العلمانية ليست كفرًا والخطاب الدينى يحتاج إلى «خطاب جديد»!! رفض الخوض في الحديث عن شطحات، فرج فودة، الذي اغتالته يد الإرهاب في التسعينيات قبل 25 عاما بالتمام والكمال، مؤكدا احترامه للموتى، خصوصا أن الراحل لن يتمكن من الرد وتوضيح ما إن كانت آراؤه في الدين شطحات، وفسر مفهوم العلمانية الحقيقية التي كان يسعى إليها فرج فودة، بأنه فصل الدين عن الدولة، وليس كما ادعى عليه من اغتالوه بأنه يسعى لفصل الدين عن المجتمع. «فيتو» أجرت حوارا مع الكاتب الكبير والنائب بمجلس النواب يوسف القعيد، أعلن خلاله موافقته على العلمانية التي دعا إليها فرج فودة، في فصل الدين عن الدولة، بأن يكون الدين في المسجد والكنيسة والمعبد، واستنكر النائب خلال الحوار، تجاهل مؤلفات وكتب فرج فودة، مطالبا دار النشر التي كانت تطبع كتبه، بإعادة نشرها مرة أخرى، أو أن تقوم دار الكتب المصرية بهذا الدور.. وإلى نص الحوار: بعد مرور 25 عاما على اغتيال فرج فودة.. ماذا تبقى من سيرته؟ _ أعتقد بقيت كتبه ومؤلفاته والتي لا أجدها في المكتبات، بالرغم من أهميتها الشديدة، وقصة حياته التي انتهت نهاية مفجعة لم يكن يستحقها. وما الدروس المستفادة من اغتيال فرج فودة؟ _ قصة فرج فودة تؤكد أن التطرف في مصر قديم، وله جذور منذ قديم الأزل، وليس مستحدثا، والدليل اغتيال مفكر ومثقف مثله. فيما يتعلق بمؤلفاته.. هل تجد هناك إهمالا في الاستفادة منها؟ _ بالطبع.. أنا لا أذكر دار النشر التي كانت تنشر كتبه ومؤلفاته، ولكن على دار النشر التي قامت بطباعة مؤلفاته أن تعيد طباعتها مرة أخرى، وإن لم تقم بذلك، أعتقد أن دار الكتاب أو أي دار نشر رسمية في الدولة يجب عليها أن تعيد طباعة كتب فودة مرة أخرى لأنها تحمل بين جنياتها تشخيصا للواقع الذي نعيشعه ودليلا للتعاطى معه. فودة خاض حربا في مواجهة جماعات الإسلام السياسي.. هل سبق عصره في التحذير من خطورة هذه الجماعات؟ _ لا لم يسبق عصره في ذلك، خصوصا وأنه تم اغتياله في التسعينيات، لأن هناك العديد من التحذيرات من خطورة هذه الجماعات قبله. وما الذي يفرق بينه وبين سابقيه من التحذير من خطورة هذه الجماعات؟ _ هو كان أكثر الناس وضوحا وحدة في مواجهة التطرف الذي يأخذ الشكل الدينى وهو لا علاقة له بالدين. هو أبدى تخوفا من فكرة خلط الدين بالسياسة وتأثير ذلك على مستقبل الدولة.. هل فعلا حدث ما حذر منه؟ _ القضية ليست خلط الدين بالسياسة، وإنما الدين دين والسياسة سياسة. وهل تتفق مع هذه الرؤية؟ _ اتفق معه تماما.. الدين مكانه المسجد والكنيسة والمعبد، والسياسة مكانها مؤسساتها الكثيرة مجلس الوزراء ومجلس النواب، ففكرة خلط الأدوار أمر بالغ الخطورة، ونتائجه نراها فيما يحدث في مختلف الدول العربية. من دفوع من اغتالوا فرج فوده أنه تم تكفيره وأنه كاره للإسلام.. كيف ترى دفوع هذه الجماعات؟ _ لا يمكن أن نقول دفوع عن اغتيال، لأن الاغتيال جريمة بكل المقاييس يعاقب عليها القانون، والإقدام عليها جريمة، وأظن طالما أي شخص على وجه الأرض يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" لا يملك أحد على وجه الأرض تكفيره.. وتكفير أي إنسان سواء كان مسلم أو مسيحى أو يهودى هذه جريمة يجب أن يكون هناك عقوبة عليها. لكن هل نعانى نحن من المعارضة المدنية؟ _ نحن نعانى من غياب العمل السياسي المصرى في الأحزاب، وهى المفترض أنها الحاضنة الرئيسية للمعارضة، والمعارضة يجب أن تكون مدنية، وهذا مرتبط بالحياة الحزبية التي لا وجود لها في مصر الآن، بالرغم من أن عدد الأحزاب في مصر تجاوز ال100 حزب. وما شكل العلمانية التي كان يسعى إليها فرج فودة؟ _ هي فصل الدين عن الدولة، وليس فصل الدين عن المجتمع، ومن قتلوه اتهموه زورا بأنه كان ينادى بفصل الدين عن المجتمع، ولكنه كان ينادى بفصل الدين عن الدولة، وهذا هو مفهوم العلمانية كما نشأت في أوروبا في العصور الوسطى. وما الفرق بين فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن المجتمع؟ _ هناك فارق كبير بالطبع، ففصل الدين عن الدولة يعنى أن مؤسسات الدولة مدنية ولا علاقة لها بالدين، أما فصل الدين عن المجتمع، فهو أن تمنع المجتمع من أن يمارس شعائر الدين. وهل هذا فارق جوهرى أم أقرب لنفس المعني؟ _ لا هناك فارق جوهرى بين المعنيين، ونحن نتناول العلمانية بطريقة تؤدى إلى الإلحاد، وهذا خطأ، وإنما هي فصل الدين عن الدولة وفقط. وكيف لنا أن نعلم الناس الفارق؟ _ إعلامنا لو كان إعلاما وطنيا عليه أن يعلم الناس معنى كلمة العلمانية، لأن أنصاف المتعلمين أو الجهلة يتكلمون عن العلمانية، وكأنها نوع من أنواع الكفر. مشهد اغتيال فرج فودة والملابسات الخاصة بانتشار أصحاب الفكر المتطرف وقتها.. هل ينذر باغتيالات في الوقت الحالي؟ المتطرفون في مصر تقريبا يقتلون الناس كل يوم، أليس ما حدث في المنيا جريمة مثلما حدث مع فرج فودة؟، الاغتيالات تتكرر كل يوم، أما اغتيال مفكر أو مثقف ثان، فأنا ضد التلويح بذلك لأنه يحدث بطبيعة الحال، ومن يجيب على سؤال إمكانية اغتيال المثقفين هم القتلة أعداء الحياة وأعداء التاريخ. هل تعتبر كتابات فرج فودة ومؤلفاته نوعا من تجديد الخطاب الدينى الذي تسعى إليه مصر الآن؟ _ هي كانت نظرات جزئية.. وأنا ضد استخدام تعبير تجديد الخطاب الديني، وإنما الخطاب الدينى في مصر هذه الأيام يحتاج إلى خطاب جديد. لماذا؟ _ لأن الخطاب الدينى الراهن لا يصلح للتجديد، وأنا في الأساس ضد كلمة خطاب ديني، لأنها كلمة غربية مترجمة من الفرنسية، لكن موقف الدين من المجتمع، وموقفنا من الدين، يحتاج لرؤية جديدة وتصور جديد ومعاملة جديدة.