"الانتقام آت ومن داخل أراضيكم".. شعار يرفعه تنظيم داعش الإرهابي، للرد على محاصرة دولته المزعومة في العراق والشام، والاشتراك في ضرب أي محاولة لتمدده في مناطق التوتر والنزاع بالدول العربية، سواء في ليبيا أو القرن الأفريقي، لتعويض خسارته الفادحة بسوريا والعراق، بعدما كان أهم ارتكازات دولته الإجرامية، التي كان يود الانطلاق منها للسيطرة على العالم، وبالتالى تخريج دفعة جديدة من أمراء العيون الزرق، هو هدف داعش في المرحلة القادمة. عدة أدوات يعتمد عليها التنظيم الإرهابى في صب جام غضبه على الغرب، بحسب بعض الحسابات الإلكترونية التي تتبعتها «فيتو» طوال الفترات الماضية، وكان من خلالها يهدف إلى تحضير العالم لمفاجآت من النوع الثقيل. سنوات طوال عمل خلالها «داعش» على زرع نبتته الخبيثة في الأراضى الأوروبية، ورسم لنفسه خطة من جزءين، الأول استمرار مخاطبة المراهقين والشباب والسيطرة على نزعاتهم بمشاهد العنف الاستثنائية، التي كانت تصور لهم «الأكشن» الذي يألفونه في بلدانهم منذ الصغر، ولكن في ثياب جديدة، تعطيهم الحق المطلق في بناء أحكام إلهية، قد تجعل منهم قادة يخلدهم التاريخ، فقط عليهم التحول إلى التنظيم والقتال في صفوفه. فيما ارتكن الجزء الثانى من الخطة، على متابعة ملف العائدين من التنظيم، وخصوصا الذين تم إجبارهم على التبرؤ من داعش للموافقة على عودتهم بشروط، وهؤلاء يعيشون الجحيم بعينه؛ فمن ناحية لم يحصلوا ولو على جزء من حياتهم الأولى، والحريات المتسعة فيها حسب المفاهيم الغربية فور عودتهم، ومن ناحية أخرى لا يستطيعون الاندماج في المجتمع، خصوصا الذين يتجذر فيهم الفكر الداعشي، ولا يستطيعون الفكاك منه. بحسب عوض الخطاب، القيادى المنشق عن الجماعة الإسلامية، تعد السجون أحد روافد داعش في الغرب، فمن خلالها يبقى التنظيم آماله في الحفاظ على فكرته بالغرب، الذين يتمسكون بنزعتهم الدينية، أكثر من العرب أنفسهم، موضحا أن السجون تحديدًا تستخدم دائما لإعداد الخطط الانتقامية فور خروج أعضاء التنظيم من ظلمة الحبس، الذي يعد بالنسبة لهم دار استعداد لما هو قادم. الحطاب أوضح أن السجون الأوروبية بها قنابل موقوتة، وقد يُصّنع داعش بها العديد من قادة الصف الثانى والثالث للتنظيم، في ظل بقاء الجهاديين الأوروبيين الخطرين خارج بلدانهم بمعاقل التنظيم بالأراضى التي لا يزال يضع يده عليها، وقتل أو سجن ومطاردة جهاديى الداخل، بما يعنى أن السجن سواء بالغرب أو الشرق، مجرد راحة للجهاديين الذين يخرجون أشد حاجة إليه، لتعويض الأيام التي كانوا فيها بلا أي قيمة؛ فرمزية الحياة دائما عند الدواعش، لاتتحقق إلا بالقتل والسلب وسفك الدماء. ويرى القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، والذي قضى سنوات طويلة من عمره بالسجون، أن ملامح الخطورة ستضح أكثر، خلال الفترة القادمة التي ستفرج فيها بعض البلدان الأوروبية عن الكثيرين من الرعيل الأول للجهادين، كانوا قد تم القبض عليهم في تسعينيات القرن الماضي، وهؤلاء أكثر تعطشا للجهاد على أسس أكثر احترافية من تنظيم داعش نفسه؛ فالقدامى ليس لديهم نفس الشراسة الداعشية، ولكنهم أكثر حنكة ويختارون معاركهم بذكاء شديد، ولا يتوسعون في قتل العوام تحت ظروف كثيرة. أما منتصر عمران، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية فيرى، أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك وتويتر والدردشة بأنواعها، تجعل عملية التجنيد والاستقطاب سهلة للغاية، فمن خلال تلك الوسائل يتم استقبال العديد من الرسائل، وإرسالها أيضا إلى أشخاص يظهر تحمسهم وتدينهم في نظر كوادر داعش، ويتم كتابة تقارير عنهم، كما أن حرية التنقل من دين إلى آخر في الغرب، تسهل من مهمة داعش، وربما يفسر ذلك الأعداد الكبيرة من شباب الغرب الذين سافروا للانضمام إلى داعش وغيره من جماعات العنف والإرهاب في مواقع القتال مع الحكومات العربية، طوال الفترات الماضية. ويضيف عمران أن تجنيد الغربيين، هو الملف الأكثر أهمية لداعش في الفترات الماضية، خصوصا أن القادم من أوروبا لديه رفاهية كبيرة، ولا ينضم للتنظيم بحثا عن المال، ويصبح حال النجاح في تجنيده من أوفى المجندين في صفوف الإرهاب، ويصبح لديه ميول انتقامية قد تستخدم في العمليات التفجيرية في قلب أوروبا. ويؤكد القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، أن «الأجانب» لهم معاملة خاصة عند داعش، للوصول بهم إلى المراحل النهائية التي باجتيازها يصبح قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، حتى لو تم السيطرة عليه واعتقاله، ستضمن وقتها أن سجنه لن يكون إلا مرحلة إعداد للخروج والمحاربة في سبيل التنظيم مرة أخرى. وطالب «عمران» الدول الغربية مطالبة بالعمل على تلافى هذه الأخطاء في أسرع وقت ممكن، فاندماج هؤلاء في مجتمعاتهم، لا يعنى إلا أنهم خلايا نائمة قد تنفجر بأى وقت، لذا عليهم أن يعطوا حرية كاملة في إقامة شرائع الإسلام، والاستعانة بأئمة الأزهر المعتدلين، ليكونوا خطباء في مساجد الغرب حتى لا تقع المساجد تحت سيطرة خطباء جماعات العنف.