!inj «مبارك» في ذكرى سابقة لتحرير سيناء: السلام تحميه القوة !/injكشفت وثائق سرية بريطانية أن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك واجه، بعد نحو 4 أشهر من توليه الحكم، ضغوطا قوية لتقديم تنازلات، تشمل مقايضة على حقوق الفلسطينيين، مقابل استكمال إسرائيل انسحابها من سيناء التي كانت قد احتلتها في حرب يونيو عام 1967. وحسب الوثائق، فإن مبارك رفض بشدة ضغوطا أمريكية ويهودية وإسرائيلية تحدث عن بعضها خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر قبل 77 يوما فقط من موعد استكمال الانسحاب الإسرائيلي في 25 أبريل عام 1982. وكشفت الوثائق، التي حصلت عليها بي بي سي العربية حصريا بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، أن تاتشر أيدت موقف مبارك، وأدركت "حرصه على حماية مصالح العالم العربي الأوسع وحقوق الفلسطينيين". واستعرض مبارك مع تاتشر بعض الضغوط التي مارسها عليه اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة، وفق ما جاء في محضر لقاء الزعيمين يوم 6 فبراير عام 1982 في مقر تاتشر الريفي. وزار مبارك بريطانيا لمدة يومين في طريق عودته من زيارة للولايات المتحدة ركزت مباحثاته فيها على عملية السلام في الشرق الأوسط المتعثرة. وحسب محضر مباحثات مبارك وتاتشر، فإن مبارك أبلغ الزعيمة البريطانية بأن "زعيم الجالية اليهودية في أمريكا حثه على الموافقة على بقاء بعض المستوطنين الإسرائيليين في ياميت بعد الانسحاب الإسرائيلي"، وهو "ما رفضه" مبارك. مبارك أبلغ تاتشر بضغوط اللوبي اليهودي عليه في الولاياتالمتحدة، وعبر ردها عليه عن إدراكها لقوة هذا الضغط. وفي تفسيره لموقفه، عبر مبارك عن اعتقاده القوى بأن مصر تحلت بقدر كافٍ من الشجاعة من أجل تحقيق السلام، بينما لم تتخذ إسرائيل الموقف نفسه. وقد "جادل مبارك بأن مصر اتخذت سلسلة خطوات شجاعة لتحقيق السلام. وشجاعتها الآن استنفدت. والدور على إسرائيل الآن كي تظهر بعض الشجاعة"، وفق المحضر. وتشير الوثيقة إلى أن تاتشر بدت مدركة للضغوط القوية على القيادة المصرية من جانب اللوبي اليهودي الذي وصفته بأنه "أقوى وأكثر اللوبيات مهنية في العالم". وأبلغ مبارك، تاتشر بأن زعيم الجالية اليهودية في أمريكا حثه على الموافقة على بقاء بعض المستوطنين الإسرائيليين في (مستوطنة) ياميت بعد الانسحاب الإسرائيلي لكنه رفض. من جانبه أبلغ السفير البريطاني في القاهرة حكومته بأن مصر لا تنوي بيع مصالح الفلسطينيين مقابل التزام إسرائيل بالانسحاب من سيناء في الموعد. ومضت رئيسة الوزراء البريطانية لتبلغ مبارك بتأييدها لموقفه من المفاوضات مع إسرائيل، وقالت بوضوح "نجادل باستمرار قائلين إنه من الخطأ أن تطالب بالسلام وتقرير المصير داخل حدود آمنة لنفسك مالم تعترف بها للآخرين. يجب علينا أن نواصل قولنا هذا". وسجل السكرتير الخاص لرئيسة الوزراء البريطانية محضر المباحثات التي استمرت ساعة وثلث الساعة، وشدد على الالتزام بتوزيعه على عدد محدود للغاية من الجهات منها السفارة البريطانية في القاهرة. وقالت: "نحن نعلم أن الرئيس مبارك يرغب في أن يكون واضحا بأنه يعمل من أجل مصالح العالم العربي الأوسع". وكانت السفارة قد بعثت إلى الخارجية البريطانية بتقرير معلوماتي تحليلي مفصل عن سياسات مبارك الداخلية والخارجية قبيل زيارته لبريطانيا. وجاءت الزيارة في خضم مباحثات صعبة بين مصر وإسرائيل بشأن الحكم الذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، تطبيقا لبنود اتفاق كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب، الذي أبرم في 17 سبتمبر عام 1978، بعد زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات التاريخية للقدس. وتناول التقرير موقف مصر من المباحثات. ونبه الخارجية البريطانية إلى أن "أميالا تفصل بين موقفي الجانبين في مباحثات الحكم الذاتي". وفيما يتعلق بتقديره للموقف المصري، أكد أنه "ليس لدى المصريين نية لبيع مصالح الفلسطينيين سواء قبل أو بعد 25 أبريل". وأوضحت الوثائق أن إسحاق شامير، الذي كان وزيرا لخارجية إسرائيل، فشل في الضغط على إدارة مبارك، قبل شهور قليلة من الانسحاب من سيناء، كي تجري تعديلات على الحدود بما يسمح لوجود إسرائيلي في شبه الجزيرة. وجاء الموقف المصري الصارم، رغم حرص مبارك في ذلك الوقت على أن يتحقق الانسحاب الإسرائيلي باعتباره أحد أهدافه المهمة.