سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عباس شومان: الهجوم على الأزهر وقياداته «ممنهج».. إسقاط المؤسسة وإضعافها في الخارج هدف أصحاب المصالح.. تجاهل جهود علمائها أمر «غير مفهوم».. وتجديد الخطاب الديني عمل مؤسسي سيجني الناس ثماره قريبا
قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف؛ إن رسالة الأزهر تتمثل في ترسيخ قيم الوسطية والأخلاق الإسلامية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتقوية نسيج المجتمع والمحافظة على استقراره، والتصدي لتيارات العنف الفكري والتشدد والغلو في فهم النصوص وتأويلها. وأضاف وكيل الأزهر؛ خلال كلمته في مؤتمر «دور المؤسسات الدينية الرسمية في تعزيز السلام وثقافة الحوار» الذي عقد في دولة لبنان، إن الأزهر يعتمد على أدوات وآليات مستحدثة لتحقيق هذه الرسالة؛ أولها: «اللجنة العليا لإصلاح التعليم»، وهي لجنة دائمة تضم علماء متخصصين وخبراء تربويين يقومون على إعادة النظر في المناهج الأزهرية وعرضها بأسلوب بسيط ولغة سهلة، وحذف الموضوعات التي لا تناسب العصر الحالي دون تجريف للعلم أو تسطيح للعقول. الثقافة الإسلامية وأشار "شومان" إلى أنه "وفي هذا الإطار، فقد قررنا مادة جديدة منذ العام الدراسي الماضي على المرحلة الإعدادية والثانوية بالمعاهد الأزهرية عنوانها: «الثقافة الإسلامية»، ومحتوى هذه المادة معد إعدادًا علميًا وفقهيًا منضبطًا، وهو ذو بعد ثقافي اجتماعي يهدف إلى توعية الطلاب بمخاطر التطرف والإرهاب، وتحصينهم من الوقوع في براثن الجماعات التي تنتهج العنف، وذلك من خلال توضيح المفاهيم التي شاع فهمها فهمًا مغلوطًا، وبيان العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين المسلم وغير المسلم، وترسيخ قيم المواطنة والعيش المشترك، وغيرها من القضايا التي باتت معالجتها معالجة عصرية منضبطة ضرورةً ملحةً هذه الأيام، ونسعى أن تكون هذه المادة مقررًا عامًّا في التعليم العام والجامعات المصرية كافة. وأضاف وكيل الأزهر؛ أن الأداة والآلية الثانية التي استحدثها الأزهر لتحقيق رسالته هي إنشاء «بيت العائلة المصرية»، وهو تجربة فريدة تهدف إلى الحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء الوطن، ووأد الفتن الطائفية داخل مصر وخارجها بالتنسيق مع الجهات المعنية، كما حدث في المصالحة التاريخية بين فرقاء أفريقيا الوسطى على سبيل المثال. قائلًا: "يقع مقر «بيت العائلة» في قلب مشيخة الأزهر، ويتناوب على رئاسته شيخ الأزهر وبابا الكنيسة، ويضم عددًا من علماء الأزهر وممثلين عن مختلف الطوائف المسيحية، بالإضافة إلى عدد من المفكرين والخبراء، وقد امتدت فروعه إلى محافظات الجمهورية كافة". لجنة المصالحات وأكد وكيل الأزهر، أن الأداة الثالثة هي: «اللجنة العليا للمصالحات»، وهي لجنة مخولة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإصلاح ذات البين، والعمل على رأب الصدع بين المواطنين، وإعلاء المصلحة العليا للوطن بما يؤدي إلى تحقيق أمنه واستقراره، وحفظ الأرواح والأعراض والممتلكات من خلال نبذ العادات المتوارثة والعصبية القبلية، والتحلي بخلق الإسلام. وتابع "شومان"؛ أن أعمال هذه اللجنة تتم بالتنسيق مع الجهات المعنية بموجب محاضر معتمدة وموثقة من الجهات التنفيذية بالمحافظة محل النزاع، ومن ثم فقراراتها نافذة وملزمة للجميع بما لا يتعارض مع القوانين الخاصة بالأحكام الجنائية والمدنية، وقد شكلت لجان فرعية لهذه اللجنة بالمحافظات المصرية المختلفة وخاصة المحافظات التي يكثر فيها النزاع القبلي، تضم المحافظ ومدير الأمن ومدير البحث الجنائي في كل محافظة، بالإضافة إلى علماء من الأزهر والكنيسة، ومتخصصين في القانون، وغيرهم. حوار