انطلاق ملتقى التوظيف بشبرا الخيمة    وزير الإسكان: إزالة التعديات على 507 أفدنة ببني سويف والفشن الجديدتين    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 19 مايو 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 19 مايو 2025    وزير البترول: ندعم خطط شركة الحفر المصرية للتوسع في الأسواق الخارجية    عطل فني بمطار باريس أورلي يتسبب في إلغاء رحلات لليوم الثاني    صاروخ حوثي يجبر خطوط الطيران اليونانية على إلغاء رحلاتها لإسرائيل    استشهاد 5 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي سوق الفالوجا شمال قطاع غزة    البث العبرية: ساعر طلب إدخال مساعدات لغزة بعد ضغط أوروبي وأمريكي    مواعيد اختبارات الناشئين بنادي السكة الحديد 2025-2026    عودة الأجواء الربيعية على طقس الإسكندرية واعتدال في درجات الحرارة    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    انطلاق ملتقى توظيف في إيبارشية شبرا الخيمة الجنوبية بمشاركة 50 شركة ومؤسسة    ضوابط عقد امتحانات نهاية العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية    رئيس جامعة القاهرة يكرم الفائزين في مهرجان المسرح للعروض الطويلة و"إبداع 13"    تركي آل الشيخ يشارك متابعيه كواليس «الأسد» ل محمد رمضان |فيديو    مصطفى الفقي.. 40 كتابا بين السياسة والثقافة والدبلوماسية    سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟    تحريات لكشف ملابسات اتهام شركة سياحة بالنصب على أشخاص فى الجيزة    استمرار إغلاق «الغردقة البحري» لليوم الثاني بسبب سوء الأحوال الجوية    انتخاب «عبد الغفار» بالإجماع رئيسًا للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب    رئيسة المفوضية الأوروبية: أسبوع حاسم لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    موعد آخر ظهور للأهلى وبيراميدز فى الجولة الأخيرة للتتويج بلقب دوري nile    المتحف المصري الكبير يستقبل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية    أسطورة مانشستر يونايتد: تفاجأت بتجديد عقد صلاح مع ليفربول لهذا السبب    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين فى قضية خلية الجبهة    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    مسح سوق العمل يكشف: مندوب المبيعات أكثر وظائف مطلوبة بالقطاعين العام والخاص    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الاثنين 19 مايو 2025    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل بطل
نشر في فيتو يوم 05 - 07 - 2017

قبل سفرى إلى الخارج كان لابد وأن أزوره في مستشفى مصر للطيران.. لأول مرة في حياتى أراه يتحدث عن الغياب.. قال بكلمات بسيطة "خلاص.. لقد عشت كثيرا وآن أوان الرحيل".. لم تكن فكرة غيابه بالموت سهلة على إدراكى؛ فقد عشت معه أكثر من ستة عشر عاما تلميذا، أنهل مما منحه الله له من علم وفير وخبرة غزيرة وفهم فلسفي للحياة، يمثل قيمة أكبر من كل علوم الدنيا.. لم أنس أن أقول له "سأسافر وفور عودتى سآتى إليك".. غبت أسبوعا وعدت ويوم عودتى كان هو قد فارقنا إلى الأبد.. عن فارس الصحافة المصرية الدكتور صلاح قبضايا أحدثكم.
تربى قبضايا في مدرسة أخبار اليوم على أيادى أساتذة الصحافة في مصر.. تعلم من مصطفى أمين وعلى أمين وعمل مع التابعى وتعارك مع موسى صبري، ثم شهد له بالفضل، وفي فترة تاريخية حاسمة كان مقاتلا مع قواتنا المسلحة كواحد من أقدم المحررين العسكريين فشارك في حرب اليمن، وأصيب فيها وشارك في 67 وذاق مرارة الهزيمة، ولكنه لم ينكسر يوما ولم يفقد الأمل في جيش بلاده وسجل بقلمه أولى بشائر النصر عام 1973 بكتابه الذي لا يزال ينبض بالحياة "الساعة 1405"..
من رحم موهبته ولدت أول صحيفة معارضة مصرية عام 1976- جريدة الأحرار، وعلى صفحاتها استضاف الناصريين والشيوعيين والوفديين، فكتب فيها خالد محيي الدين وضياء الدين داوود والمستشار ممتاز نصار، فاستحقت صحيفته أن يطلق عليها "صحيفة المعارضة".. كان ليبراليا حتى النخاع وكان مقاتلا شرسا في الحق يؤمن بأن القلم أشد فتكا من الرصاصة، وانطلاقا من إيمانه هذا عاش حياته مدافعا عن المعلومة ومطاردا الهمس والغمز واللمز.
