يقترب شهر الصيام وتنتشر في الأجواء نسائمه، الشوارع تتزين لقدومه وترتدي أبهى حلة في انتظاره، والفوانيس تعلن عن عودته من جديد بأحدث تصميماتها وأفكارها المبتكرة، ولكن لا يزال الفانوس الصاج بشكله التقليدي يحمل مكانة خاصة في القلوب، فهو يعيد بتصميمه المحفور في الذاكرة أجواء رمضان التي تثير الحنين في نفوس الكثير من المصريين، وبالرغم من التطور الذي شهدته صناعة الفوانيس إلا أن الفانوس الصاج بتصميمه ولونه الذهبي اللامع لا يزال " له زبونه".
وهنا في منطقة السيدة زينب.. وبالتحديد خلف مسجد أم العواجز الأشهر في قاهرة المعز، تقبع ورشة صغيرة المساحة اشتهرت بصناعة الفوانيس على امتداد 40 عاما، يعمل في جنباتها عدد من العمال المهرة الذين شهدوا على مدار سنوات عملهم بهذه " الصنعة" مراحل ازدهارها وتعرضها للتهديد إثر اقتحام المارد الصيني سوق الفوانيس وتهديده لمستقبل عملهم.
لكل عامل في الورشة دور هام في صناعة الفانوس، فكل منهم مسئول عن إتمام مرحلة " والإيد بتسلم إيد"، كي يخرج الفانوس في صورته الأخيرة، فهناك من تكون مهمته قص وقطع الصاج وفقا لحجم الفانوس المقرر صناعته.
كما أن هناك من العمال من تتركز مسئوليته في لحام طربوش الفانوس، وآخر يكون الزجاج وتركيبه في الفانوس هي مهمته الأساسية، وهكذا تتواصل المراحل ويستمر العمل الذي لا يخلو من الإبداع والدقة على أنغام الأغنيات القديمة الصادرة من الراديو والتي يتغني بها العمال أثناء قيامهم بمهامهم فتخفف من وطأة الوقت وإرهاق العمل.
والعمل في هذه الورشة لا يتوقف على مدار العام، فالإنتاج لا يرتبط فقط بالموسم الرمضاني واقتراب الشهر الكريم، ولكن عمل الورشة صغيرة الحجم كبيرة الإنتاج متواصل على امتداد شهور العام في ظل إقبال التجار على شراء الفوانيس بغرض تخزينها لحين اقتراب موسم بيعها وازدهارها مع تزيين هلال رمضان للسماء.