كتب: وسام حسين و أحمد الأنصاري وجمال عبد المجيد ومحمد الحسيني معاناة كبيرة يعيشها المزارعون في موسم حصاد القمح، بعد الخسارة التي تكبدوها؛ نتيجة الزيادة الضئيلة في أسعار توريده، التي لا تغطي تكاليف زراعته من تجهيز للأرض والتقاوي والري والأسمدة، انتهاء بمصاريف الحصاد. وقال عادل الشريف، نقيب المزارعين بسوهاج ل"البديل"، إن سعر القمح غير مرضٍ للفلاح ولا يتناسب مع ارتفاع أسعار السماد، سواء في الجمعية الزراعية أو السوق السوداء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السولار المستخدم في تشغيل ماكينات الري حوالي 5 أو 6 مرات خلال فترة زراعته، فضلا عن تأخر صرف مستحقات المزارع بعد تسليمه المحصول، مؤكدا أن ما تم تحديده من قبل وزارة الزراعة بالتنسيق مع "التموين" هذا العام عن سعر الأردب ب580 جنيهاً لأعلى درجة نقاوة للمحصول غير كافٍ، ويتوجب على الدولة إما أن تأخذ القمح من المزارع بالسعر الذي تستورد به القمح من الخارج، أو بسعر 800 جنيهاً للأردب. وأوضح محسن حسن، رئيس جمعية الشرق للتنمية والإنتاج، أن الحكومة لم تراع جميع الأمور المتعلقة بتكاليف الزراعة ومستلزماتها، بما وقع بالخسارة على الفلاحين فيما يخص محصول القمح، مطالبا الحكومة بزيادة السعر ليتناسب مع تكاليف الزراعة ويوفر هامش ربح مرضي، حتى لا يضطر المزارعون إلى العزوف عن القمح إلى محاصيل أخرى تحقق لهم مكاسب عادلة. ولفت حسن ل"البديل" إلى مشكلات أخرى يواجهها المزارعون مع إدارات المطاحن في شون الغلال؛ تتلخص في أن من يحددون نسبة النقاوة يعتمدون على المعارف والعلاقات الشخصية، ويذهب ضحيتها الفلاح الصغير، فضلا عن أزمة انتظار التسليم وتكدسات وتهافت المزارعين على أبواب الشون لعدة أيام، وهيمنة التجار الكبار على مفاتيح التسليم، وتأخر سداد مستحقات الفلاحين. وكشفت دراسة ميدانية أعدتها أمانة الفلاحين بالحزب المصري الديمقراطي بأسيوط، حول أسعار توريد القمح التي حددتها الحكومة خلال الحالي، أكدت أن الفلاح يخسر في فدان القمح بأسعار توريده للحكومة 1745 جنيها، وفقا لمتوسط الفرق بين المصروفات وأسعار التوريد، وأكدت الدراسة أن تحديد الحكومة لسعر توريد أردب القمح زنة 150 كيلو ب555 جنيها للأردب بنسبة نقاوة 22، و565 جنيها بنسبة نقاوة 23، و575 جنيه بنسبة نقاوة 23,5، ظالم جدا للفلاحين، ويكبدهم خسائر كبيرة يضطر المزارعون تغطيتها بالاستدانة من البنك الزراعي. وقالت الدراسة إن الحكومة صرحت بأنها ستشتري القمح من الفلاح بالأسعار العالمية، متناسية ما تقدمه الحكومات من دعم كبير لزراعات القمح، خاصة بالولايات المتحدةالأمريكية والميكنة الكاملة في الزراعات الأجنبية التي توفر مبالغ طائلة، مقارنة بما يعانيه الفلاح المصري، ورغم ذلك، لم تلتزم الحكومة بتصريحات التوريد بالأسعار العالمية التي تصل إلى 210 دولار للطن الواحد، بخلاف سعر الشحن الذي يصل ل50 دولارًا للطن. وأشارت الدراسة إلى أن القمح المصري معروف أنه يحتوي على أعلى نسبة بروتين على مستوى العالم ومن أجود أنواع الاقماح عالميًا، وتصل نسبة البروتين فيه إلى 18%، وخالي من فطر الارجوت المسمم، الموجود بالقمح الروسي الذي تستورده الحكومة، وتصل نسبة البروتين فيه إلى 12.5%، ولا يستخدم إلا علفا للحيوانات. وأكدت الدراسة أن تكلفة إنتاج فدان القمح كبيرة على الفلاح؛ تتمثل في إيجار الفدان بتكلفة 6 آلاف جنيه، وحرثه مرتين ب700 جنيه، و2 شيكارة تقاوي بما يقارب ال400 جنيه، وعمل 3 مزارعين للتطويش بمبلغ 240 جنيها، و6 شكائر كيماوي متوسط بتكلفة 1200 جنيه، ورش الحشائش 400 جنيه، و7 ريات بتكلفة 840، و12 عامل حصاد وتربيط 960 جنيها، و3 عمال لم المحصول ب240 جنيها، و5 ساعات دراسة المحصول ب125 جنيها للساعة، بإجمالي 675 جنيها، ناهيك عن تخصيص 4 عمال للعمل وراء ماكينة الدراسة ب320 جنيها، وشكائر تعبئة بقيمة 60 جنيها، و4 عمال لتعبئة التبن بتكلفة 320 جنيها، ومصروفات نثرية شاي وغدا بتكلفة 300 جنيه، فيكون إجمالي المصروفات للفدان 12 ألفا و655 جنيهاً. ولفتت الدراسة إلى أن متوسط إنتاجية الفدان تصل ل14 أردبا، وإذا حسبنا أن 90% مما يتم توريده لشون الحكومة يكون بنسبة نقاوة 22، التي حددت لها وزارتي التموين والمالية بمبلغ 656 جنيها، يكون حصيلة بيع إنتاج فدان القمح للحكومة 7 آلاف و910 جنيهات، إضافة إلى متوسط 12 حمل تبن بسعر 250 جنيها للحمل الواحد 3000 جنيها، وتوصلت الدراسة إلى أن إجمالي إيرادات فدان القمح تصل ل10 آلاف و910 جنيهات، بينما يصرف على الفلاح 12 ألفا و655 جنيها، فتكون الخسارة 1745 جنيها. وطالب القائمون على الدراسة الحكومة بزيادة سعر توريد القمح ل700 جنيه للأردب، ليحقق هامش ربح مناسب للمزارعين حتى يقبلوا على زراعته ولسد الفجوة من القمح التي تزيد على 50% خاصة أن مصر أصبحت أكبر مستورد للقمح عالميا، ويصل استهلاكنا 20 مليون طن سنويا، بالإضافة إلى أن الحكومة تستطيع توفير 14 مليار دولار سنويا إذا شجعت الفلاحين على زراعة القمح وتمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي.