عبدالرحمن برعى: هناك صعوبات تحول دون التنفيذ.. ونحتاج إلى إعادة نظر في جميع المناهج طارق نور الدين: أفكار صبيانية هدفها تفكيك الأزهر.. وسوء الفهم ليس مسئوليته المقترح المقدم من جمال فهمي، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، بشأن دمج مناهج التعليم العام والأزهرى تحول إلى توصية يتبناها المجلس القومى لحقوق الإنسان من أجل دمج التعليم العام والأزهرى وتوحيد نظام التعليم، ويعلل هؤلاء أن الحاجة باتت ملحة من أجل توحيد النظام التعليمى ودمج المناهج الأزهرية بمناهج التعليم العام، بحجة مواجهة الأفكار المتطرفة التي يتم بثها عبر المناهج المختلفة. "فهمي" برر تبنيه هذا المقترح بأنه أثير في أكثر من محفل من خارج المجلس القومى وأنه مقترح جدير بالدراسة والتدقيق لتوحيد نظام التعليم في مصر تحت إشراف الدولة ووزارة التربية والتعليم، وأوضح أنه لم يتم التواصل مع مجلس النواب لعرض هذا المقترح، ولكنه في حال المد للمجلس الحالى أو إعادة تشكيله حال إقرار القانون الجديد للمجلس سيتم طرحه على مائدة البرلمان. ما قاله رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالقومى لحقوق الإنسان هو مجرد إعادة طرح لفكرة قديمة اقترحها عدد من الحقوقيين وبعض رموز التيار الليبرالى المصرى منذ عدة سنوات، حيث كانت هناك العديد من المطالب التي يسعى هؤلاء إلى تحقيقها على أرض الواقع من خلال القضاء على فكرة الازدواجية الموجودة في التعليم المصري، وإيجاد نظام تعليمى موحد يكون تحت راية وزارة التربية والتعليم، وأن يتم القضاء على التعليم التابع للمؤسسات الدينية سواء كانت تلك المؤسسات تابعة للأزهر أم للكنيسة، إلا أن هذا الطرح يواجه رفضا من قبل التربويين وخبراء التعليم الذين يرون أن مشكلات التعليم ليست في وجود تعليم عام وتعليم أزهرى ومؤسسات أخرى تابعة للكنيسة؛ ولكن الأزمة الحقيقية أن هناك مشكلات متراكمة منذ سنوات لم يتم حلها، وأن المنهج الدراسى رغم أهميته ليس وحده المسئول عن قضية التطرف وانتشار أفكار العنف، ويذهب هؤلاء إلى أن أزمة الفكر الإرهابى وانتشار ظاهرة التطرف هي قضية مجتمعية مسئوليتها تقع على عاتق الجميع وليست قضية منهج دراسى فقط، وإن كان هؤلاء لم يغفلوا أهمية أن يتم تنقيح تلك المناهج من الأفكار العنيفة أو التي تدعو إلى تبنى الأفكار المتطرفة. ويؤكد التربويون أن التعليم لم يعد مسئولية المؤسسة التعليمية فقط سواء كانت مدرسة أو معهدا وإنما هو مسئولية مجتمعية الكل شريك فيها بدءا من الأسرة وحتى وسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدنى وكل الجهات المنتشرة في المجتمع، ويوضح علماء التربية أن هناك أكثر من مكون للعملية التعليمية، وأن المنهج الدراسى واحد من تلك المكونات ويعرفون المنهج بأنه "نظام متكامل" من الحقائق والمعايير والقيم الثابتة، والخبرات والمعارف والمهارات الإنسانية المتغيرة التي تقدمها مؤسسة تربوية إلى المتعلمين بها، بقصد تحقيق الأهداف المرجوة من المنهج، وذلك باستخدام جملة من الأساليب التربوية وطرق التقويم التي تضمن تحقيق الأهداف التعليمية، لتمكين المتعلمين من الارتقاء في مجتمعاتهم، ومجابهة التحديات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والاستفادة من الفرص المتاحة أمامهم لقيادة مجتمعهم إلى الأمام، ما يعنى أن المنهج يعنى القالب التربوى الذي تعتمده المؤسسة التعليمية لتوفير فرص النمو لطلابها، وينقسم المنهج إلى كتاب مدرسى وأنشطة تربوية، وفى العموم فإن النظم التعليمية تعتمد على أن تكون المعارف التي يتلقاها الطالب في المنهج لا تتجاوز 70% وأن تكون الأنشطة التربوية بنسبة 30%، فيما عدا اليابان التي تعتمد نظامًا تعليميًا مختلفًا نسبة المعارف فيه لا تتجاوز 50% والباقى يقدم للطالب في هيئة أنشطة تربوية سواء أكانت أنشطة ثقافية أم ترفيهية أم رياضية أم فنية، ما يعنى أن المنهج مجرد وعاء أو قالب للعملية التعليمية، وهناك عناصر أخرى ربما تكون أكثر أهمية وعلى رأسها المعلم. وفى هذا السياق، أكد الدكتور عبدالرحمن برعي، وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب وأستاذ التربية بجامعة بنى سويف، أن مقترح ضم منهج الأزهر بالتعليم العام غير تربوي؛ لأن النظام التعليمى في التعليم العام واحد من أضخم النظم التعليمية على مستوى العالم من خلال الأعداد فوزارة التربية والتعليم تدير