عاش صلاح قبضايا لحظات النصر تاريخا عريقا، فظل حتى لحظاته الأخيرة يكتب لأبطال نبراس "الخدعة" عن حكايات النصر العظيم، وترك تراثا في التحرير العسكري يعد ذخيرة للأجيال المتتالية وظلت قصص في حياته، ما أحوجنا اليوم إليها نعود إلى صفحاته نلتمس فيها رائحة عرقه.. كان قبضايا يمارس الكتابة جهادا وعرقا ونضالا وكان يخرجنا من لحظات الهزائم النفسية بروايات بطولية يشيب لها الولدان.
ورغم أنه فصل من الأحرار بقرار من الرئيس السادات، إلا أنه وحتى لحظاته الأخيرة كان يحادثنا عن البطل أنور السادات بإعجاب وفخر، لا يعترف بهما إلا ذو قلب سليم..
كان قبضايا قلبا كبيرا يحمل بين جوانحه خيرا لكل الناس.. غادر القاهرة إلى لندن وهناك نسج واحدة من قصص النجاح بالصحافة العربية في لندن، وعندما عاد بعد سنوات كان المشهد الصحفى في مصر قد تغير.. آثر البقاء في منزله يهدهد ابنته الوحيدة.."هبة الشقية" كما كان يصف محاوراته معها حتى التقى الشيخ الشعراوي.
سأله الشيخ الشعراوي: وأين تعمل الآن؟.. أجابه بصفاء ونرجسية: لست بحاجة إلى العمل.. قال الشيخ: ولكن المسلم يعمل على قدر استطاعته وليس على قدر حاجته، حتى يكفل من لديه استطاعة كل من ليست لديهم استطاعة..
في اليوم التالى، بدأ يبحث عن عمل كمحرر في أي صحيفة.. نعم لم يكن صلاح قبضايا الذي ملأ دنيا الصحافة بأعماله يهتم بالمنصب.. أعاد إصدار صحيفة صوت الأمة مع صاحبها المنتج السينمائى الراحل عدلي المولد.
لم تمض شهور إلا وعاد قبضايا إلى ابنته الشرعية وأحد أهم منتجاته في عالم الصحافة.. عاد إلى الأحرار ونحن معه وعلى يديه بدأنا رحلة كفاح وتعلم، كان هو فيها الأب والمعلم وصاحب الفضل في بناء شخصياتنا الصحفية.. علمنا أن المعارضة ليست هدفا في حد ذاتها ودربنا على أن الحقيقة هي الهدف الأسمى وخاض فينا معارك الاستعجال الصحفى لصالح التمحيص التدقيق فكان صاحب صولات وجولات.
علمنا صلاح قبضايا أن إدارة المعارك علم وفن، وأن المعلومة الدقيقة هي سلاح الصحفى أمام السلطة وأمام القانون وقبل هذا وذاك أمام صاحب العمل.. وصاحب العمل في عرف أستاذنا هو القارئ والهدف هو القارئ وصاحب السلطة الحقيقية هو القارئ، وصاحب السلطان الحقيقي هو القارئ.. كان قبضايا يكره الانفعال ولم نره متشددا إلا عندما يكتب زميل لفظا خارجا.. كان يقول الصحافة فن والنقد التزام والألفاظ البذيئة ليست رسالة والإقدام عليها إفلاس وفقر مهنى.
لم يكن يرفض في حياته إلا هذا النوع من البشر الذين لا يرون إلا نصف الكوب الفارغ.. كان يكره الإحباط ويقول: تخلص من كل محبط في محيط عملك ليس لأنه محبط، ولكن لأنه طاقة سلبية تؤثر على الآخرين.. تعامل مع نصف صحفى ذي طاقة إيجابية ولا تعمل مع صحفى محترف مهنيا لو كان اليأس طبيعته.. وكان عليه رحمة الله طاقة إيجابية.. تراه بكامل لياقته في الأزمات.. هادئ الطبع يدير الدفة بمهارة.. يجيد السباحة وسط أمواج متلاطمة ورياح عاتية.. كان صانعا للأمل عندما تعتقد أنه لا أمل.. كان طاقة حب لا تزال تظللنا رغم مرور سنوات ثلاث على غيابه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.