بعد لقائه أبو ريدة وطبيب المنتخب.. «صلاح في كأس العالم» أنصحك بعدم قراءة هذا المقال إن كنت تعاني من أمراض عصبية.. منذ أيام تابعت إعلان فريق أرسنال الإنجليزي عن قميصه الجديد للموسم الكروي 2019، وخلال متابعتي لفت نظري ملصق على الكتف الأيسر للفريق، حاولت التدقيق في تلك العبارة المكتوبة فوجدتها visit Rwanda أو بالعربية "زوروا رواندا"، انتابتني دهشة وعدم تصديق لتلك العبارة، رواندا تلك البلد الأفريقي تضع إعلانا لها على قميص واحد من أهم الفرق الأوروبية، وتدعو العالم لزيارتها، حتى بدأت الأسئلة تدور في ذهني.. ماذا لديك يا رواندا كي تنادي العالم لرؤيتك؟ بالتأكيد لا تمتلكين ثلث آثار العالم.. من أين أتيتي بكل هذه الثقة في رسالتك "تعالوا تعرفوا علينا"؟.. والأهم لماذا يقبل أرسنال بأن يضع على قميصه إعلان لبلد إلا إذا كان لديه من القناعة ما يكفي بحقيقة رسالتهم، وعلى هذا الأساس بدأت البحث عن هذا الأمر، فوجدت ما أدهشني أكثر، وتمنيت لو تنشق الأرض وتبتلعنا جميعا على "خيبتنا". لم أبذل كثيرا من الجهد حتى أصل لعبارة "زوروا رواندا" فالأمر أخذ شكلا من الانتشار العالمي لتلك الرسالة، ونشر الموقع الرسمي لنادي أرسنال بنود التعاقد الذي تم حول هذه الحملة الإعلانية الموسعة، بهدف أن تصبح رواندا وجهة سياحية عالمية رائدة، نعم رائدة هكذا يطمحون، وسنعرف لماذا ستكون رائدة في الأسطر القادمة، حيث يمتد هذا التعاقد لمدة ثلاث سنوات، يتضمن زيارات للاعبي الفريق لرواندا، وأبرز معالمها السياحية، وكذا استضافة المعسكرات التحضيرية لفرق النادي المختلفة، مع تصوير إعلانات تروج لهذا البلد بالاعتماد على نجوم الفريق، وهكذا ظهور عبارة زوروا رواندا في إستاد الإمارات خلال المباريات والحصص التدريبية، بالإضافة لوجود شعار الحملة على كل أطقم فرق النادي بأعمارها السنية المختلفة. ما أثار إعجابي بشدة أن الأمر بدى مدروسا ومعدودا له بدرجة عالية، فمع البحث، وجدت أن قميص فريق أرسنال يتم مشاهدته نحو 35 مليون مرة في اليوم حول العالم، ويعد من بين أحد أكثر الفرق مشاهدة في جميع أنحاء العالم، يا له من رقم كبير في عالم التسويق.. أن يشاهد رسالتك كل هذا العدد يوميا، فالأمر بالتأكيد سيكون له مردود رائع في المستقبل القريب، حتى قالت كلير أكامانزي رئيسة المجلس التنفيذي لرواندا عن هذا التعاون "نحن سعداء للغاية بشراكتنا مع أرسنال سيظهر التعاون حيوية وجمال بلدنا". يبدو أن الأمر جدي، هناك شيء يحدث على الأرض بكل تأكيد، ماذا يدفع رواندا لإطلاق حملة كهذه، ماذا لديها من الدوافع والإمكانات، فاستكملت البحث حتى وجدت رواندا واحدة من أسرع الاقتصاديات نموا في أفريقيا، ولديها قطاعا سياحيا مزدهرا، فقد تضاعف عدد الزائرين لرواندا خلال العقد الماضي، والتي تعتمد فيه على المنتزهات الوطنية كما يسمونها وما بها من حيوانات برية، تكاد لا توجد سوى هناك، وكذلك وجود سلسلة من الفنادق العالمية ذات الخدمة المميزة، ليس ذلك فحسب، فبحسب البنك الدولي تحتل رواندا المرتبة الثانية من حيث سهولة ممارسة الأعمال في أفريقيا، ومنحها المجلس العالمي للسفر والسياحة والمنتدى الاقتصادي العالمي جائزة الريادة في مجال السياحة والتنافسية، ربما تراها من وجهة نظرك أشياء عادية لا تستحق عناء السفر لها. لكنهم يقولون في رسالتهم قم بزيارة رواندا، واكتشف لماذا نحن ثان أسرع اقتصاد ينمو في أفريقيا، يمكن للمستثمرين في رواندا تسجيل أعمالهم خلال ست ساعات فقط، والاستعداد للتمتع بفرص اتفاقيات تجارية حرة وقعتها رواندا مع أكثر من 50 دولة حول العالم، الآن عرفت لماذا يدعون العالم لزيارة بلدهم. في النهاية أعلم أن الحسرة قد أصابتك خلال قرائتك للمقال، كما أصابتني في البحث لكتابته، وأعتقد أن ذات السؤال الذي بات في خاطري طوال هذا الموضوع يدور الآن بخاطرك أيضا.. أين نحن من كل ذلك التطور؟؟.. أفكار بسيطة ومتعارف عليها لكننا نأبى القيام بها، العالم كله يعرف الآن مدى جدوى أن تضع إعلان لك على قميص أحد فرق كرة القدم العالمية، الأهم أن لدينا ما يستحق الإعلان عنه، فقبل أن يحتاج العالم معرفتنا نحتاج نحن أن يعرفنا العالم، ولكي يعرفنا العالم لابد أن نتعلم من رواندا.