أ ش أ : أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية مراعاة الشواغل المصرية فيما يتعلق بمياه النيل التي تعد المصدر الرئيسي للمياه في مصر مشيرا إلي ضرورة بلورة رؤية مشتركة للأسلوب الأمثل لاستخدام مياه النيل وتعظيم الاستفادة منه بما يتيح تحقيق التطلعات التنموية لجميع دول الحوض ويؤدي في الوقت ذاته لضمان الأمن المائي لها وتجنب الإضرار بالحقوق والاستخدامات الحالية. أكد الرئيس في كلمته التي ألقاها أمام قمة دول حوض النيل بأوغندا حرص مصر علي إنهاء الانقسام وتجاوز الاختلافات بين جميع دول حوض النيل وشدد علي اعتزاز مصر بجذورها الأفريقية. وفيما يلي نص الكلمة: السيد الرئيس يوري موسيفيني رئيس جمهورية أوغندا الشقيقة السادة رؤساء دول وحكومات دول حوض النيل السيدات والسادة رؤساء الوفود أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لأخي العزيز فخامة الرئيس "يوري موسيفيني" ولشعب أوغندا الشقيق علي حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة. واسمحوا لي أن أنقل إليكم فخامة الرئيس ولجميع قادة وشعوب دول حوض النيل. رسالة مودة وتقدير واحترام من شعب مصر الذي طالما اعتز بجذوره الإفريقية وبانتمائه لهذه القارة العظيمة. مهد الحضارات الإنسانية. وبنهر النيل شريان الحياة الذي جمع بينه وبين جميع شعوب الحوض علي مر العصور والتاريخ. كما أود في هذه المناسبة أن أنقل مساندة وتأييد شعب مصر لكل جهود تعزيز وإرساء الاستقرار والسلام والتنمية في منطقة حوض النيل وأؤكد التزامنا بالعمل سوياً لتحقيق ما تستحقه منطقتنا وشعوبنا من سلم ورخاء. أخي الرئيس موسيفيني إن دعوتكم لعقد أول قمة لرؤساء دول حوض النيل ومشاركتنا جميعاً في هذه القمة التي تتزامن مع الذكري الخمسين لبدء التعاون بين دول حوض النيل. هو بلا شك حدث تاريخي. ورسالة واضحة إلي شعوبنا وإلي كل من يتابع أعمال هذه القمة. بأن نهر النيل يجمعنا ولا يفرقنا. وأن مصلحتنا المشتركة في الاستفادة من مواردنا الطبيعية والبشرية لبناء وتطوير مجتمعاتنا أعظم وأكثر أهمية بكثير من أية اختلافات قيدت مواقفنا وكبلت طاقاتنا علي مدار عقود طويلة. إن دول حوض النيل في أمس الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضي. لمتابعة التعاون المشترك من أجل تحقيق تنمية مستدامة حقيقية تعمل علي توفير حياة لائقة لشعوبها. وتمكنها من مواجهة آثار ندرة المياه وتغير المناخ. وتطلق العنان لطاقاتها الكامنة. لقد كنت أول من رحب بالمشاركة في هذه القمة المهمة منذ أن أعلن فخامة الرئيس موسيفيني اعتزامه عقدها. إيماناً مني شخصياً بأهميتها والتزاماً من مصر بتوجيه رسالة مخلصة وصادقة إلي جميع شعوب دول حوض النيل.. رسالة تؤكد أن مصر مدركة تماماً للاحتياجات التنموية لتلك الشعوب. وأنها بمثل ما كانت من قبل في طليعة دعم الكفاح الأفريقي المشترك في معركة التحرر من الاستعمار. فإنها تستمر اليوم في الوقوف بكل ما لديها من قدرات في معركة التنمية والتحديث ودعم السلام والاستقرار في منطقة حوض النيل وقارتنا الإفريقية. الإخوة والأخوات لقد ساهمت مصر مع أشقائها في دول الحوض في إنشاء مبادرة حوض النيل عام 1999 بهدف تعزيز التعاون بما يضمن تحقيق وحماية المصالح والأهداف المشتركة. وقد حققت تلك المبادرة إنجازات كبيرة علي مدار السنوات الماضية. من أهمها تعزيز قدراتنا علي التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار بأي طرف. ويهمني هنا أن أشير إلي أن الموارد المائية الدولية العابرة للحدود تمثل وضعاً خاصاً ينبغي الاهتمام به. وذلك لارتباطها بقدرة الدول المتشاركة في المورد المائي علي العمل المشترك لتعظيم الاستفادة من هذا المورد. وتجنب الصراع عليه. ووضع قواعد عادلة تحكم استخدامات كل دولة. ولنا في قواعد ومباديء القانون الدولي للأنهار. وتجارب التجمعات والمفوضيات القائمة بين الدول المشاطئة لأنهار دولية في إفريقيا وأوروبا. سوابق وأمثلة عديدة ناجحة تعكس قدرة الدول التي تتشارك في النهر الدولي علي تعظيم المكاسب المشتركة وتجنب الأضرار بأي طرف. ولعلكم تتفقون معي في أن مصلحتنا تقتضي أن نكثف من تعاوننا وتكاملنا في مجالات عديدة. مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار وفي قطاعات مثل التعدين والتنمية الزراعية والتصنيع الزراعي والطاقة وإدارة الموارد المائية والرعاية الصحية والتدريب وبناء الكوادر وغير ذلك من مجالات التنمية الشاملة ذات الأولوية لشعوبنا ومجتمعاتنا. وإنني علي ثقة بأن لدي دولنا من الإمكانيات ما يكفل لها المضي قدماً نحو بلوغ تلك الشراكة وتحقيق المزيد من