نص عظة البابا تواضروس في خميس العهد بدير مارمينا العجائبي بالإسكندرية    خبر عاجل بشأن العمال ومفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم.. أخبار التوك شو    بعد تدشينه رسميا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها لإتحاد القبائل العربية    "ابدأ": نعمل في مبادرات متعددة.. وتنوع القطاعات الصناعية لدينا ميزة تنافسية    هنية: اتفقنا مع رئيس وزراء قطر على استكمال المباحثات حول الوضع في غزة    وزيرة البيئة تنعى رئيس «طاقة الشيوخ»: كان مشهودا له بالكفاءة والإخلاص    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    منافس الأهلي.. صحيفة تونسية: جماهير الترجي تهاجم ياسين مرياح بعد التعادل مع الصفاقسي    "سددنا نصف مليار جنيه ديون".. الزمالك يعلن مقاضاة مجلس مرتضى منصور    «حصريات المصري».. اتفاق لجنة التخطيط بالأهلي وكولر.. صفقة الزمالك الجديد    بسبب كاب.. مقتل شاب على يد جزار ونجله في السلام    ‬رفضت الارتباط به فحاول قتلها.. ننشر صورة طالب الطب المتهم بطعن زميلته بجامعة الزقازيق    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    سميرة سعيد تطرح أغنيتها الجديدة كداب.. فيديو    الضبيب: مؤتمر مجمع اللغة العربية عرسًا لغويًا فريدًا    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    "سور الأزبكية" في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    ب9 عيادات متنقلة.. «صحة الإسكندرية» تطلق قافلة مجانية لعلاج 1540 مريضًا بقرية عبدالباسط عبدالصمد    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    تفاصيل منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 للطلاب في جامعة أسيوط    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل الأزهر: مخطئ من يظن أن أمنَ وطنه يتحقق على حساب وطن آخر
نشر في صوت البلد يوم 19 - 04 - 2017

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن ما يمر به العالم اليوم من أحداث يندى لها جبين البشرية، ولم يكن عالمنا الإسلامى والعربى بمعزِل عن هذه الأحداث المؤسفة، بل إن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارثَ متلاحقةٍ أصابت كثيرًا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، من خلال بث الفتن، وإشعال الحروب التى دُمرت خلالها دول بكاملها، وقُسمت أخرى لطوائف وفِرق متناحرة.
وأضاف فى ختام مؤتمر دورالمؤسسات الدينية فى عمليات بناء السلام والحوار بلبنان، إن هناك عدةَ حقائقَ تمثل إطار تعاونِ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الرسمية، ومن هذه الحقائق، خاصة وأن الإسلام دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم، فنحن المسلمين نؤمن بأن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن هدًى ونورٌ للناس، وأن اللاحق منها مصدِّق للسابق، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا آمن بالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل جميعًا.
وأوضح شومان أن التعدد الدينى فى الوطن الواحد لا يعد مشكلة ولا ينبغى أن يكون، وقد علَّمَنا ديننا الإسلامى الحنيف كيفية التعايش فى ظل التعددية الدينية، وذلك من خلال المشتركات الإنسانية التى تشمل كل مناحى الحياة، أما الجانب العقدى والتعبدى فلا يضر علاقاتِ البشر فى أمور حياتهم اختلافُ تعبدهم لخالقهم، فشعار ديننا الحنيف: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، و«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِى دِينِ».
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ الرؤى والأفكار مع مختلِف الحضارات والثقافات بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة، ويسعى الأزهر جاهدًا لترسيخ قيم التعايش المشترك، وقبول الآخر، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة والتعددية، وتبنى ثقافة حوار حقيقى مع الآخر يقوم على أساس من التعددية الفكرية والتنوع الثقافى، ويكون نابعًا من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات، ويعمد إلى المشتركات ولا ينبش فى الاختلافات.
وتابع: إن الأزهر الشريف قد حقق نجاحاتٍ كبيرةً داخلَ مصرَ وخارجَها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطنى والعالمي. ومن هذه الحوارات على سبيل المثال (الملتقى الدولى الأول للشباب المسلم والمسيحي) الذى عُقد فى أغسطس الماضى بمشاركة وفد من شباب الأزهر الشريف ووفد من مجلس الكنائس العالمى يضم نحو أربعين شابًّا وفتاة يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين فى قلب مشيخة الأزهر حول دور الأديان فى بناء السلام ومواجهة التطرف. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد فى هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بمشيئة الله تعالى بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خيرَ شاهدٍ وأوضح دليلٍ على أهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية فى تعزيز السلام.
وتساءل شومان :" كيف نعمق التواصل والترابط بين المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربى والإسلامى بما يسهم فى تحقيق السلام، وحماية شبابنا من الانخراط فى أفكار جماعات التطرف أو الإلحاد، ووقف مخططات دولية خبيثة تهدف لتدمير مستقبل شعوبنا، وتهديد أمن أوطاننا، وزعزعة استقرار مجتمعاتنا؟
وأضاف :" فى اعتقادى، إن ذلك لن يتحقق إلا بإنكار الذات، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة، والبناء على ما هو قائم اليوم من التعاون والتواصل بين المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة فى عالمنا العربى الإسلامى وفى العالم كله للوصول إلى ما ننشده من ترابط وتكامل، مع الالتزام بمنهجنا الإسلامى القائم على الوسطية والاعتدال، والفهم الصحيح لنصوص الأديان، وترسيخ قيم التعددية وقبول الآخر، وتحقيق المواطنة الكاملة بين أبناء الشعب الواحد.