نحو 52 ألف مدرسة تضم أكثر من 20 مليون طالب وطالبة، وبها نحو مليون و800 ألف معلم، بالإضافة إلى ما يقترب من 200 ألف إدارى وعامل في المدارس والإدارات التعليمية والمديريات، وكل هذا يجعل هناك آلاف المشكلات ودمج الأزهر مع التعليم العام من هذه الوجهة أمر مستحيل، كما أن الرسالة التي يقدمها التعليم العام تختلف عن تلك التي يقدمها التعليم الأزهري. وأكد برعى أن هناك مطالب عديدة بتنقيح مناهج التعليم العام وكذلك مناهج الأزهر؛ ولكن هذه العملية لابد أن تكون خاضعة لخطة علمية محكمة حتى لا تحدث مشكلات أكبر، وحتى لا يتحول الأمر إلى مجرد قص ولصق لن يفيد نفعا، كما حدث في مرات عديدة قبل ذلك، وأشار إلى أنه قد يكون من غير الوارد أن يناقش البرلمان مقترحا كهذا من الأساس. أما معاون وزير التربية والتعليم الأسبق طارق نور الدين، فقد أكد أن المقصود من مثل تلك المقترحات ليس صالح التعليم بقدر ما هو محاولات لتفكيك مؤسسة الأزهر كما اعتبرها هرطقة واستخفافًا وهزلًا في موضع الجد، وقال إن الأجدى من دمج المناهج الأزهرية مع مناهج التعليم العام هو أن يكون هناك ثوابت من شأنها دعم أسس المواطنة وتزكية الروح الوطنية لدى الطلاب سواء في الأزهر أو التعليم العام، وكذلك تنمية روح الولاء والانتماء ونبذ العنف، والتركيز على الأخلاق والتربية السليمة بعيدا عن العصبيات. وقال إنه كان هناك مشروع في عهد وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمود أبوالنصر للتعاون بين الأزهر ووزارة التربية والتعليم في مجال المناهج الدراسية، وكان من ذلك أنه تمت مراجعة كتاب التربية الدينية من قبل الأزهر والكنيسة، وكان هناك اتفاق على أن يقوم مركز تطوير المناهج بالوزارة بمعاونة الأزهر في وضع أدلة تأليف المناهج والاستفادة من خبرات المركز في وضع مصفوفة المدى والتتابع إلا أن هذا المشروع لم يكتمل بعد رحيل أبوالنصر. وأكد أن المستوى التعليمى في الأزهر ربما يفوق التعليم العام في بعض الجوانب إلا أنه لابد من تنقيح مناهج الأزهر من أي أفكار متطرفة، وقال: "ربما كانت هناك دروس في المناهج الأزهرية يساء فهمها من قبل البعض واقتطاعها من سياقها يجعل البعض يفهمها على أنها دعوة للعنف، وقد يكون هذا الأمر غير دقيق، ومع ذلك فلابد من نظرة فاحصة على مناهج الأزهر يقوم بها علماء الأزهر المعتدلين الثقات من أجل الحفاظ على هذا النمط من التعليم وزيادة مكتسباته وفى نفس التوقيت مواجهة أي دعوات متطرفة يكون الهدف ورائها غير ما يعلن أصحابها". وأكد أن الأزهر الشريف منارة للعلم وأن العنف والتطرف ظاهرة تجتاح العالم وهناك آلاف الإرهابيين والمتطرفين حول العالم ممن تعلموا في أكبر الجامعات المدنية في العالم، وهناك إرهابيون تعليمهم كان في مدارس وجامعات ليس لها علاقة بالتعليم الديتي، وهو ما يفسر أن التطرف بات ظاهرة عالمية تحتاج إلى تكاتف الجميع لمواجهتها. محمد عبدالله، الأمين العام لنقابة المعلمين، أكد أن هناك حملة ممنهجة لتشويه مناهج الأزهر التي طالما تغنى بها الجميع بأن الأزهر منارة الوسطية وأنه درع حماية للأمة من الجماعات والتنظيمات الإرهابية ودعاة الفكر المتشدد، ولفت إلى أن مناهج الأزهر ربما تكون بحاجة إلى تطوير شأنها في ذلك شأن كل شيء يخضع للتطوير؛ ولكنها ليست كما يصورها البعض، مشيرا إلى أن تلك المناهج هي التي تعلم منها الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب الذي تحول إلى إمام للسلام والدعوة للتعايش مع الآخر، وكذلك هي المناهج التي تعلم منها الإمام الراحل محمد متولى الشعراوي، والإمام الدكتور عبدالحليم محمود، والآلاف من الأئمة الذين تولوا تجديد دين الأمة، وتساءل "عبدالله" هل درس هؤلاء مناهج متطرفة؟! كما أن مستشار الرئيس للشئون الدينية الشيخ أسامة الأزهرى درس من مناهج الأزهر فهل هو متطرف؟! "عبدالله" أكد أنه بدلا من الدعوة إلى تفكيك الأزهر بأكثر من صورة، علينا جميعا أن نتكاتف من أجل الارتقاء بمنظومة التعليم الأزهرى والارتقاء بها من أجل أن يظل الأزهر منارة العلم والوسطية، مطالبًا بضرورة الارتقاء بالمعلم الأزهرى لأن المعلم هو الركيزة الأساسية، ودوره أهم من المنهج الدراسى لأنه منوط به التعامل مع عقول الطلاب، وأن الأولى من دعوات ضم مناهج الأزهر أن يتم الاهتمام بالمعلمين في الأزهر والارتقاء بهم مهنيا وفنيا وماديا من أجل معاونتهم للقيام بأعباء وظيفتهم.