في الوقت الذي تشهد فيه العديد من دول العالم السياحية الكبرى حوادث إرهابية كبيرة، إلا أنها لم تؤثر في السياحة الوافدة إليها مثلما يحدث في مصر، على الرغم من تشابه الحوادث من حيث حجمها وفترات وقوعها، الأمر الذي يكشف عن فشل دبلوماسى وسياحى وإعلامي مصري. وأرجع الخبراء عدم عودة السياحة الدولية إلى مصر حتى الآن لعدة أسباب، يأتى على رأسها ضعف التحرك الجاد لدى صناع القرار السياحى المصرى في العالم، بالإضافة إلى تخاذل الدولة في مواجهة الأزمة، وقيام الوزير الحالى يحيى راشد، بتدمير الغرف السياحية التي تعد الذراع التسويقية للسياحة المصرية. عمرو صدقى، الخبير السياحى الدولى، وعضو البرلمان المعين عن القطاع السياحى، أكد أنه لا توجد دولة في العالم تستطيع تحقيق الأمن الكامل على أرضها، وبالتالى فإن وقوع أي حوادث إرهابية لا يعنى وجود خلل أمني في مصر أو تقصير من الأجهزة الأمنية، ولكن الفارق بيننا وبين الدول الأخرى في المعالجات المختلفة من النواحى السياسية والسياحية والإعلامية.. فلابد أن يكون لوزارة الخارجية دور واضح عقب كل حادث بتوضيح الحقيقة، والتأكيد أن تلك الأحداث موجودة في جميع دول العالم وأن الإرهاب ظاهرة عالمية تعانى منها جميع دول العالم وليس مصر فقط. وأضاف أن الهيئة العامة للاستعلامات لها دور في تزويد وسائل الإعلام بالمعلومات الحقيقية عن الحوادث لسد الطريق أمام أجهزة الإعلام التي تستغل أي حادث يقع في مصر، وتنشر معلومات مغلوطة، وتضخم في الأحداث، بما يصدِّر انطباعا بأن مصر تعيش في حرب مستمرة مع الإرهاب، وأن مناطقها غير آمنة بهدف ضرب الاقتصاد القومى عن طريق السياحة. وأوضح أن وزارة السياحة لم تتخذ أي إجراءات عملية تجاه معالجة الآثار السلبية للحوادث التي تؤثر في السياحة بشكل كبير، وأدت إلى وجود تخوف لدى السائحين من زيارة مصر.. ولم نر أي آثار إيجابية لحملة العلاقات العامة التي أعلنت عنها وزارة السياحة، واكتفت بالمشاركات التقليدية في المعارض السياحية بشكل غير مدروس، وهذا لا يجدى في ظل وجود مخاوف من زيارة المقصد السياحى المصرى لأسباب أمنية. بينما يرى إلهامى الزيات، رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية الأسبق، أن السياحة المصرية تدفع فاتورة كبيرة نتيجة حرب مصر ضد الإرهاب، وأن الأجهزة المصرية المعنية لم تقم بمسئوليتها تجاه تقليل آثار تلك الحوادث على الاقتصاد المصرى بصفة عامة، والسياحة بصفة خاصة؛ الأمر الذي أدى إلى تدهور غير مسبوق للسياحة المصرية بسبب عدم وجود تحرك سياحى يتناسب مع طبيعة الحوداث؛ مما أدى إلى تخبط في الأسواق السياحية التي تمثل المصدر الرئيسى للسائحين الوافدين إلى مصر وخاصة دول الاتحاد الأوروبي. وتساءل الزيات: كيف تظل السياحة الروسية التي تعتبر السوق الأكثر إقبالا بالنسبة لمصر متوقفة منذ نحو عامين بسبب حادث، بينما تعود إلى تركيا رغم وقوع حوادث عديدة متعمدة كان آخرها مقتل السفير الروسى بتركيا؟! هذا يؤكد وجود خلل في المعالجة المصرية، وخاصة من قبل الخارجية والسياحة. وأضاف أننا يجب أن نكون واضحين وصادقين مع أنفسنا لأن جميع دول العالم تشهد حوادث متكررة وضخمة، وعلى سبيل المثال فرنسا، ومع ذلك لا تواجه مشكلة سياحية، مثلما تواجه مصر فإن الأمر يحتاج إلى دراسة المواقف بطريقة علمية