وقال شومان:" إننا نحتاج إلى مواقفَ جِديةٍ مشتركة من أجل إسعاد البشرية، لأن العالم اليوم يعلق آمالًا كبيرة على المؤسسات الدينية الرسمية من أجل نشر الخير وتعزيز السلام، والأزهر الشريف يعمل بجميع هيئاته التقليدية وآلياته المستحدثة على نشر وسطية الإسلام، ويبذل مبتعثوه المنتشرون فى أنحاء العالم جهودًا حثيثة من أجل تحقيق السلام، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، ومواجهة الفكر المتطرف.
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف يوفد بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين «قوافل سلام» تجوب العالم، وتخاطب الناس بلغاتهم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، فضلًا عن جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر التاريخية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا من أجل تعزيز السلام، وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلِف الشعوب، وحماية الإنسان - على اختلاف دينه أو عِرقه أو ثقافته - من العنف والتطرف، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وإقناع صناع القرار العالمى بتبنى ثقافة الحوار لحل المشكلات العالقة أو الناشئة، وتعزيز ما من شأنه نشرُ هذه الثقافة بين أتباع الأديان، ومن أجل ذلك فقد منح فضيلته صلاحياتٍ واسعةً لمركز الأزهر لحوار الأديان لتعميق ثقافة الحوار وقبول الآخر، وفتح قنوات اتصال مع المراكز المهتمة بالحوار فى مختلِف دول العالم، بهدف تعزيز التفاهم وتعميق التعاون وتكثيف الحوار البنَّاء مع أتباع مختلِف الأديان والثقافات فى العالم. ويجرى العمل الآن على إصدار دورية عن مركز الأزهر لحوار الأديان باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام.
وأضاف:" نخطئ حين نظن أن السلام بين الناس من الممكن أن يتحقق باجتماع هنا وآخر هناك، أو بترديد نصوص من كتبنا المقدسة وأحاديث المرسلين، أو بدعوات نرددها فى صلواتنا، أو بالحث على التسامح والتراحم وإدانة العنف والظلم بأشد العبارات، ويخطئ كذلك من يظن أن أمنَ وطنِه أو رِفعتَه يمكن أن يتحقق على حساب وطن آخر، ومخطئ من يظن أن سلامًا حقيقيًّا يمكن أن يسود فى ظل أرض محتلة وحقوق مغتصبة وإرادة مسلوبة، ومخطئ من يظن أن استقرارًا يمكن أن يعم مع دوى المدافع وتحليق القاذفات وسقوط المتفجرات وتناثر الأشلاء وارتفاع صراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيتام، ومخطئ من يظن أن القوة الغاشمة تولد أمنًا أو تخلف سلامًا، أو أن تطاول الأزمنة يقر واقعًا أو يُنسى حقًّا مغتصبًا!
واستطرد :" إننا لن نَمَلَّ ولن نَكَلَّ من تَكرار أن الأمن والسلام الحقيقيين يقتضيان ممن يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لاتخاذ خطوات مباشرة وصريحة لإنهاء الاحتلال ورد الحقوق إلى أصحابها، وإنقاذ العالم من الدمار والفقر والجهل والمرض، والتوقف عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت وسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع الآخر. على الذين يمتلكون القوة أن يضربوا المثل والقدوة بالتوقف الفورى عن سباق التسلح المجنون نحو أسلحة الدمار الشامل بعد أن امتلكوا منه ما يكفى لتدمير كوكب الأرض عدة مراتٍ فى ساعات معدودة، بل عليهم اتخاذ خطوات جريئة للتخلص من هذا الجحيم المكنون الذى لا ينبغى أن يمتلكه بشرى مع ما يعتريه من انفعالات وانفلات قد يخرجه عن حد الاتزان، ومن عجبٍ أن يرى بعضهم امتلاك أسلحة الدمار الشامل هذه حقًّا مكتسَبًا لهم محظورًا على غيرهم.
قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن ما يمر به العالم اليوم من أحداث يندى لها جبين البشرية، ولم يكن عالمنا الإسلامى والعربى بمعزِل عن هذه الأحداث المؤسفة، بل إن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارثَ متلاحقةٍ أصابت كثيرًا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، من خلال بث الفتن، وإشعال الحروب التى دُمرت خلالها دول بكاملها، وقُسمت أخرى لطوائف وفِرق متناحرة.
وأضاف فى ختام مؤتمر دورالمؤسسات الدينية فى عمليات بناء السلام والحوار بلبنان، إن هناك عدةَ حقائقَ تمثل إطار تعاونِ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الرسمية، ومن هذه الحقائق، خاصة وأن الإسلام دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم، فنحن المسلمين نؤمن بأن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن هدًى ونورٌ للناس، وأن اللاحق منها مصدِّق للسابق، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا آمن بالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل جميعًا.
