختار الشريف - أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة - أن عبد الناصر استطاع أن يؤسس بنية تحتية قوية، في وقت كانت مصر تمر بالعديد من الأزمات، كنكسة 1967، ولكنه استطاع أن يتحدى الصعوبات. وأضاف "الشريف" أن عبد الناصر اعتمد على المشروعات القومية التي سعي من خلالها إلى استيعاب عدد كبير من العاملين، كما استطاع أن يتحدى ويواجه الدول الغربية. وأكمل بقوله: الحكومة الحالية تسعى -على استحياء- إلى إعادة إنتاج المشروع الناصري في الاقتصاد، ولكن لن تنجح في تحقيقه، مرجعًا ذلك إلى عدة أسباب، منها ارتفاع عدد السكان عما كان في السابق، كما أن الوضع الاقتصادي في الخمسينيات كان أفضل من الوضع الحالي، بالإضافة إلى أنه كان قديمًا من الممكن إبداع مجالات استثمار جديدة، لكن الآن اختفى الاستثمار. وكشف "الشريف" عن أن الحكومة الحالية لديها عجز 200 مليار جنيه في الموازنة، بالإضافة إلى افتقاد عنصر مهم وهو الأمن، واختفاء المنظومة الإنتاجية المتكاملة. وعلى الجانب الآخر قالت الدكتورة علياء المهدي -أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة- إن الزعيم جمال عبد الناصر سعي في بداية حكمه إلى السيطرة على كل القطاعات الاقتصادية من أجل وضع خطة لبناء اقتصاد قوي قائم على أساس "من الإبرة للصاروخ"، وبالفعل استطاع إنجاز معظم خطته، مؤكدة أن الحكومة الحالية تسعي إلى تطبيق شعار عبد الناصر في الاقتصاد، ولكنها أضعف من تطبيق نظام ناصر الاقتصادي. ورأت الدكتورة أماني البري - أستاذ الاقتصاد بكلية تجارة عين شمس - أن جمال عبد الناصر استطاع أن يحقق نظاما اقتصاديا ناجحا في مصر، عن طريق إحياء مشروعات قومية تهدف إلى الصالح العام، وتمكنت هذه المشاريع من القضاء على البطالة، كما عمل على تحسين دخل المواطن لسهولة إمكانية وجود رأس المال في ذلك التوقيت، على الرغم من صعوبات فترة الخمسينيات والستينيات، بالإضافة إلى قضائه على فكرة الاقتراض والصكوك والسندات. أما عن مشهد تكرار عبد الناصر في الوقت الحالي فتقول "أماني": إن حكومة الدكتور «الببلاوى» تسعي إلى أن تكون حكومة ناصرية، ولكن الفشل يلاحقها لأنها لا تعتمد على دراسات فعالة، وستتحول مشروعاتها إلى "فرقعة إعلامية" فقط، لزيادة تدهور الوضع الاقتصادي الحالي، بالإضافة إلى انتشار البطالة بشكل مفجع. وطالبت الحكومة الحالية بالابتعاد عن مشروعات القاهرة والتوغل في المحافظات مثلما فعل عبد الناصر في السابق، مؤكدة أننا في مرحلة "عنق الزجاجة" التي لابد أن نخرج منها فى أسرع وقت ممكن. الدكتور محمد النجار- أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها – أكد أن الزعيم جمال عبد الناصر سعي إلى اتخاذ عدد من السياسات الاقتصادية تصب في اتجاه إعادة توزيع الموارد، ثم الضلوع في مرحلة التخطيط الشامل وإنشاء لجنة التخطيط القومي، والتطبيق الكامل للقوانين الاشتراكية وتدخل الدولة في كل أوجه النشاط الاقتصادي وتحديد التسعير الجبرى لكل السلع والخدمات، موضحا أن ناصر سعي إلى تمصير وتأميم المشروعات القومية الكبري واهتم بمجالات الزراعة والصناعة والإسكان. وقسم "النجار" النظم الاقتصادية في العالم إلى مجموعة دول الجنوب، التي كانت مستعمرة واستقلت بعد الحرب العالمية الثانية ،وأدركت أن الاستقلال السياسي بلا جدوي دون الارتباط باستقلال اقتصادي، وبالتالي فإن الطريق إلى الاستقلال الاقتصادي يرتبط بعملية سياسية واجتماعية للتخلص من ميراث التخلف، موضحا أن دور الدولة في هذه الفترة مهم جدا، وأوضح أن هناك دولا ماركسية لجأت إلى الطريق الرأسمالي من أجل الاعتماد على مشروع اقتصادي خاص. ورأي "النجار" أن الدول العربية بالفعل دول نامية نتيجة لغياب دور الحكومات، مشيرا إلى غياب دور حكومة الببلاوي التي تسعي إلى أن تتحدث إعلاميا فقط دون جدوى، لكنها لن تفلح في تطبيق مشروع ناصر الاقتصادي، لأن الزمن مختلف ولكل مقام مقال. الدكتورة هناء خير الدين -المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية -تؤكد أن جمال عبد الناصر "واقع ماضي"، تسعي حكومة الدكتور حازم الببلاوي إلى إعادته الآن، مؤكدة أن عبد الناصر أسس نظاما اقتصاديا قويا سعي من خلاله إلى إشراك جميع طوائف الشعب، فيه الزراع والعمال، واستطاع أن يقضي على البطالة، مشيرة إلى أن ناصر سعي إلى تطبيق العدالة الاجتماعية بمعناها الحقيقي، كما أن السلوكيات البشرية كانت منضبطة عن الآن. وأكدت "المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية" أن مصر غير قادرة الآن على تطبيق نظام عبد الناصر الذي كان يتسم بالإيقاع السريع، بالمقارنة بضعف وبطء قرارات الحكومة الحالية.