سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
15 رسالة رئاسية من أوغندا.. نهر النيل مصدر حياة المصريين.. المصلحة المشتركة تقتضي التعاون المكثف.. دعم جهود تعزيز السلام في منطقة حوض النيل.. نسيان خلافات الماضي.. وتوفير الاستثمارات لتحقيق التنمية
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في أول قمة لدول حوض النيل مع زعماء ورؤساء حكومات تلك الدول في مدينة عنتيبي الأوغندية. وألقى الرئيس السيسي كلمة قال فيها: أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لأخي العزيز الرئيس "يوري موسيفيني" ولشعب أوغندا الشقيق على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة. وأضاف السيسي: اسمحوا لي أن أنقل إليكم فخامة الرئيس، ولجميع قادة وشعوب دول حوض النيل، رسالة مودة وتقدير واحترام من شعب مصر، الذي طالما اعتز بجذوره الأفريقية وبانتمائه لهذه القارة العظيمة، مهد الحضارات الإنسانية، وبنهر النيل شريان الحياة الذي جمع بينه وبين جميع شعوب الحوض على مر العصور والتاريخ. وتابع: أود في هذه المناسبة أن أنقل مساندة وتأييد شعب مصر لكل جهود تعزيز وإرساء الاستقرار والسلام والتنمية في منطقة حوض النيل، وأؤكد التزامنا بالعمل سويًا لتحقيق ما تستحقه منطقتنا وشعوبنا من سلم ورخاء. وأوضح: إن دعوتكم لعقد أول قمة لرؤساء دول حوض النيل ومشاركتنا جميعًا في هذه القمة التي تتزامن مع الذكرى الخمسين لبدء التعاون بين دول حوض النيل، هو بلا شك حدث تاريخي، ورسالة واضحة إلى شعوبنا وإلى كل من يتابع أعمال هذه القمة، بأن نهر النيل يجمعنا ولا يفرقنا، وأن مصلحتنا المشتركة في الاستفادة من مواردنا الطبيعية والبشرية لبناء وتطوير مجتمعاتنا، أعظم وأكثر أهمية بكثير من أي اختلافات قيدت مواقفنا وكبلت طاقاتنا على مدار عقود طويلة. التعاون المشترك وأضاف: إن دول حوض النيل في أمس الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لمتابعة التعاون المشترك من أجل تحقيق تنمية مستدامة حقيقية تعمل على توفير حياة لائقة لشعوبها، وتُمكنها من مواجهة آثار ندرة المياه وتغير المناخ، وتطلق العنان لطاقاتها الكامنة. وقال: لقد كنت أول من رحب بالمشاركة في هذه القمة المهمة منذ أن أعلن الرئيس موسيفيني اعتزامه عقدها، إيمانًا منى شخصيًا بأهميتها، والتزامًا من مصر بتوجيه رسالة مُخلصة وصادقة إلى جميع شعوب دول حوض النيل، تؤكد أن مصر مدركة تمامًا للاحتياجات التنموية لتلك الشعوب، وأنها بمثل ما كانت من قبل في طليعة دعم الكفاح الأفريقي المشترك في معركة التحرر من الاستعمار، فإنها تستمر اليوم في الوقوف بكل ما لديها من قدرات في معركة التنمية والتحديث ودعم السلام والاستقرار في منطقة حوض النيل وقارتنا الأفريقية. مبادرة حوض النيل وتابع: لقد ساهمت مصر مع أشقائها في دول الحوض في إنشاء مبادرة حوض النيل عام 1999 بهدف تعزيز التعاون بما يضمن تحقيق وحماية المصالح والأهداف المشتركة. وقد حققت تلك المبادرة إنجازات كبيرة على مدار السنوات الماضية، من أهمها تعزيز قدراتنا على التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار بأي طرف. وأشار إلى أن الموارد المائية الدولية العابرة للحدود تمثل وضعًا خاصًا ينبغي الاهتمام به، لارتباطها بقدرة الدول المتشاركة في المورد المائي على العمل المشترك لتعظيم الاستفادة من هذا المورد، وتجنب الصراع عليه، ووضع قواعد عادلة تحكم استخدامات كل دولة. وقال السيسي: لنا في قواعد ومبادئ القانون الدولي للأنهار، وتجارب التجمعات والمفوضيات القائمة بين الدول المشاطئة لأنهار دولية في أفريقيا وأوروبا، سوابق وأمثلة عديدة ناجحة تعكس قدرة الدول التي تتشارك في النهر الدولي على تعظيم المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار بأي طرف. المصلحة المشتركة واستطرد: لعلكم تتفقون معي في أن مصلحتنا المشتركة تقتضي أن نكثف من تعاوننا وتكاملنا في مجالات عديدة، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار وفي قطاعات مثل التعدين والتنمية الزراعية والتصنيع الزراعي والطاقة وإدارة الموارد المائية والرعاية الصحية والتدريب وبناء الكوادر، وغير ذلك من مجالات التنمية الشاملة ذات الأولوية لشعوبنا ومجتمعاتنا. وقال: إنني على ثقة بأن لدى دولنا من الإمكانيات ما يكفل لها المضي قدمًا نحو بلوغ تلك الشراكة وتحقيق المزيد من التكامل في إطار يتسم بالاستمرارية والفعالية ويتواكب مع متطلبات الحاضر