اهتمت الصحف الأمريكية والبريطانية، بالأحكام الصادرة اليوم ضد 43 شخصا من العاملين في مكاتب منظمات ومؤسسات أهلية أمريكية وألمانية ومصرية فيما عرفت بقضية التمويل الأجنبي. أدانت معظم الصحف الأحكام واعتبرتها ذات بعد سياسي وجاءت من منطلق الخلافات بين الحكومتين الأمريكية والمصرية العام قبل الماضي، ونقلت الصحف الأمريكية والبريطانية وعلى رأسها واشنطن بوست، ومجلة فورين بوليسي والفايننشيال تايمز والجارديان البريطانيتان، تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التي أدان فيها الأحكام، كما نقلت بيان رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي "إيد رويسي" الذي قال فيه: "إن الأحكام التي صدرت تعد هجوما آخر على المجتمع المدني في مصر، كما لو كانت هذه المحاكمات ليست سيئة بما فيه الكفاية". وطالب البيان الرئيس "مرسي" بتعديل هذا النهج على الفور، والسماح للمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية بالعمل نحو تحقيق حلم دولة مصر الديمقراطية والآمنة. وأعرب المعهد الديمقراطي الوطني (NDI)، إحدى المنظمات الأمريكية الأهلية التي صدرت ضدها أحكام اليوم في مصر، عن صدمته من الأحكام الصادرة بحق العاملين بمكتبه بالقاهرة وغلق المكتب. وقال المعهد في بيان صدر اليوم: "نشعر بالأسى الشديد من الحكم الظالم اليوم تجاه العاملين في المعهد والمعهد الجمهوري الدولي، وبيت الحرية، والمركز الدولي للصحفيين ومؤسسة كونراد أديناور الألمانية". وقال المعهد إنه يجب أن يتم الثناء على أداء هذه المنظمات في مصر، وليس محاكمتها. وقال إن الحكم سيترك تأثيرا سلبيا على جهود للمجتمع المدني المهمة في مصر. وأكد المعهد أنه يغتزم استئناف الحكم وأعرب عن أمله في تعديل الحكم. وأضاف المعهد: "سوف نفعل كل ما في وسعنا لتبرئة الموظفين". وأكد المعهد أن برامجه في مصر تركزت حول تبادل الخبرات الدولية في التحولات الديمقراطية، والتدريب للأحزاب السياسية، والمساعدة لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال مراقبة الانتخابات، والتربية المدنية وتثقيف الناخبين غير الحزبيين. ولم يقم المعهد في أي وقت من الأوقات بتمويل أي حزب سياسي أو حركة، ولم يسع المعهد قط إلى نتيجة انتخابية معينة، أو التحالف مع أي حزب سياسي أو أيديولوجية أو مرشح. كما أن أولئك الذين أدينوا ظلما كانوا في نهاية المطاف ضحايا نزاع الحكومتين الأمريكية والمصرية آنذاك. حيث ادعت السلطات المصرية في ذلك الوقت أن أموال المساعدة الديمقراطية من الأمريكيين تستخدم لأغراض سياسية تضر بالدولة. وأشار المعهد إلى أنه منذ اللحظة التي فتح فيها مكتبا له في مصر في عام 2005، كان المعهد الديمقراطي الوطني مفتوحا وشفافا في جميع أنشطته، كما طلب التسجيل والترخيص في وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الدولة للتعاون الدولي في ذلك الوقت، وتلقى تأكيدات من الحكومة منذ ذلك الحين أن أوراقه كانت كاملة ولكن التسجيل معلق. كما نشرت الصحف الأمريكية والبريطانية بيان مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية التي وصفت الأحكام الصادرة اليوم في حق أعضاء من المؤسسة وآخرين من منظمات أجنبية أخرى في مصر، بأنها وصمة عار. وقالت المؤسسة في بيان صدر اليوم وتم نشره على موقعها: "إن فريدوم هاوس تدين بأشد العبارات الممكنة إدانة 43 من عمال المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك ستة من العاملين حاليا مع مؤسسة فريدوم هاوس وموظف سابق كان يعمل لديها". وقالت إن الحكومة المصرية تقود حملة تهدف إلى خنق نشاط المجتمع المدني والحد من حرية التعبير في مصر ما بعد الثورة، والدليل على