تجاوز سعر طن الردة 4 آلاف جنيه يشجع الفلاحين على عدم التوريد «حكوماتنا لا تتعلم من أخطائها».. النظرة المتأنية للتصرفات والقرارات التي تتخذها الحكومات المصرية، تؤكد المقولة السابقة، ليس هذا فحسب، لكنها تشير إلى أن العقلية التي تدير الأمر واحدة، وأن أي تعديلات تجرى داخل صفوف الوزراء، لا تتعدى كونها عملية تبديل وجوه أما السياسات، فباقية إلىالأبد. «توريد القمح».. واحد من الملفات التي تؤكد الأمر السابق، فالحكومة، ممثلة في وزارة التموين والتجارة الداخلية، تقع كل عام في "فخ التوريد"، ولا تتعلم من دروس المواسم السابقة، والمعلومات التي حصلت عليها "فيتو" جاءت هي الأخرى لتؤكد الأمر، حيث اتضح أن "التموين" صدقت تصريحات مسئولى وزارة الزراعة، الذين أكدوا تجاوز المساحة المزروعة بمحصول القمح 3 ملايين فدان هذا العام، رغم أن المصادر تشير إلى أن الرقم الذي أعلنته الزراعة، مبالغ فيه، وأن المساحة الحقيقية لا تتجاوز 2.1 مليون فدان. تجدر الإشارة هنا إلى أن الزيادة في المساحة التي تمت زراعتها بالمحصول كانت عندما تم رفع سعر توريد الإردب ل420 جنيها واقتربت من 2.1 مليون فدان تعادل ما يتم توريده منها العام الحالى بمتوسط 11 إلى 13 إردبا في أراضى الوجه القبلى و15 إلى 18 إردبا في أراضى الوجه البحرى لتصل كميات الإنتاج المتوقعة إلى 7.5 ملايين طن قمح. الطامة الكبرى أن الحكومة لا تتعلم أبدا من أخطائها في التسعير العادل للقمح بعد اعتراضها على سعر توريد الإردب الذي طالب به ممثلو نقابات الفلاحين وزير الزراعة ولجنة الزراعة والرى بالبرلمان ليصل إلى 650 جنيها، وتمت الموافقة عليه لكن كان للحكومة رأى آخر أن يكون سعر توريد الإردب الأعلى جودة من درجة نظافة 23.5 درجة بسعر 575 جنيها، ورغم أن وزير التموين، الدكتور على المصيلحى، سبق وأعلن أن المستهدف من توريد القمح هذا الموسم يتراوح بين 4 و4.5 ملايين طن إلا أنه من المؤكد أنه لن يتم تحقيقه. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث أكدت المصادر ذاتها، أن "التموين" منحت القطاع الخاص فرصة كاملة، للمضاربة في "القمح"، عندما قررت أن يكون توريد القمح اختياريا وليس جبريا بما يعد لقمة سائغة في فم التجار الذين تحولوا إلى سماسرة يجمعون المحصول من صغار المزارعين والموردين تارة بأسعار مخفضة وتارة أخرى بأسعار أعلى من السعر الذي حددته الحكومة للتوريد خاصة بعد تعويم سعر الجنيه، وما يحققه من توفير العملة الصعبة للقطاع الخاص بالحصول على القمح بأسعار أقل من الاستيراد. المصادر ذاتها، أوضحت أيضًا أن عجز "التموين" عن السيطرة على أسعار الردة التي يصل الطن فيها إلى ما يقرب من 4000 جنيه بات شيئا غريبا، لكون الردة أحد نواتج القمح الذي جعل مزراعى القمح يحبسون القمح عن التوريد لاستخدامه علفا للحيوانات وللاستهلاك المنزلى، كما أن مراكز تجميع القمح التي تصل إلى 82 موقعا عشوائيا، وليست قريبة من مزارعى القمح. ووفقا لشهادة أيمن فتحى، أحد مزارعى القمح، يتضح أن المطاحن الخاصة دخلت لعبة التسويق لصالحها للحد من مشقة التوريد للحكومة والتعقيدات من أعضاء اللجان بما دفع المزارعين إلى توريد الإردب بسعر 545 جنيها بخسارة تصل إلى 30 جنيها في الإردب الواحد، كما أن ابتعاد الحقول عن أماكن التوريد زاد من جشع سيارات نقل القمح التي تجبر المورد على دفع الحمولة كاملا حتى لو كان بها 5 أطنان بما يزيد من حسائر التوريد، كما أن ما أعلنته التموين عن صرف المستحقات خلال 48 ساعة عير صحيح وتتجاوز المدة عشرات الأيام للصرف في حين يدفع التاجر المستحقات فورا للمزارع قبل دخول رمضان. في ذات السياق كشف حسن صادق، الخبير التموينى، استحواذ القطاع الخاص على القمح المحلى من المزارعين بسعر يصل إلى 700 جنيه للطن بزيادة قدرها 125 جنيها عن الإردب الأعلى نقاوة من الموردين في محافظاتالمنيا وأسيوط والشرقية خاصة بعد" تطفيش" اللجان للموردين وتهميش السعر بمنح الحد الأدنى للإردب وهو 555 جنيها درجة نقاوة 22.5 وهذه الحقائق وصلت إلى رئيس لجنة تقصى القمح بالبرلمان لكشف الحقيقة في ظل ضعف مؤشرات التوريد التي لا علاقة لها بما تم العام الماضى من التوريد الوهمى. من جهته وصف فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، موسم توريد القمح الحالى ب"الفاشل"، متهما الحكومة بتدمير موسم التوريد بعدم قراءتها المشهد جيدًا لتسعير القمح واعتراضها على السعر الذي تم المطالبة به من قبل ممثلى الفلاحين لتخلق كارثة بالمحصول الإستراتيجي بالسماح للقطاع الخاص بدخول السوق لأن التوريد اختياري. وحول الرقم المتوقع توريده، استبعد "واصل" توريد 4 ملايين طن على الإطلاق، وقال: الرقم سيكون أقل بكثير، فالموسم حاليًا في وقت الذروة، ومن خلال المتابعة مع كل المحافظات متدنٍ للغاية بما يزيد من الضغط على فاتورة استيراد القمح لتصل إلى 13 مليون طن بدلا من 10 بجانب إحجام المزارعين عن زراعة القمح في العام المقبل.