أصدرت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر بحيرى، حكما تاريخيا اليوم يقضى ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسة للدستور المصرى، وحل مجلس الشورى، وذلك فى الدعوى المحالة اليها من المحكمة الادارية العليا للفصل فى مدى دستورية قانون انتخابات الثلث الفردى لمجلس الشورى. تجدر الإشارة إلى أن تقرير المفوضين المرسل إلى المحكمة الدستورية أوصى بشرعية استمرار مجلس الشورى وعدم حله وصحة تشكيل الجمعية التأسيسية مع بعض الملاحظات. وذكر التقرير الذي أعده المستشار عوض عبدالحميد، الرئيس بهيئة المفوضين، وجاء في 80 صفحة، وعرض كل الاحتمالات الممكنة قانونا وفى النهاية أوصى أصليا بعدم قبول الدعوى بسبب غياب مصلحة المدعى في إعادة انتخابات مجلس الشورى، بسبب تحصين مجلس الشورى بمادة في الدستور الجديد، واحتياطيا برفض الدعوى بسبب تضمن الدستور الجديد مادة تبقى مجلس الشورى الحالى بتشكيله الحالى عاملا بسلطات مجلس النواب لحين انتخاب مجلس النواب الجديد وأكد أنه رغم الخلاف حول شرعية إصدار رئيس الجمهورية الإعلان الدستورى المؤرخ في 21 نوفمبر 2012، والذي نص على حظر حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية على أي جهة قضائية، فإن الدستور الحالى الذي بدأ العمل بأحكامه منذ 25 ديسمبر 2012 لم يترك مجالا لبحث شرعية هذا الإعلان أو أي إعلان دستورى آخر صدر من المجلس العسكري أو الرئيس محمد مرسى قبل سريان الدستور. وقال التقرير: إن المادة 236 من الدستور الجديد ألغت هذه الإعلانات المشار إليها وأبقت آثارها المترتبة في الفترة السابقة، حيث رأت السلطة التأسيسية التي أقرت الدستور والتي تعلو إرادتها على جميع سلطات الدولة أن تبقى على هذه الآثار نافذة لتحصينها، دون الخوض في صحة ما قررته هذه الإعلانات أو التحقق من مدى التزامها بضوابط الشرعية الدستورية. أما التقرير الثانى بشأن قضية الجمعية التأسيسية فقد أعده المستشار طارق محمد عبدالقادر، عضو هيئة المفوضين، وجاء في 122 صفحة وأوصى أصليا بانقضاء الدعوى وانتهاء التقاضى فيها، بقوة المادة 236 في الدستور الجديد التي حصنت الآثار المترتبة على الإعلان الدستورى الصادر في 21 نوفمبر 2012، ومنها انقضاء جميع الدعاوى المقامة بشأن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، ومنع أي جهة قضائية من حلهما. وفى حيثيات هذه التوصية رجح التقرير ذات ما اتجه إليه التقرير الآخر بأن الدستور الجديد لم يترك مجالا للقضاء ليبسط رقابته على الإعلانات الدستورية التي أصدرها الرئيس محمد مرسى، لأن المحكمة الدستورية العليا لا تملك إمكانية مراقبة هذه الإعلانات، ولا تملك مراقبة النصوص الدستورية التي تخرج أيضا عن مجال ولايتها التي تنحصر في القوانين واللوائح فحسب. وأوضح التقرير أن موقف المشرع الدستورى من تحصين القرارات والقوانين ليس بدعة في الفكر القانونى الدستورى، إذ سبق للمحكمة العليا التي كانت قائمة قبل إنشاء المحكمة الدستورية، أن أقرت العديد من التشريعات المخالفة للمبادئ المقررة في دستور 1971 استنادا إلى المادة 191 من دستور 1956 التي نصت على تحصين جميع القرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة والقوانين التي تتصل بها أو صدرت مكملة أو منفذة لها. إلا أن التقرير أفرد في هوامشه عدة ملاحظات مهمة من بينها أنه من المرغوب فيه أن يأتى عمل السلطة التأسيسية للدستور معبرا بصدق عن رغبات الشعب، ويقرر الفقه الدستورى في هذا السياق أنه لا جزاء على مخالفة السلطة التأسيسية لرغبة الشعب، إلا إذا تولد رد فعل في نفوس أفراد المجتمع مما قد يؤدى لإسقاط الدستور بطريق سلمى أو ثورى، مشددا في الوقت نفسه على أن إرادة السلطة التأسيسية بتحصين الإعلان الدستورى تعلو على جميع سلطات الدولة. أما التوصية الاحتياطية للتقرير فجاءت ببطلان المادة الأولى من قانون الجمعية التأسيسية رقم 79 لسنة 2012، والتي تنص على إسناد اختصاص الرقابة على اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها من القوانين والقرارات البرلمانية، وتضمن التقرير بحثا كاملا حول صحة حكم محكمة القضاء الإدارى، وما إذا كان قرار تشكيل الجمعية التأسيسية يجوز الطعن عليه من عدمه.