«كونفوشيوس» و«الشافعى» و«الغزالى» و«ابن حنبل» و«جنكيز خان» و«دافنشى» و«مانديلا» و«ياسين».. عاشوا مرارة اليتم فغيّروا العالم عدد الأيتام فى مصر يصل إلى 5 % من السكان.. وبيزنس الجمعيات وسوء المعاملة يهددان مستقبلهم الاحتفال ب «يوم اليتيم» فى الجمعة الأولى من أبريل من كل عام يرسم الابتسامة على وجوه آلاف الأطفال تحتفل مصر فى الجمعة الأولى من أبريل كل عام ب «يوم اليتيم»، ذلك اليوم الذى بدأ الاحتفال به عام 2004 بمبادرة من إحدى جمعيات رعاية الأيتام، وينتظره الكثيرون لرسم الابتسامة على شفاه أطفال فى عمر الزهور فقدوا الأب أو الأم أو كليهما، فعانوا الحرمان من الحنان، وآلام الوحدة، وخضعوا – رغمًا عنهم – لظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية بالغة الصعوبة والتعقيد، لا يساعدهم على التصدى لها سوى أهل الخير وبعض جمعيات رعاية الأيتام. لا أحد يعرف – بالضبط – عدد اليتامى فى مصر، غير أن بعض الدراسات تشير إلى أنهم 5 % من عدد السكان، حيث يتم التقاط ما يقرب من 43 ألف طفل سنويًّا فى مختلف المحافظات، يتوفى ثلثا هذا العدد قبل الوصول إلى دور الرعاية لعدة أسباب؛ أغلبها الحالة الصحية للطفل، بالإضافة إلى الجوع والعوامل البيئية من حر وبرد، أو مهاجمة الحيوانات له، وما ينجم عن تباطؤ أقسام الشرطة فى القيام بالإجراءات المتبعة والاتصال بالجمعيات المعنية فى المنطقة لتسلم الطفل، وتقاعس الجمعيات المعنية عن الحضور لتسلم الطفل. والغريب أن بعض جمعيات رعاية الأيتام تتخذ من هذه المهمة الإنسانية «بيزنس» هدفه جمع الأموال دون أن يعود هذا على اليتيم، الأمر الذى يهدد مستقبله، كما أن بعض الأيتام يعيشون أوضاعًا صعبة داخل جمعيات ومؤسسات الرعاية، حيث يلقون معاملة سيئة للغاية من عاملين غير مؤهلين، لا يراعون فيهم إلًّا ولا ذمة، رغم أن الله سبحانه وتعالى أمر بمعاملة اليتامى بالإحسان والبر والرحمة. وقد ورد لفظ اليتيم فى القرآن الكريم 23 مرة، فى إشارة واضحة للمسلمين للانتباه والوقوف وقفة جادة أمام هذه الفئة وأمام احتياجاتها الإنسانية، حيث قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَأَنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ. سورة البقرة الآية 220، وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَ اللَهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا سورة النساء الآية 127، لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَ الْبِرَّ مَنْ ءامَنَ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَبِيِينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ. سورة البقرة. الآية 177، يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَ اللَهَ بِهِ عَلِيمٌ سورة البقرة الآية 215، وَاعْبُدُواْ اللَهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ. سورة النساء الآية 36، كَلَّا بَل لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. سورة الفجر الآية 17، فَأَمَا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ, سورة الضحى، الآية 9، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآء وَلاَ شُكُورًا. سورة الإنسان الآيات 5-22. وبالطبع فإن مظاهر الظلم والقهر والإهمال وكل الاضطرابات النفسية التى تحتل نفوس معظم الأيتام، لا علاقة لها باليتم وفقدان العائل، بل هى صناعة المجتمع الذى يهمل اليتامى، ولهذا لم يخاطب القرآن الكريم اليتيم لأنه ليس مسئولا عما جرى له، بل اليتم قدر من الله تعالى لحكمة يريدها، وبالتالى فلا يصح أن يحرم هؤلاء مرتين، مرة من حنان الأمومة وعطف الأبوة، وأخرى من رحمة المجتمع ورعايته. أما اليتيم فى السنة النبوية الشريفة، فهناك أحاديث كثيرة تحض على كفالته ورعايته والإحسان إليه، فعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما». وعن أبى الدرداء قال: «أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه، قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يَلِن قلبك وتدرك حاجتك». رواه الطبرانى. وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيمًا بين مسلمين فى طعامه وشرابه حتى يستغنى عنه وجبت له الجنة». رواه أبو يعلى والطبرانى وأحمد. كما قال صلى الله عليه وسلم: «من وضع يده على رأس يتيم رحمةً كتب الله له بكل شعرة مدت على يده حسنة». رواه الإمام أحمد. وقد حفل التاريخ بالكثير من العظماء الذين عاشوا اليتم وآلامه، أعظمهم النبى محمد صلى الله عليه وسلم، الذى نشأ يتيم الأبوين، لحكمة إلهية، فرباه جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، والفيلسوف الصينى كونفوشيوس، والإمام أحمد بن حنبل والإمام البخارى، والإمام الشافعى، والإمام أبو حامد الغزالى، والشاعر أبو الطيب المتنبى، والفنان ليوناردو دافينشى، وعبد الرحمن الداخل «صقر قريش»، والقائد المغولى «جنكيز خان»، وسيمون بوليفار؛ محرر أمريكا الجنوبية، وجوزيف ستالين، والشاعر حافظ إبراهيم، ونلسون مانديلا، والشيخ أحمد ياسين. فى هذا الملحق، وبمناسبة يوم اليتيم، تعرض «فيتو» سيرة ومسيرة مجموعة من هؤلاء العظماء، وفق تسلسل تاريخى، وترصد معاناتهم مع اليتم، وكيف استطاعوا أن يصلوا إلى هذه المكانة ويحققوا إنجازات للبشرية، ويصنعوا تاريخًا لا يزال باقيًا بيننا حتى الآن.