المستشفيات الحكومية بمصر حالها كحال كل المشكلات التى يعانى فيها الشعب المصرى، وبخاصة الفقراء منهم. ولا نزال نعيش إلى يومنا هذا توابع الإهمال والفوضى التى خلفها النظام البائد فى هذه المستشفيات، لكن إلى متى يستمر هذا الوضع بعد ثورة 25 يناير التى نادت بالعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة لكل مواطن؟ ومتى تتخد الحكومة إجراءاتها الحاسمة لإنهاء هذه المهزلة الطبية. ولم تفلح الجولات الميدانية والزيارات المفاجئة التى يقوم بها المستشار محمد عبد القادر، محافظ الغربية، على المستشفيات الحكومية فى إصلاح حال المؤسسات الطبية وانتشالها من التدهور الذى تعانيه ويجعلها عاجزة عن تقديم خدماتها لآلاف المرضى من البسطاء ومحدودى الدخل الذين يلجأون إليها طلبًا للعلاج المجانى وهربًا من نفقاته الباهظة التى يتكبدونها فى المراكز والمستشفيات الخاصة. ففى محافظة الغربية يعانى أكثر من 900 ألف مواطن من الإصابة بأمراض الكبد المختلفة، ونحو 8 آلاف بالفشل الكلوى، كما يتردد على مركز أورام طنطا 70 ألف مريض سنويا، بالإضافة إلى معاناة المريض المستمرة داخل المستشفيات العامة بمراكز المحافظة، غير الذين يترددون على 57 مستشفى تكامل صحى وطب الأسرة على مستوى 317 قرية بنطاق مراكز المحافظة. وللأسف لا تكتمل منظومة العلاج داخل أى مستشفى حكومى دون معاناة المريض خاصة مع ظهور شريحة ليست بالقليلة من الأطباء الذين لا يهتمون بمرضاهم إلا داخل عياداتهم الخارجية. ففى مستشفى حميات طنطا لا يستطيع المريض الذى يعانى من أن يدخل مركز لعلاج مرضى الكبد لتلقى العلاج بهذا المركز أو الاستمرار فى جرعات العلاج دون المرور بعيادة أحد الأطباء المسئولين عن مركز الكبد بحميات طنطا وإلا فلن يواصل المريض علاجه الأمر الذى يضاعف من آلام المرضى وذويهم. كما يوجد مركز متخصص لعلاج الكبد بمدينة المحلة تم انشاؤه منذ أكثر من 10 سنوات، وبسبب الخلافات الحزبية والحرص على الظهور فى الصورة من أجل كسب (وهمى) لأكبر شريحة من المدينة العمالية فى الانتخابات التشريعية واجه القائمون على إنشائه العراقيل والمشاكل التى أدت إلى تركه دون تجهيزات أو مرافق طوال هذه الفترة حتى تشققت حوائطه وسكنته القطط والفئران والحشرات الضارة. وفى مستشفى المنشاوى العام بطنطا يعانى المرضى من نقص الأدوية وعدم توافر الأسرة اللازمة لاستقبال الحالات الكثيرة التى تتوافد على المستشفى يوميًا. أما مستشفى المحلة العام الذى يتردد عليه آلاف المرضى سواء من مدينة المحلة أو القرى التابعة لها، والتى يبلغ عددها 54 قرية، فالشكوى دائما من نقص الأدوية الأمر الذى دفع المحافظ خلال زيارته للمستشفى لإصدار تعليمات بزيادة المبلغ المخصص لشراء الأدوية والصيانة اللازمة لأجهزة وحدة الغسل الكلوى التى تستقبل يوميا المئات من مرضى الفشل الكلوى وتوفير الدواء اللازم للمرضى. أما مستشفى الرمد بالمحلة الكبرى فمنذ أن تم هدم مبناه وإقامة مستشفى بديل - عبارة عن أكشاك ألوميتال بمستشفى فاروق - تم تخصيصه للكشف الظاهرى