التكامل في إطار يتسم بالاستمرارية والفعالية ويتواكب مع متطلبات الحاضر وتحدياته. السيدات والسادة إن مصر ترتبط مع أشقائها بنهر النيل العظيم.. والذي يسقط علي حوضه ما يزيد علي 1600 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. ويستخدم جزء من هذه المياه في الزراعات المطرية والغابات والرعي في دول المنابع بشكل واسع. ولا يتدفق في مجري النهر منها إلا حوالي 84 مليار متر مكعب فقط. وتهدر مئات المليارات الأخري نتيجة عدم توفر الاستثمارات الكافية في بنية أساسية تستطيع أن تعظم الاستفادة من تلك المياه في كافة مناحي التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلداننا. وليس بخافي عنكم. أن نهر النيل يعد المصدر الأساسي للمياه في مصر. وبنسبة اعتماد تصل إلي 97% وذلك في ضوء محدودية الموارد المائية الأخري. ومع النمو السكاني الطبيعي في مصر. انحسر بشكل متسارع نصيب الفرد من المياه ليبلغ حوالي 640 متراً مكعباً سنوياً. وتعاني مصر من عجز مائي يبلغ نحو 5.21 مليار متر مكعب سنوياً. وتقوم مصر بسد هذه الفجوة المائية من خلال إعادة استخدام المياه بكفاءة تصل إلي 80% وهي نسبة تعتبر من أعلي المعدلات علي مستوي العالم. ومن هنا. تأتي دوافع الشعب المصري في العامل الحذر مع أي تأثير سلبي محتمل علي أمن مصر المائي. وإني لأدعو إلي أن نتبني جميعاً رؤية مشتركة تنطلق من إدراك لحقيقة وجود موارد مائية مشتركة كافية في الحوض لم تستغل بالشكل الكامل. واقتناع بأن واجبنا تجاه أنفسنا وشعوبنا هو التعاون سوياً والاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة والسليمة للوصول إلي الأسلوب الأمثل والمستدام لاستخدام هذه الموارد علي النحو الذي يتيح تحقيق تطلعاتنا التنموية. وتجنب الآثار السلبية لموجات لجفاف. ويؤدي في الوقت ذاته إلي ضمان الأمن المائي لكل دول الحوض. وتجنب الإضرار بالحياة التي قامت وترسخت جذورها عبر قرون علي ضفاف النهر. إن نجاحنا في تحقيق هذه الرؤية سيسهم في تعزيز قدرتنا علي تنفيذ وثيقة "أجندة 2063" التي تجسد آمالنا الإفريقية في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية التي يستحقها مواطنونا. فضلاً عن دعم جهودنا الرامية لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في دولنا. الإخوة والأخوات لقد جاءت مصر إلي القمة بهدف العمل علي تعزيز الثقة فيما بيننا وتجاوز ماقد يكتنف ذلك من عقبات من خلال استلهام أمثلة إفريقية رائدة في التعاون بين الدول المشتركة في أحواض أنهار دولية. وأخص بالذكر النجاحات التي حققتها مفوضية حوض نهر السنغال التي أشاد المجتمع الدولي بأسلوب إدارة المورد المائي المشترك فيها. والتي قامت علي مباديء التوافق وتقاسم الدول المشاطئة للمنافع الناتجة عن المشروعات التي تنفذ علي مجري النهر. إننا ننطلق من اقتناع بأن نهر النيل. ذلك النهر العظيم الذي يجمع أكثر من عشر دول. ويعيش علي ضفافه أكثر من 250 مليوناً من مواطني دول الحوض. لهو جدير بأن يقدم نموذجاً أكثر نجاحاً لقدرة حكومات وشعوب دول الحوض علي العيش المشترك والاستفادة من الطاقات المائية الهائلة فيه لتلبية احتياجات شعوبنا. وانطلاقاً من إيمان مصر بأهمية استعادة الشمولية في إطار مبادرة حوض النيل. فقد أعربت عن استعدادها لاستئناف مشاركتها الفعالة في المبادرة. إذا ما استعادت جميع دول الحوض التزامها بالعمل بمبدأ التوافق في اتخاذ القرارات. وفور إنشاء آلية للإخطار المسبق وفقاً للمعايير الدولية التي تتيح تبادل المعلومات والتشاور بشفافية بشأن المشروعات التي تقام علي نهر النيل. وذلك اتساقاً مع الأمثلة الناجحة خاصة في إفريقيا. كما تري مصر بأنه من المهم أن نرسي دورية انعقاد قمة دول حوض النيل. بغرض انخراط قيادات دول الحوض في توجيه تعاوننا المشترك في جميع المجالات. والوصول به إلي الآفاق المأمولة. ويسعدني اتصالاً بذلك أن أعلن استعداد مصر لاستضافة القمة القادمة لدول حوض النيل العام القادم. أخي الرئيس موسيفيني أود أن أشكر فخامتك مجدداً وأن أؤكد تطلع مصر لأن تكون قمتنا التاريخية هذه نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التعاون ولحوار شفاف وجاد وبنَّاء بين الأشقاء من أجل تفعيل مسار شراكتنا المستقبلية وتجاوز ما يكتنفها من عقبات وصولاً إلي استراتيجية متكاملة للشراكة في جميع المجالات انطلاقاً من رؤية مشتركة لقادة دول حوض النيل تضع اختلافات الماضي وراء ظهورنا وتستشرف آفاق المستقبل بنظرة جماعية تأخذ مصالح الجميع بعين الاعتبار. وذلك في إطار توافقي ليس فيه غالب أو مغلوب وإنما الكل فيه فائز.. وشكرا