وتحدياته. وأضاف: إن مصر ترتبط مع أشقائها بنهر النيل العظيم والذي يسقط على حوضه ما يزيد عن 1600 مليار متر مكعب من المياه سنويا، ويستخدم جزء من هذه المياه في الزراعات المطرية والغابات والرعي في دول المنابع بشكل واسع، ولا يتدفق في مجرى النهر منها إلا نحو 84 مليار متر مكعب فقط، وتُهدر مئات المليارات الأخرى نتيجة عدم توفر الاستثمارات الكافية في بنية أساسية تستطيع أن تعظم الاستفادة من تلك المياه في كافة مناحي التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلداننا. وقال: إن نهر النيل يعد المصدر الأساسي للمياه في مصر، وبنسبة اعتماد تصل إلى 97%، وذلك في ضوء محدودية الموارد المائية الأخرى، ومع النمو السكاني الطبيعي في مصر، انحسر بشكل متسارع نصيب الفرد من المياه ليبلغ نحو 640 مترا مكع سنويا. تعاني مصر من عجز مائي يبلغ نحو 21.5 مليار متر مكعب سنويًا، وتقوم مصر بسد هذه الفجوة المائية من خلال إعادة استخدام المياه بكفاءة تصل إلى 80%، وهي نسبة تعتبر من أعلى المعدلات على مستوى العالم. ومن هنا، تأتي دوافع الشعب المصري في التعامل الحذر مع أي تأثير سلبي محتمل على أمن مصر المائي. رؤية مشتركة واستطرد: وإني لأدعو إلى أن نتبنى جميعًا رؤية مشتركة تنطلق من إدراك لحقيقة وجود موارد مائية مشتركة كافية في الحوض لم تُستغل بالشكل الكامل، واقتناع بأن واجبنا تجاه أنفسنا وشعوبنا هو التعاون سويًا والاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة والسليمة للوصول إلى الأسلوب الأمثل والمستدام لاستخدام هذه الموارد على النحو الذي يتيح تحقيق تطلعاتنا التنموية، وتجنب الآثار السلبية لموجات الجفاف، ويؤدي في الوقت ذاته إلى ضمان الأمن المائي لكل دول الحوض، وتجنب الإضرار بالحياة التي قامت وترسخت جذورها عبر قرون على ضفاف النهر. وقال: إن نجاحنا في تحقيق هذه الرؤية سيسهم في تعزيز قدرتنا على تنفيذ وثيقة "أجندة 2063" التي تجسد آمالنا الأفريقية في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية التي يستحقها مواطنونا، فضلًا عن دعم جهودنا الرامية لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في دولنا. وتابع: لقد جاءت مصر إلى القمة بهدف العمل على تعزيز الثقة فيما بيننا وتجاوز ما قد يكتنف ذلك من عقبات من خلال استلهام أمثلة أفريقية رائدة في التعاون بين الدول المشتركة في أحواض أنهار دولية، وأخص بالذكر النجاحات التي حققتها مفوضية حوض نهر السنغال التي أشاد المجتمع الدولي بأسلوب إدارة المورد المائي المشترك فيها، والتي قامت على مبادئ التوافق وتقاسم الدول المشاطئة للمنافع الناتجة عن المشروعات التي تُنفذ على مجرى النهر. وقال: إننا ننطلق من اقتناع بأن نهر النيل، ذلك النهر العظيم الذي يجمع أكثر من عشر دول، ويعيش على ضفافه أكثر من 250 مليون من مواطني دول الحوض، لهو جدير بأن يقدم نموذجًا أكثر نجاحًا لقدرة حكومات وشعوب دول الحوض على العيش المشترك والاستفادة من الطاقات المائية الهائلة فيه لتلبية احتياجات شعوبنا. استعادة الشمولية وأضاف: وانطلاقًا من إيمان مصر بأهمية استعادة الشمولية في إطار مبادرة حوض النيل، فقد أعربت عن استعدادها لاستئناف مشاركتها الفعّالة في المبادرة، إذا ما استعادت جميع دول الحوض التزامها بالعمل بمبدأ التوافق في اتخاذ القرارات، وفور إنشاء آلية للإخطار المسبق وفقًا للمعايير الدولية التي تتيح تبادل المعلومات والتشاور بشفافية بشأن المشروعات التي تقام على نهر النيل، وذلك اتساقًا مع الأمثلة الناجحة خاصة في أفريقيا. وقال: كما ترى مصر أنه من الهام أن نرسي دورية انعقاد قمة دول حوض النيل، بغرض انخراط قيادات دول الحوض في توجيه تعاوننا المشترك في كافة المجالات، والوصول به إلى الآفاق المأمولة. ويسعدني اتصالًا بذلك أن أعلن استعداد مصر لاستضافة القمة القادمة لدول حوض النيل العام القادم. واختتم: أود أن أؤكد تطلع مصر لأن تكون قمتنا التاريخية هذه نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التعاون ولحوار شفاف وجاد وبناء بين الأشقاء، من أجل تفعيل مسار شراكتنا المستقبلية وتجاوز ما يكتنفها من عقبات، وصولًا إلى استراتيجية متكاملة للشراكة في كافة المجالات، انطلاقًا من رؤية مشتركة لقادة دول حوض النيل، تضع اختلافات الماضي وراء ظهورنا، وتستشرف آفاق المستقبل بنظرة جماعية تأخذ مصالح الجميع بعين الاعتبار، وذلك في إطار توافقى ليس فيه غالب أو مغلوب، وإنما الكل فيه فائز.