الشرقاوى: المسلم مأمور بأداء عمله على أكمل وجه ويجب عليه صون الأمانة القاصد: %90 من قيم الإنسان تتشكل في سنواته السبعة الأولى انتشرت في المجتمع المصرى ظاهرة «الفهلوة» وهى عدم إتقان العمل مع الحصول على أجر ليس للعامل فيه أي حق، وعلى الرغم من أن هذا الفعل يستوجب الخزى والعار لكن الغريب أن هناك من يفتخرون أنهم يجيدون هذه «الفهلوة» ليتمادوا في غيهم وليشجعوا الآخرين على الاقتداء بهم حتى أصبحت هذه الظاهرة مرضا يدمر المجتمع ويقضى على أي أمل في المستقبل. وبحسب الإحصائيات والدراسات العالمية الصادرة العام الحالى في الشعوب الأكثر عملا، حل المكسيكى في المركز الأول، إذ إنه يعمل أكثر من 2246 ساعة سنويا، مع العلم أن معدل ساعات العمل الذي تحدده منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، هو 1766 ساعة عمل سنويا. وحل سكان كوستاريكا في أمريكا الوسطى أيضا في المركز الثانى من حيث ساعات العمل، إذ يعمل الموظف هناك في حدود 2230 ساعة سنويا، وفى المركز الثالث جاء الكوريون الجنوبيون، حيث يعملون قرابة 2113 ساعة سنويا، وجاءت النمسا في المركز ال20 وعلى الرغم من ذلك لم تذكر القائمة أي دولة عربية، الأمر الذي يحتم على العرب مراجعة موقفهم في ثقافة العمل. بينما يهتم الإسلام بالعمل اهتمامًا بالغًا ويربط بين العمل والإيمان بشكل مستمر، وهذا العمل يعنى كل الأعمال الصالحة التي يقوم بها الإنسان في حياته ويقصد من ورائها وجه الله ونفع الناس ودفع الأذى عنهم. ترجع تبريرات ظاهرة إهمال العمل إلى ضعف الرقابة وشيوع روح التواطؤ المتبادل على الإهمال والكسل وغياب مبادئ الثواب والعقاب وضعف الأجور وتزايد تكاليف وأعباء المعيشة ومحاباة غير الأكفاء. الإسلام يأمر بإتقان العمل أكد الدكتور أحمد الشرقاوي، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، أن الله تعالى أمرنا بإتقان الأعمال لأنه يراها ويراها المجتمع. وأضاف أن الله أوصى المؤمنين بإتقان الأعمال فقال الله تعالى: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ». وأشار إلى أن الإنسان مأمور بأداء العمل على أكمل وجه، فإتقان العمل من واجباته التي أوجبتها الشريعة الإسلاميةُ عليه، فالعمل أمانة في يد العامل، وعليه صون هذه الأمانة التي وكلت إليه من قبل صاحب العمل، مهما كانت الوظيفة التي يشغلها صغيرة أم كبيرة، مضيفا أن العامل مستأمن على عمله. وقال: إن معنى الإتقان في اللغة هو حسن العمل وتجويده ومنها أخذ مصطلح الجودة وأقسام الجودة في الأعمال والمصانع والشركات، وأشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، مضيفا أن إتقان العمل أي تأديته على النحو المعد شرعا فلا يوجد فيه أي نقص أو عيب، وأن يراقب فيه الشخص المولى عز وجل. وأكد أهمية أن تكون هناك شفافية في العمل و«صدقية» وليست مصداقية لأنها مأخوذة من الصدق حتى يحصل الإنسان على الأجر والثواب من الله عز وجل في الآخرة وينال أيضا التوفيق والنجاح في الدنيا، ويدعم نجاح المجتمع الذي يعيش فيه، فيرفع من معدل الإنتاجِ ونوعيته، فيعم الخير والنفع على الجميع. إتقان العمل من مقاصد الشريعة وأشار إلى أن إتقان العمل من مقاصد الشريعة الإسلامية، ومنها حفظ النفس فالطبيب الذي لا يتقن عمله قد يتسبب في قتل إنسان بريء وضع ثقته فيه وسلمه نفسه لكى يخفف عنه آلامه لا أن يقضى على حياته أو يتسبب في إصابته بعاهة مستديمة. وأكد أن إهمال العمل يهدر مقصدا آخر من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ المال فالمحامى الذي لا يراعى ضميره في عمله يتسبب في ضياع حقوق الناس وأموالهم، وكذلك حفظ العقل فالمعلم والذي لا يؤدى رسالته العلمية يكون سببا في تدمير شباب الأمة والقضاء على مستقبل البلاد. وأضاف أن نتائج إهمال العمل خطيرة وكارثية فكل الظواهر السلبية التي نراها من حولنا ما هي إلا عرضلمرض إهمال العمل سواء حوادث طرق أو الحرائق أو فساد التعليم أو غيرها من المشكلات التي تواجه مجتمعنا. ويرى علماء النفس أن انتشار ظاهرة إهمال العمل بين المصريين وافتخارهم بذلك يرجع إلى ثقافة المجتمع التي اعتادت على النفاق وعدم إحقاق الحق، فأصبح الحق فيها غريبا شاذا عن المجتمع. يجمعون على أن ثقافة «الفهلوة» التي انتشرت خاصة خلال الخمس سنوات الأخيرة أدت إلى انهيار المجتمع في الصحة والزراعة والتربية الاجتماعية، وانتشار ظاهرة الإسلام المزيف والتعصب الأعمى. منهج إعلامي سليم وأكد أنه لمعالجة هذه الظاهرة يجب على الدولة وضع منهج إعلامي سليم يعتمد على غرس الأخلاق في نفوس النشء والمجتمع والاهتمام بالتربية والتعليم من خلال إعادة دور المدرسة والمعلم في تربية الطفل على حسن الخلق لكى يكون عنصرا صالحا في المجتمع يعمل على إعلاء شأن نفسه ومجتمعه ووطنه.