على المرضى بطرق بدائية بينما توجد غرفة واحدة لإجراء العمليات البسيطة غير مجهزة بالإضافة لغرفة استقبال واحدة ومتواضعة لاستقبال المرضى بعد إجراء العمليات بينما يتم تحويل المرضى الذين يحتاجون لعمليات كبيرة إلى مستشفى الرمد بطنطا، وهو ما يكبد المرضى مشقة السفر إلى طنطا. ويقول وجدى أبو إبراهيم - محاسب-: إن المستشفى المؤقت تدهورت حالته بعد أن هجره عدد كبير من الأطباء المتميزين بسبب ضعف الإمكانات وتحول المبنى القديم بالمستشفى إلى مجرد مبنى خرسانى يأوى الحيوانات الضالة والخارجين على القانون الذين اتخذوه وكرًا لتناول المخدرات. وليس الوضع أفضل حالًا فى مستشفى بسيون العام والذى يعتبر المستشفى الوحيد الذى يقدم العلاج بالمجان، لكنه يفتقد لجميع الخدمات فالمستشفى غير مجهز لاستقبال الحالات الحرجة، والتى يتم نقلها إلى مستشفيات طنطا، وهو ما يكلف الكثير من المرضى ثمنًا غاليًا؛ لأنه فى معظم الأحيان يكون عنصر الوقت مهما لإنقاذ المريض صاحب الحالة الحرجة كما أن المستشفى لا يوجد به أطباء استشاريون لإسعاف الحالات الطارئة ومصابى الحوادث. وأشار إلى أن مستشفى الصدر ببسيون الذى أنشئ منذ خمس سنوات ومكون من ثلاثة طوابق لايزال جثة هامدة ولم يدخل الخدمة حتى الآن ولا نعرف سببا لذلك، حسب قوله. وأما مستشفى زفتى العام فقد تعرض لتصدعات أكثر من مرة كان آخرها عام 2011، وتم ترميمه بتكلفة بلغت 8 ملايين جنيه، لكن عمليات الترميم اقتصرت على جزء من المبنى ثم توقفت لعدم وجود دعم مالى لاستكمالها، ما تسبب فى إتلاف الجزء المتبقى من المبنى، وأصبح يتردد على المستشفى مئات المرضى يوميا، وتسبب ذلك فى خفض عدد الأسرّة من 102 سرير إلى 30 سريرًا، رغم أن المستشفى يخدم مركزى زفتى والسنطة. أما المستشفيات العامة بمراكز المحافظة والتى تعانى من ضعف الإمكانات والعجز فى الأجهزة الطبية والكوادر البشرية الطبية فحدث ولاحرج. من جانب آخر، أكد الدكتور محمد الشبيني، مدير عام مستشفى الطوارئ الجامعى بطنطا ل"فيتو" لا يوجد الحد الأدنى من فريق طب الإصابات بمستشفيات الصحة، ولذلك يتم تحويل الحالات مرة أخرى إلى طوارئ الجامعة تخصصات: جراحة المخ، والأعصاب، وجراحة القلب، والصدر، وجراحة الأوعية، والعظام، والمسالك البولية المتقدمة، وكسور العظام والعمود الفقرى، وعنايات النفسية والعصبية، وعنايات المبتسرين، بالإضافة إلى عدم توافر تخصصات جراحة التجميل والحروق والعنايات المركزة للإصابات وأجهزة التنفس الصناعى، وكذلك عدم وجود جهاز رنين مغناطيسى والذى لا غنى عنه فى حالات الحوادث. وأكد الشبينى أنه لا توجد بوزارة الصحة مستشفيات مؤهلة لاستقبال حالات الطوارئ، مشيرًا إلى أن الطامة الكبرى تكمن فى نظام العلاج على نفقة الدولة، والذى تم العمل به خلال الفترة التى سبقت الثورة؛ حيث تم تخصيص15 % فقط من هذه القرارات للمستشفيات الجامعية فى حين ال85% الأخرى تم تخصيصها لمستشفيات الصحة، ما يضيع على المريض المحجوز بالطوارئ أو المستشفى الجامعى فرصة الاستفادة بالعلاج على نفقة الدولة.