ارتبط اسم الإرهابى «هشام عشماوى» بحادث الواحات بالجيزة، الذي وقع مساء الجمعة الماضية، وأسفر عن استشهاد عدد من عناصر الشرطة، ومقتل نحو 15 تكفيريًا، ونسبت مصادر غير رسمية إليه التورط في العملية الإرهابية. هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تداول اسم «عشماوى» في عمليات العنف التي ضربت مصر خلال السنوات الخمسة الأخيرة، ولكن تم تداوله خلال العامين الماضيين على نطاق واسع، وتحديدا منذ أعلن عن نفسه عبر تسجيل صوتى، تحت لقب « أبى عمر المهاجر»، وقيل وقتها إنه أحد القيادات الميدانية لتنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي تحول اسمه لاحقا إلى «ولاية سيناء». في هذا التسجيل أظهر الضابط المفصول من الخدمة قبل 5 أعوام وجهًا قبيحًا ضد الدولة المصرية، وبدا محرضًا على ما أسماه «الجهاد» ضدها، وتنفيذ عمليات عنف واسعة على أراضيها، واصفًا هذا الجهاد بأنه «فرض عين على كل مسلم لا عذر له في القعود عنه»، ومعلنًا بهذا عن وجود تنظيم جهادى جديد تحت زعامته اسمه «المرابطون». ورغم تأرجح التاريخ الذي تم فيه طرد «عشماوى» من الخدمة بين عامى 2009 و2012، إلا أن تقارير عدة أجمعت على أنه كان ضابطا متفوقا في تدريبات فرق الصاعقة في مختلف مراحل حياته العملية، إلى أن تم عزله ل«دواعٍ أمنية»، وقيل أسباب نفسية تتعلق بوفاة والده، كما تم سرد روايات أخرى، لن يغير ذكرها من الواقع شيئا. وبحسب هذه التقارير، فإن الإرهابى الثلاثينى، عمل في سيناء نحو 10سنوات، حفظ خلالها جغرافيتها وتضاريسها ما ساعد ما يسمى تنظيم أنصار بيت المقدس كثيرًا في تنفيذ عملياته الإرهابية. المعلومات المتاحة عن «عشماوى» تكشف أيضًا عن سفره إلى سوريا إبان اندلاع الثورة السورية، وتردده على معسكرات جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، كما نوهت إلى علاقته الراسخة بتنظيم «القاعدة» في ليبيا والمغرب العربى عمومًا. قبل وقوع حادث الواحات الغاشم، ظل اسم «عشماوى» مرتبطا بالضلوع في التخطيط والتنفيذ لجميع العمليات النوعية الكبرى التي شهدتها البلاد، بعد ثورة 30 يونيو 2013، مثل: محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق «محمد إبراهيم» وقضية «عرب شركس»، كما اتهم بأنه المخطط الأول والمشارك في تنفيذ مذبحة كمين الفرافرة، في شهر يوليو 2014، واتهم أيضًا بالمشاركة في استهداف الكتيبة 101 في شهر فبراير من العام ذاته. وبحسب المحللين والمراقبين المعنيين بشئون الإرهاب وجماعات الإسلام السياسي، فإن تنظيم «المرابطون» الإرهابى الذي خرج من رحم «القاعدة» تحت زعامة «عشماوى»، يعتبر واحدًا من أحدث الكيانات الإرهابية الناشئة وأشدها عنفا على جميع المستويات، خاصة أنه بدا امتدادا لتنظيم «المرابطون» الذي ينشط في شمال مالى والصحراء الكبرى، فضلا عن أنه حقق أمنية عظيمة لتنظيم القاعدة الذي فشل عبر سنوات طويلة في تأسيس وتكوين فرع إقليمى في مصر، بالرغم من زعاماته المصرية مثل: أيمن الظواهرى وأبى عبيدة البنشيرى وأبى حفص المصري. ظهرت جماعة «المرابطون» بعد فشل جماعات مماثلة في تأسيس «فرع قاعدي» وتعرضت للتفكك والانحلال بعد سلسلة من الضربات الأمنية، ومن أبرزها جماعة «أجناد مصر» التي أعلنت عن نفسها في يناير2014، وأصدرت عدة بيانات، تبنت من خلالها تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية، وقد ضعفت الجماعة وتعرضت للتشتت عقب مقتل زعيم ومؤسس التنظيم مجد الدين المصرى همام عطية. إذن.. جماعة «المرابطون» تعتبر النسخة الجديدة للجهادية المصرية القاعدية، وفى قراءة موضوعية لمشهد الإعلان عنها، يتبين بسهولة انحيازها إلى تنظيم القاعدة بزعامة الظواهري، إذ بدا الشريط تكرارا لإعلانات التأسيس القاعدي، فضلا عن خطابها الغليظ والعنيف. يشار إلى أن تنظيم «المرابطون» الأم تأسس في نهاية عام 2013، بعد اندماج تنظيمين هما كتيبة «الموقعون بالدم» التي يقودها الجهادى الجزائرى «مختار بلمختار»، وجماعة «التوحيد والجهاد» في غرب أفريقيا، و»مختار بلمختار» هو القائد السابق لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربى، والمخطط لعملية احتجاز الرهائن في حقل عين أميناس للغاز جنوبالجزائر 16 يناير 2013، وينشط التنظيم أيضا في شمال مالى والساحل الإفريقى، حيث نفذ عدة عمليات إرهابية بالمنطقة. وتزامنًا مع ظهور «عشماوى» أعلن تنظيم «المرابطون» عزل أميره الحالى عدنان أبوالوليد الصحراوى، وتنصيب المختار بلمختار أميرًا جديدًا، كما أعلن تبرؤه من «داعش» وتمسكه ببيعة «القاعدة»، ليبقى «عشماوى» وتنظيمه الآثم ذراعًا للقاعدة على الأراضى المصرية، حان الوقت لبترها، وكسر شوكتها وتجفيف منابعها ووقف تمويلها ومددها وتسليحها، مثله في ذلك مثل الكيانات الإرهابية التي ألقينا إطلالة عليها في هذا الملف، والتي تهدف في المقام الأول إلى تشتيت تركيز قوات الجيش والشرطة، والادعاء بتعدد الكيانات المناهضة للدولة المصرية، رغم أن جميعها كما ذكرنا تخرج من مصدر واحد، وهو جماعات العنف الكارهة للحياة والإنسانية، وهى الجماعات التي تقود مصر ضدها حربا واسعة متعددة الجبهات، حتى تطهر الأرض المصرية منها.