الأديان وأوضح وكيل الأزهر؛ أن الأزهر استحدث أيضًا إنشاء «مركز الأزهر لحوار الأديان»، وهو يختص بنشر ثقافة الحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة، وإقناع الساسة وصناع القرار العالمي بتبني هذه الثقافة بديلًا عن استخدام القوة المسلحة وفرض الوصاية على الدول والشعوب، والتأكيد على القيم الدينية والإنسانية المشتركة بما يؤدي إلى إرساء دعائم التعددية الفكرية، وتقبل الآخر، فضلًا عن تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية والمراكز المهتمة بالحوار بين الأديان، ومنها المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان، ومجلس الكنائس العالمي، ومركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وأكد "شومان"؛ أن الأداة الخامسة هي «مرصد الأزهر باللغات الأجنبية»، وهو عين الأزهر على العالم؛ حيث يضم عددًا من الباحثين الأزهريين الشباب الذين يجيدون العديد من اللغات الأجنبية إجادةً تامة، ويعملون بجد ودأب على مدار الساعة لرصد ما تبثه التنظيمات المتطرفة، ومتابعة ما ينشر عن الإسلام والمسلمين في العالم عبر القنوات التليفزيونية، وإصدارات الصحف والمجلات، ومواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، ويقومون بالرد عليها بموضوعية وحيادية باللغة الواردة بها من خلال لجان متخصصة. مركز الترجمة وأضاف وكيل الأزهر؛ أن أداة الأزهر السادسة لتحقيق رسالته تتمثل في «مركز الأزهر للترجمة»، وهو يقوم بترجمة الكتب التي من شأنها توضيح صورة الإسلام الحقيقية في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي انتشرت لدى الغرب، لإرسالها إلى سفارات الدول الأجنبية وغيرها من الجهات المستهدفة، ومن أبرز ترجماته وأهمها ترجمته لسلسلة «حقيقة الإسلام» التي تضم (مقومات الإسلام، ونظرية الحرب في الإسلام، والإنسان والقيم في التصور الإسلامي، ونبي الإسلام في مرآة الفكر الغربي)، وذلك بإحدى عشرة لغة. وأشار "شومان"؛ إلى أن الأزهر الشريف استحدث أيضًا في ظل قيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب «مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية والرد على الشبهات»، وهو انطلاقة كبرى لمواجهة الفكر المتطرف عبر الإنترنت من خلال القضاء على فوضى الفتاوى، وتصدر المجترئين على فتاوى القتل والتكفير، وتصحيح كل ما يثار من شبهات ومفاهيم مغلوط، وقد أطلق المركز تطبيقًا إلكترونيًا باسمه يعمل على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية، ويجري حاليًا إعداده لأنظمة التشغيل الأخرى. تدريب الأئمة وأوضح "شومان"؛ أن الأزهر أنشئ أيضًا «أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ والمفتين»، وهي آلية جديدة سيتم افتتاحها قريبًا بإذن الله تعالى داخل جامعته، ومن المقرر أن تعمل على محورين: الأول: تأهيلي، وهو يستهدف الراغبين في الالتحاق بمجال الدعوة أو الإفتاء ممن تخرجوا في الكليات المتخصصة، ويدور حول الممارسة العملية وكيفية التعامل مع المشكلات والقضايا المجتمعية المستجدة، والتأكد من الصلاحية العلمية والفكرية والنفسية لمباشرة العمل الدعوي. وأكد وكيل الأزهر؛ أن المحور الثاني للأكاديمية هو محور تدريبي، وهو يستهدف عقد دورات تدريبية دورية للعاملين في مجالي الدعوة والإفتاء لرفع كفاءتهم، وسيكون اجتياز برنامج الأكاديمية الذي من المقرر أن تكون مدته ستة أشهر هو المعول عليه في قبول الالتحاق بمجالي الدعوة والإفتاء حتى ولو كان من يريد الالتحاق بهذين المجالين من أوائل دفعته في سنوات الدراسة، ويجري الآن مراجعة برنامج الأكاديمية التأهيلي والتدريبي الذي أعد بالتنسيق بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف، واختيار