ذلك الحكم الذي صدر اليوم في القضية بالإغلاق الدائم لجميع مكاتب المنظمات المعنية. وأشارت المؤسسة في بيانها إلى أن التهم الموجهة إلى 43 من موظفي المنظمات غير الحكومية، ومنهم مصريون وأجانب بينهم 17 من الأمريكيين، تأتي تتويجا لحملة طويلة استمرت شهورا من الترهيب من جانب السلطات، بدءا من المتبقين من عهد مبارك واستمرارا تحت الحكم العسكري المؤقت وحتى الحكومة الحالية، كما أن كثيرا من وسائل الإعلام المصرية غذت أيضا هذه الحملة، بعد مداهمة مكاتب المنظمات غير الحكومية العشرة في ديسمبر 2011 والتي شملت منظمات أمريكية وألمانية أخرى فضلا عن العديد من جماعات المجتمع المدني المصري، وتم توجيه اتهام للعاملين بتشغيل منظمات وتلقي أموال من حكومات أجنبية دون الحصول على ترخيص. وقال البيان: "لقد كانت هذه القضية برمتها وصمة عار من البداية، والحكم يعتبر إهانة للقضاء"، وقال ديفيد كرامر، رئيس مؤسسة فريدوم هاوس: "إن الدافع وراء هذا السلوك الفاسد والمناهض للديمقراطية هو التصميم على إيقاف نشاط المجتمع المدني، فأيا من المتهمين لم يفعل أي شيء خاطئ، كانوا يعملون ببساطة مع المصريين لمساعدتهم على تحقيق حلمهم في أن تكون مصر حرة وبدلا من ذلك أصبحوا كبش فداء للحكومة والقضاء الذين خانوا تطلعات ثورة يناير". وبموجب قانون من عهد مبارك، كانت المنظمات غير الحكومية الخاضعة للتسجيل والمراجعة من قبل وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة التعاون الدولي والكيانات الأخرى، تتلقى التمويل الأجنبي، ولكن هذه عادة ما كانت تستخدم كوسيلة لإحباط نشاط المجتمع المدني، حيث إن عملية التسجيل كانت تشهد مماطلات وتسويفا، وعلى الرغم من ذلك، قدمت فريدوم هاوس رسميا طلب التسجيل الخاص بها قبل ثلاثة أيام من اقتحام مكتبها وبعد العمل مع السلطات المصرية منذ شهور لضمان الامتثال لجميع المتطلبات القانونية. وقالت "نانسي عقيل"، مدير البرامج في مصر فريدوم هاوس، وأحد المتهمين المدانين "أشعر بخيبة أمل شديدة من قبل الحكم اليوم، لكن للأسف، لم أفاجأ به"، فقد واصلت حكومة الرئيس مرسي تكتيكات مبارك من استخدام أسلوب التهديد والتخويف، والممارسة التعسفية من قبل الحكومة لقمع حرية التعبير وتكوين الجمعيات في مصر، كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يراقب الديمقراطية عندما تم إيقاف المجموعات والموظفين المسجونين الذين كانوا يساعدون المصريين في المشاركة في صياغة مستقبل بلدهم؟" منذ الغارات في ديسمبر 2011، كانت كل من هذه المجموعات أساسا غير قادرة على العمل في البلاد، والقضية كان لها أثر سلبي على نشاط المجتمع المدني بشكل عام، مع تقارير تفيد بأن مئات المنظمات غير الحكومية المصرية يجري التحقيق معها. كما اقترحت الحكومة الحالية قانونا جديدا للمنظمات غير الحكومية الذي من شأنه فرض المزيد من القيود على المجتمع المدني، وعلى الرغم من أنه صدر قرار بحل مجلس الشعب العام الماضي، إلا أن الإخوان المسلمين عازمون على تحريك القانون من خلال مجلس الشورى. وختمت المؤسسة بيانها بالقول: "ينبغي على حكومة الولاياتالمتحدة والكونجرس الأمريكي أن يوضحا للرئيس مرسي أن استمرار اضطهاد نشطاء المجتمع المدني هو انتهاك خطير لالتزامه المعلن بعملية الانتقال الديمقراطي" وقال "تشارلز دن"، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لبرامج مؤسسة فريدوم هاوس، والمتهم المدان في القضية: "نحن نتوقع أن نستأنف هذه الأحكام، وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومة وضع حد للممارسات القمعية بما في ذلك سحب دعمها لقانون المنظمات غير الحكومية الجديد والذي يجرى النظر فيه من قبل مجلس الشورى".