الأيدى الخفية ومقدرات الوطن أنا أذهب للعلاج عند أستاذ علم النفس السياسى ليساعدنى على التغلب على مشاكلى السياسية حتى أصبح مواطنا صالحا لممارسة حقوقه السياسية، وقد أجلسنى على الشيزلونج وقال لى: «أخبارنا إيه النهاردة؟»، فقلت له أننى أشعر بهزة نفسية شديدة، فقال: «قل لى أعراض المشكلة»، فقلت إننى بدأت أشعر بتوتر بسبب فكرة الأيدى الخفية التى بدأت أسمع عنها، وشكل الأيدى دي عاملة إزاى، تخينة ولا صغيرة.. مش فاهم؟ وبدأت أستفسر عن «الأيدى الخفية التى تعبث بمقدرات الوطن.. أو الأيدى الخفية التى تستهدف الاستقرار..». ثم نظرت للدكتور وقلت له أنا خايف من الأيدى الخفية زى ما حضرتك ممكن تخاف من السفاح.. وأنا لا أريد أن أسلم على أحد.. يا دكتور الناس بدأت تضحك عليّ! بقيت أبص لكل الناس فى شكوك، «لو كان ملتحي يبقى الأيدى الخفية للتيار الإسلامى، ولو ليبرالى فهي أيدى الغرب، ولو كان يسارى يبقى فلول الاتحاد السوفيتى، ولو معترض فى ميدان التحرير يبقى أشول..». سألنى الدكتور «هو أنت بدأت تحس بمشكلة الأيدى ده إمتى؟ فقلت له: لما حلمت مرة وأنا نايم أن الشيطان يضحك فوق رأسى ويقول لى «هات إيدك يا مواطن»، وعندما قلت له لا قال لى: «اخرس.. أنت لا زلت مواطنا تحت الإعداد.. هات إيدك»، فقلت للشيطان: «مش هقدر أسلمك إيدى» فقال لى: «والنبى إيه.. إحنا فى ثورة يا جدع أنت .. هات إيدك وخليها خفية معى»، ثم استيقظت من النوم. قال الدكتور أننى أعانى ضمن ملايين المصريين من مشكلة «الوسواس القهرى السياسى» الممزوج «بالبارانويا غير الثورية» وأن هذا أمر طبيعى نظرا لقرب وصولى لسن «اليأس السياسى» مع اقترابنا من الديمقراطية، فقاطعته قائلا: «بس أنا عندى 48 سنة»، فابتسم الدكتور وقال: «مهو مجلس الوزراء متوسط عمره فوق الستين»، وأنت يائس ومش هتلحق الديمقراطية.. لو وضعت الأمور دي مع بعض هتفهم أنك فى سن اليأس السياسى، وحقيقة الأمر أننى ارتحت جدا بعد أن أوصى الدكتور أن آخذ حبوب «المواطنة» قبل النوم، وحباية «السعد السياسى» بعد كل صحيفة أقرأها، وشراب «التليوقراطية» بعد كل توك شو. وبعد العلاج أنا أصبحت مواطنا سعيدا جدا، ولم يعد عندى قلق من الأيدى الخفية، خاصة بعد أن كنت نائما فشعرت بأيد بتلعب فى قفايا وأنا فى السرير فتركتها وعملت لها كمين بذكاء شديد وهويت عليها بالشاكوش وكسرتها تماما، والحمد لله أنا مرتاح الآن.. مراتى إيديها متجبسة فى المستشفى.