المدربين الذين سيكونون من داخل الأزهر وخارجه، وإعداد النظام العام للأكاديمية، تمهيدًا لاستصدار قرار جمهوري بإنشائها. جولات الإمام وأضاف "شومان"؛ أن من الأدوات والآليات المهمة التي استحدثها الأزهر مؤخرًا؛ هو التعاون المثمر والتواصل البناء مع المؤسسات المعنية كافة داخل مصر وخارجها، ولا أدل على ذلك من جولات الإمام الأكبر التاريخية التي يجوب فيها العالم شرقًا وغربًا، ومن ذلك أيضًا الزيارات التي تشهدها مشيخة الأزهر لملوك ورؤساء ووزراء وساسة وبرلمانيين ومفكرين وشخصيات عامة وغيرهم؛ حيث لا يكاد يخلو يوم من زيارة محلية أو عالمية تستهدف تعزيز التعاون مع الأزهر الشريف في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وأشار وكيل الأزهر؛ إلى أن تلبية الأزهر الشريف لدعوات المشاركة في ندوات أو مؤتمرات داخل مصر وخارجها في إطار الحوار "الإسلامي – الإسلامي"، أو "الإسلامي – المسيحي" من آلياته المستحدثة المهمة، قائلًا: "لعل الزيارة التاريخية المرتقبة خلال هذا الشهر للبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، ومن قبلها زيارة شيخ الأزهر التاريخية للفاتيكان، أكبر دليل على ذلك التعاون المثمر والتحضيرات المكثفة على مدار أشهر بين المعنيين في المؤسستين". الداعية الميداني وأكد "شومان"؛ إن الأداة العاشرة؛ هي عقد ندوات ومؤتمرات محلية وعالمية، وإصدار وثائق تاريخية، ومؤلفات علمية، ومواد فيلمية، وإجراء حوارات إذاعية، ولقاءات مجتمعية، ونشر مقالات صحفية، وتسيير قوافل دعوية وطبية تجوب مصر والعالم حاملة معها الدواء الشافي للأفكار والأبدان، واستعادة الجامع الأزهر لريادته العلمية والفكرية من خلال عودة الأروقة الأزهرية إلى سابق عهدها والعزم على فتح فروع لها في مختلف المحافظات لتيسير الدراسات الحرة وفق المنهج الأزهري لكل الراغبين، واستحداث مبادرات وآليات توعوية جديدة، كان آخرها مبادرة: «الداعية الميداني» الذي يجوب الشوارع ويوضح للناس - أينما وجدوا - المفاهيم المغلوطة، ويجيب عن أسئلتهم بأسلوب ترغيبي جاذب وبلغة سهلة بسيطة يفهمها كل من يوجد في هذه التجمعات. وقال وكيل الأزهر؛ "إنه ومن خلال تلك البرامج والآليات التي استحدثها الأزهر الشريف في السنوات القليلة الماضية، فإن تجديد الخطاب الديني، وتوضيح المفاهيم وتفنيد الشبهات، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، وإرساء دعائم المواطنة، والعيش المشترك، والتعددية الفكرية، وقبول الآخر، ونبذ العنف والغلو في الدين، وغيرها من القيم والمبادئ التي تقوي النسيج الوطني وتعزز السلام الاجتماعي؛ لم تعد مجرد شعارات جوفاء، بل تحولت إلى عمل مؤسسي سيجني الناس ثماره قريبًا". تجاهل غير مفهوم واستنكر "شومان"؛ ما أسماه ب "التجاهل غير المفهوم وغير المبرر" لجهود الأزهر الشريف على كلافة المستويات، وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر والعالم أجمع، قائلًا: "لا شك أن هذه الجهود الحثيثة لن تؤتي ثمارها المرجوة إلا إذا وصلت إلى أكبر عدد من الناس من خلال تسليط المؤسسات الإعلامية والصحفية الضوء عليها كما ينبغي، فلعل كلمة طيبة أو تصحيحًا لمفهوم أو توضيحًا لحكم شرعي، يغير مسار شخص مغرر به، ويحوله من قنبلة قابلة للانفجار إلى عنصر صالح في المجتمع". وأشار وكيل الأزهر؛ إلى أنه "من المؤسف، بل من المحزن حقًا، أن نرى هجومًا ممنهجًا على الأزهر وقياداته، ومن الظلم البين اتهام الأزهر وعلمائه بالتقصير وعدم تحمل مسئولياتهم، فضلًا عن رد أسباب التطرف والإرهاب إلى مناهجه، وكأن إسقاط هذه المؤسسة وتحطيم رمزيتها وإضعاف هيبة علمائها لدى مسلمي الداخل والخارج أصبح هدفًا لبعض أصحاب المصالح والأهواء".