بعد سجال طال شهورًا، أعلنت علياء مهدي عاكف، ابنة المرشد الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية في مصر، وفاة والدها البالغ من العمر 90 عاما، بعد صراع طويل مع المرض. «علياء» التي طالما خرجت على نفس حسابها ب«فيس بوك» تبكي والدها، وتتهم وسائل الإعلام كافة، باللعب بمشاعر العائلة إثر أنباء الوفاة التي تكررت كثيرا، كلما تعرض الرجل لأزمة صحية؛ هي نفسها التي أعلنت منذ قليل وفاة والدها؛ لتسدل الستار على مسيرة طويلة لمرشد الإخوان الأسبق الذي أثار كثيرا من الصخب حوله في حياته ورحل في صمت تام. ولد عاكف عام 1928 في قرية كفر عوض السنيطة، بمحافظة الدقهلية، وكان ابنًا ضمن عشرة من الأشقاء، لوالد ميسور الحال، تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة المنصورة الابتدائية، وانتقل إلى القاهرة، واستكمل تعليمه بمدرسة فؤاد الأول الثانوية بالقاهرة، وحصل منها على التوجيهية «الثانوية العامة»، ومنها دخل المعهد العالي للتربية الرياضية، وتخرج منه عام 1950، ليلتحق بكلية الحقوق عام 1951. انضم للإخوان عام 1940، والتحق بالتنظيم الخاص، ورأس معسكرات جامعة إبراهيم «عين شمس حاليا» في الحرب ضد الاستعمار البريطاني بالقناة، حتى قامت ثورة 1952، كما شغل منصب رئيس قسم الطلبة، أحد أهم أجنحة الجماعة، وكان يتبع حسن البنا بنفسه، كما تولى رئاسة قسم التربية الرياضية بالمركز العام للإخوان. قبض على عاكف، في 1 أغسطس عام 1954، بتهمة المشاركة في تهريب اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف- أحد قادة الجيش، وتمت محاكمته، وصدر عليه حكم بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، فقضى 20 عاما بالسجن، وخرج منه عام 1974، وعمل مديرا عاما للشباب بوزارة التعمير، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية، وهناك عمل مستشارا للندوة العالمية للشباب الإسلامي، وكان مسئولا عن مخيماتها الدولية ومؤتمراتها، وفي سنة 1980 سافر إلى ألمانيا، فعمل مديرا للمركز الإسلامي بميونيخ؛ ليعود إلى مصر وينتخب عضوا بمجلس الشعب سنة 1987 عن دائرة شرق القاهرة، ضمن قائمة التحالف الإسلامي التي خاض الإخوان الانتخابات تحت مظلتها. في عام 1987، انتخب عاكف عضوا بمكتب إرشاد الإخوان، وكان أحد خمسة وثلاثين عضوا بمجلس الشعب، مثلوا كتلة الجماعة في البرلمان عام 1987، ثم مثّل مرة أخرى أمام المحكمة العسكرية عام 1996 التي اتهمته بالمسئولية في تدشين التنظيم العالمي للإخوان، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وكان آخر منصب تولاه آنذاك هو الإشراف على الاتصال بالعالم الإسلامي. وخرج من السجن سنة 1999، وظل عضوا بمكتب الإرشاد حتى تولى منصب المرشد العام بعد وفاة المستشار محمد المأمون الهضيبي في يناير عام 2004، واستمر مرشدا حتى انتهت فترة ولايته في يناير 2010. كان مهدي عاكف لا يجيد لغة الإعلام، وكثيرا ما كان يثير الجدل؛ بسبب تصريحاته الصادمة، أهم ما نسب إليه في حوار صحفي مع جريدة روز اليوسف، وقال فيه، إنه لا مانع لديه أن يحكم مصر غير مصري، طالما كان مسلما، وبعد مهاترات متبادلة عرض رئيس تحرير الجريدة الصحفي الراحل عبد الله كمال مقاطع من الحوار على التليفزيون المصري. بعد ثورة 30 يونيو 2013، قُبض على «عاكف» ووجهت له تهم عديدة، من بينها إهانة القضاء على خلفية تصريحات نسبتها له صحيفة كويتية، قال فيها إن القضاء المصري فاسد، وبرأته المحكمة من هذه التهمة في مايو 2014، إلا أنه بقى في السجن لمتابعته بتهم أخرى تتعلق بقتل متظاهرين. في عام 2017 تراجعت الحالة الصحية لعاكف، ونقل إلى أحد المستشفيات وأودع بالعناية المركزة إثر تدهور صحته، وظلت الأنباء تتضارب حول وفاته، حتى أعلنت ابنته كلمة النهاية لمرشد الإخوان الأسبق ليرحل بما له وما عليه.