وعلى رأسها الإعلان عن الحقيقة حتى نستطيع علاج الأسباب، ولا نصدر للعالم معلومات غير مقنعة حول ما يدور في مصر، فلابد لحكومات وشعوب العالم إدراك أن مصر تتصدى وحدها لمحاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وأن يكون لتلك الدول دور في مساندة مصر وعدم دعم الإرهاب بسرعة إصدار تحذيرات من السفر إلى مصر. وأشار الرئيس الأسبق للاتحاد المصرى للغرف السياحية إلى أن القطاع السياحى من أقل القطاعات اهتمامًا من قبل الحكومة، وذلك على الرغم من أنه من أهم القطاعات التي تؤثر في الاقتصاد القومي، مشيرا إلى ضرورة قيام الدولة بمسئوليتها تجاه السياحة التي تعانى من أزمة انعكست على جميع قطاعات الاقتصاد القومى المصرى، وتسببت في عجز مزمن للموازنة العامة للدولة. ومن جانبه قال إيهاب عبد العال، رئيس اللجنة الاقتصادية السابق بغرفة شركات السياحة، إن الدولة خذلت القطاع السياحى، وتعاملت معه بعدم إدراك لأهميته في الاقتصاد القومى كمصدر أول للعملات الأجنبية والأكثر توفيرا واستيعابا لفرص العمل، وأنه قطاع يرتبط به نحو 70 صناعة وخدمة تعرضت للانهيار مع السياحة التي تتلقى ضربات موجعة منذ 5 سنوات، وكأن الأمر لا يعنى الدولة. وأضاف أن الارتفاع الكبير الذي شهده، ويشهده، الدولار أمام الجنيه سببه الأساسى انخفاض السياحة وجميع المشكلات الاقتصادية، وارتفاع الأسعار سببه انهيار السياحة وعدم قيام الدولة بجميع مسئوليها بدورهم تجاه الصناعة الوحيدة القادرة على النهوض بالاقتصاد القومى، وللأسف فضل المسئولون العمل بنظام الجزر المنعزلة حتى أصابهم الطوفان لأنه إذا غرقت السياحة غرقت معها جميع قطاعات الاقتصاد القومى. وأشار إلى أن التأمينات والبنوك من أكثر الجهات التي خذلت القطاع السياحى، فجميع المنشآت السياحية والفندقية تقوم بدفع أقساط التأمينات أولا بأول للعاملين الذين يجب أن تكون الدولة حريصة عليهم لأنهم من أهم عناصر صناعة السياحة، وللأسف فقدنا خلال الأزمة نسبة كبيرة من الخبرة التي تحتاج إلى عشرات السنين لتعويضها.. وللرئيس السيسي أقول: "ابعد عنا التأمينات"، وللبنوك أقول: حققتم عشرات المليارات من السياحة، وعندما تعرضنا لأزمة رفضتم منحنا قروضًا لدفع رواتب العاملين واستكمال مشروعاتنا، مشيرا إلى أن لديه فندقا تحت الإنشاء يضم 220 غرفة والبنوك رفضت منحه قرضا لاستكماله. وفى السياق نفسه، أكد عادل عبد الرازق، عضو الاتحاد المصرى للغرف السياحية السابق، أن أسباب تراجع الحركة السياحية لمصر هو السياسة غير الواقعية لوزير السياحة المصرى محمد يحيى راشد منذ إعلانه عن "خطة 6×6" التي لم يتم تنفيذها على أرض الواقع، وحتى الآن. وأوضح أن قرارات وزير السياحة التي أدت إلى هدم كل مؤسسات القطاع السياحى من غرف سياحية واتحاد وإغلاق مكاتب خارجية؛ مما أدى إلى انخفاض حركة السياحة المصرية بشكل مبالغ فيه، ولابد أن تعلم الدولة أن وزير السياحة يستخدم قرارات فاشلة تساعد على تأخر الحركة وليس عودتها في القريب العاجل. وأضاف عبد الرازق أن قرار إغلاق الشركات التركية في السوق الروسية كان لابد أن يسبقه تحرك من القطاع السياحى المصرى في السوق الروسية لإيجاد شركات بديلة للشركات التركية، سواء روسية أو من جنسيات أخرى والعمل على إنشاء كيانات سياحية مصرية في روسيا تتولى تنظيم الحركة.