أصدر بنك "Rand Merchant Bank" الجنوب أفريقي خلال شهر سبتمبر الجاري، تقريره السابع عن الاستثمار في أفريقيا تحت عنوان "Where to Invest in Africa 2018". ووفقا لمؤشر جاذبية الاستثمار الصادر عن البنك المذكور (الذي يأخذ بعين الاعتبار النشاط الاقتصادى، وسهولة أداء الأعمال) صعدت مصر إلى مركز الصدارة على قائمة الدول العشر الأكثر جاذبية للاستثمار في أفريقيا، بالمقارنة بالمركز الثانى خلال العام الماضى، لتحل بذلك محل دولة جنوب أفريقيا للمرة الأولى منذ إصدار المؤشر. وتمكنت مصر من ذلك بفضل التقييم الأعلى للنشاط الاقتصادى بها، بالمقارنة بدولة جنوب أفريقيا التي عانت من تدهور الأوضاع الاقتصادية بها على مدار الأعوام السبعة الماضية، فضلًا عن ضعف مؤسساتها وأطر الحوكمة بها، وعلى الرغم من ذلك، ما زالت دولة جنوب أفريقيا تتمتع ببعض النقاط الإيجابية، وهى تحديدًا سعر الصرف وأسواق الأسهم والمال بها التي تمثل ميزات تنافسية تتفوق بها على الدول الأخرى، التي ما زال يواجه بعضها مشكلات في السيولة. وقد احتفظت المغرب بالمركز الثالث للعام الثالث على التوالى، مع تحسن مناخ الأعمال بها بشكل كبير منذ قيام ثورات الربيع العربى في عام 2010. أما إثيوبيا فقد تقدمت من المركز السابع إلى المركز الرابع، لتحل بذلك محل غانا، بفضل تسارع وتيرة نموها الاقتصادى السريعة بها. وجاءت كينيا في المرتبة السادسة، حيث يمثل هيكلها الاقتصادى المتنوع، وسياسات السوق التي تتبعها، وحجم الإنفاق الاستهلاكى بها مصادر جذب للمستثمرين. واحتلت تونس المركز التاسع بفضل ما حققته من تقدم في مجال التحول السياسي، وتحسين بيئة الأعمال بها من خلال الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها، فضلًا عن تحسن الوضع الأمني بها وإحرازها مزيد من الاستقرار الاجتماعى. وقد أدى تراجع النشاط الاقتصادى في بعض الدول إلى تراجع ترتيبها على قائمة المؤشر بالمقارنة بالمراكز التي حققتها خلال العام الماضى. فقد تراجعت غانا إلى المركز الخامس نتيجة لاستفحال الفساد بها ومحدودية الحرية الاقتصادية. ومن الدول التي خرجت من المراكز العشر الأولى، نيجيريا التي تراجعت من المركز السادس إلى المركز الثالث عشر بعد أن فقدت جاذبيتها للاستثمار بسبب الكساد الذي حل بها، وكذلك الجزائر التي تراجعت من المركز العاشر إلى المركز الخامس عشر. ورغم تراجع ترتيب دولة ساحل العاج من المركز الثامن إلى العاشر نتيجة لضعف تقييم بيئة الأعمال بها، إلا أنها نجحت في جذب الاستثمارات إليها على مدار الأعوام القليلة الماضية مما أسفر عن ارتفاع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر الوافد إليها ليجعلها من أسرع الاقتصادات نموًا على مستوى القارة الأفريقية. ولم تنجح كل من بتسوانا وموريشيوس وناميبيا في الصعود إلى المراكز العشر الأولى، كنتيجة أساسية لضآلة حجم أسواق كل منهم. ومن أهم ما جاء بالتقرير أن أفريقيا قد تتعرض لكارثة حقيقية إذا ما استمر اعتمادها على الأسس الاقتصادية الحالية، ولم تتجه إلى تنويع اقتصاداتها. ويلقى التقرير الضوء على الدول التي أدركت أهمية التأقلم مع فترة مطولة من تباطؤ أسعار السلع الأولية وضعف نمو الإنتاج. ويركز التقرير على أهم مصادر النقد الأجنبى بالقارة الأفريقية، التي تتيح لها قياس أهم موارد الدخل وتحدد فرص الاستثمار. فقد اضطرت بعض الحكومات الأفريقية خلال الأعوام الثلاث الماضية إلى تنفيذ إجراءات تقشفية حادة ومؤلمة، وخفض أسعار صرف عملاتها بصورة متكررة واتباع سياسات نقدية تقييدية، وتمكنت بعض هذه الدول من إدارة مثل هذه المشكلات بقدر أكبر من الفعالية، وأجبرت حكوماتها على مراعاة التوازن بين الحلول الاقتصادية الرشيدة من ناحية، والخيارات المستساغة سياسيا من ناحية أخرى. وكانت هذه السنوات الثلاث الأخيرة بمثابة ناقوس الخطر الذي أظهر حاجة هذه الاقتصادات الأفريقية الماسة إلى التحول من مصادر الدخل التقليدية إلى بدائل أخرى أكثر جدوى، نظرًا لتعرض بعضها إلى أزمات اقتصادية حادة وخاصة فيما يتعلق بنقص السيولة من النقد الأجنبى.