سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"نيويورك تايمز": مخاوف واشنطن من الإسلاميين وراء تهرب "أوباما" من التدخل العسكرى بسوريا.. والغرب يتخوف من قيام دولة إسلامية إذا ما أطيح ببشار.. والأسد يستغل مخاوف الغرب من المعارضة المسلحة
بات واضحًا خلال الساعات القليلة الماضية مدى تردد الإدارة الأمريكية عن التدخل العسكرى فى سوريا، والذى سبق أكدته مرارًا فى حال استخدام نظام بشار الأسد لأسلحة كيميائية، وهذا التردد ناتج عن خوفها من مساعدة من تعتبرهم جماعات متطرفة ومتشددة، لها علاقات بتنظيم القاعدة الذى شنت للقضاء عليه حربها على أفغانستان. كانت تلك رؤية تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أمس السبت، عن الأطراف التى تسيطر على مشهد المعارضة المسلحة فى سوريا. ضربت الصحيفة بمدينة حلب مثلا لذلك، حيث سيطرت المعارضة المدعومة من القاعدة على المشهد هناك، فأصبحت تدير محطة الطاقة والمخابز وتطبق الشريعة الإسلامية من خلال المحاكم، وفى مناطق أخرى سيطر المقاتلون على حقول النفط الحكومية ودفع الرواتب للموظفين بعد عودتهم من أرباح النفط. أما على مستوى البلاد أصبح المتشددون، على حد وصف الصحيفة هم من يقودون المعارك، حتى إن أمل الغرب على المجلس العسكرى الأعلى الذى يعد مظلة المعارضة المسلحة فى تهميش دور التيارات الإسلامية قد ضاع. ورأت الصحيفة الأمريكية، أن الغرب كان يأمل بعد الإطاحة ببشار أن يتم تأسيس البلاد بعيدًا عن الحكم الإسلامى، وقالت إن صوت التيارات غير الإسلامية فى مشهد المعارضة قد تلاشى تمامًا ولا يوجد له أثر. وهذا هو الواقع الذى وجد الرئيس الأمريكى باراك أوباما نفسه أمامه فى وقت بات مطالبًا فيه بالرد على أدلة استخدام النظام السورى للأسلحة الكيميائية وتجاوزه "الخط الأحمر". ورأت الصحيفة أنه خلال العامين الماضيين تحولت المعارضة المسلحة فى سوريا شيئا فشيئا إلى الراديكالية ولم تترك إلا القليل للأطراف غير الإسلامية التى تشارك الولاياتالمتحدة الرؤى نفسها إلى جانب المنشقين عن الجيش السورى. ووفقا لمصادر أمريكية، فإن أكثر الجماعات التى تخشاها واشنطن جبهة النصرة وأحرار الشام، ورغم أن الأخيرة كونتها فى الأساس جماعات سورية إلا أنها تشارك الجبهة فى الكثير من أفكارها المستمدة من فكر تنظيم القاعدة، وتنشط الجماعتان فى الشمال والشرق وتحظى باحترام كبير من قبل الجماعات الأخرى لإمكانياتها العسكرية المتقدمة المعتمدة على مساعدات دول خليجية. وأوضحت الصحيفة أن واشنطن اتخذت إجراءات ضد جبهة النصرة عن طريق وضعها على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وذلك بعد إعلان دعمها من قبل القاعدة بالعراق، بالإضافة إلى جماعات أخرى تشارك جبهة النصرة الأيدلوجية نفسها، كما ضغطت واشنطن من أجل تشكيل المجلس العسكرى الأعلى ليكون تابعًا للمجلس الوطنى السورى المعارض. وهذا ما أكده مستشار أوباما السابق لشئون الشرق الأوسط "أرى راتنر" الذى قال "إن أمريكا تخشى كثيرًا من الجماعات المتشددة السورية، صحيح أن هذا ليس معناه التعامل مع نظام الأسد لكننا متحفظين من المعارضة المتشددة، وربما هذا ما يراهن عليه الأسد فى استبعاده التدخل العسكرى الأمريكى لتخوف واشنطن من أن القوى المعتدلة فى المعارضة المسلحة معدودة، ولذا كان ذلك هو الأساس فى إقناع أو تخويف واشنطن من التدخل فى سوريا ومطالبتها بالبقاء بعيدًا عن الصراع الراهن، وبدا التهديد واضحًا من خلال تصريحات للأسد أن البديل لنظامه هو دولة إسلامية متطرفة. من جانبها، اعتبرت الصحيفة أن الهوية الإسلامية كانت المكون الأساسى للثورة السورية منذ اندلاعها حيث قادتها الأغلبية السنية فى البلاد. ومع انشقاق العديد من ضباط الجيش وتكوين جبهات للرد على ممارسات النظام الوحشية، سمح ذلك للعديدين فى الانضمام إلى كتائب المقاتلين من خلفيات ثقافية وسياسية ودينية مختلفة، وكان من بينهم عناصر من القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين بسوريا وآخرين ممن يحلمون بتأسيس دولة إسلامية، الأمر الذى أدى إلى انحسار دور الأطراف العلمانية والليبرالية. ومع ذلك فإنه حسب شهادات من مقاتلين بصفوف جبهة النصرة، فإن معظم أتباعها انضموا لها لقدراتها العسكرية فقط وليس من أجل أيدلوجيتها، ورغم محاولات التخويف منها، نجحت الجبهة فى تأمين الخدمات الأساسية فى المناطق المسيطرة عليها وتحديدا فى حلب ودير الزور والحسكة. ووسط كل هذا، استنكرت المعارضة تركيز الغرب على المخاوف من الإسلاميين وغض الطرف عن جرائم النظام السورى، وقالوا إن طبيعة الشعب السورى ضد التشدد ومن المستحيل أن تتحول سوريا إلى نسخة أخرى من أفغانستان.