وأوضح شومان أن التعدد الدينى فى الوطن الواحد لا يعد مشكلة ولا ينبغى أن يكون، وقد علَّمَنا ديننا الإسلامى الحنيف كيفية التعايش فى ظل التعددية الدينية، وذلك من خلال المشتركات الإنسانية التى تشمل كل مناحى الحياة، أما الجانب العقدى والتعبدى فلا يضر علاقاتِ البشر فى أمور حياتهم اختلافُ تعبدهم لخالقهم، فشعار ديننا الحنيف: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، و«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِى دِينِ».
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ الرؤى والأفكار مع مختلِف الحضارات والثقافات بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة، ويسعى الأزهر جاهدًا لترسيخ قيم التعايش المشترك، وقبول الآخر، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة والتعددية، وتبنى ثقافة حوار حقيقى مع الآخر يقوم على أساس من التعددية الفكرية والتنوع الثقافى، ويكون نابعًا من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات، ويعمد إلى المشتركات ولا ينبش فى الاختلافات.
وتابع: إن الأزهر الشريف قد حقق نجاحاتٍ كبيرةً داخلَ مصرَ وخارجَها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطنى والعالمي. ومن هذه الحوارات على سبيل المثال (الملتقى الدولى الأول للشباب المسلم والمسيحي) الذى عُقد فى أغسطس الماضى بمشاركة وفد من شباب الأزهر الشريف ووفد من مجلس الكنائس العالمى يضم نحو أربعين شابًّا وفتاة يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين فى قلب مشيخة الأزهر حول دور الأديان فى بناء السلام ومواجهة التطرف. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد فى هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بمشيئة الله تعالى بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خيرَ شاهدٍ وأوضح دليلٍ على أهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية فى تعزيز السلام.
وتساءل شومان :" كيف نعمق التواصل والترابط بين المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربى والإسلامى بما يسهم فى تحقيق السلام، وحماية شبابنا من الانخراط فى أفكار جماعات التطرف أو الإلحاد، ووقف مخططات دولية خبيثة تهدف لتدمير مستقبل شعوبنا، وتهديد أمن أوطاننا، وزعزعة استقرار مجتمعاتنا؟
وأضاف :" فى اعتقادى، إن ذلك لن يتحقق إلا بإنكار الذات، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة، والبناء على ما هو قائم اليوم من التعاون والتواصل بين المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة فى عالمنا العربى الإسلامى وفى العالم كله للوصول إلى ما ننشده من ترابط وتكامل، مع الالتزام بمنهجنا الإسلامى القائم على الوسطية والاعتدال، والفهم الصحيح لنصوص الأديان، وترسيخ قيم التعددية وقبول الآخر، وتحقيق المواطنة الكاملة بين أبناء الشعب الواحد.
وقال شومان:" إننا نحتاج إلى مواقفَ جِديةٍ مشتركة من أجل إسعاد البشرية، لأن العالم اليوم يعلق آمالًا كبيرة على المؤسسات الدينية الرسمية من أجل نشر الخير وتعزيز السلام، والأزهر الشريف يعمل بجميع هيئاته التقليدية وآلياته المستحدثة على نشر وسطية الإسلام، ويبذل مبتعثوه المنتشرون فى أنحاء العالم جهودًا حثيثة من أجل تحقيق السلام، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، ومواجهة الفكر المتطرف.
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف يوفد بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين «قوافل سلام» تجوب العالم، وتخاطب الناس بلغاتهم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، فضلًا عن جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر التاريخية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا من أجل تعزيز السلام، وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلِف الشعوب، وحماية الإنسان - على اختلاف دينه أو عِرقه أو ثقافته - من العنف والتطرف، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وإقناع صناع القرار العالمى بتبنى ثقافة الحوار لحل المشكلات العالقة أو الناشئة، وتعزيز ما من شأنه نشرُ هذه الثقافة بين أتباع الأديان، ومن أجل ذلك فقد منح فضيلته صلاحياتٍ واسعةً لمركز الأزهر لحوار الأديان لتعميق ثقافة الحوار وقبول الآخر، وفتح قنوات اتصال مع المراكز المهتمة بالحوار فى مختلِف دول العالم، بهدف تعزيز التفاهم وتعميق التعاون وتكثيف الحوار البنَّاء مع أتباع مختلِف الأديان والثقافات فى العالم. ويجرى العمل الآن على إصدار دورية عن مركز الأزهر لحوار الأديان باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام.
وأضاف:" نخطئ حين نظن أن السلام بين الناس من الممكن أن يتحقق باجتماع هنا وآخر هناك، أو بترديد نصوص من كتبنا المقدسة وأحاديث المرسلين، أو بدعوات نرددها فى صلواتنا، أو بالحث على التسامح والتراحم وإدانة العنف والظلم بأشد العبارات، ويخطئ كذلك من يظن أن أمنَ وطنِه أو رِفعتَه يمكن أن يتحقق على حساب وطن آخر، ومخطئ من يظن أن سلامًا حقيقيًّا يمكن أن يسود فى ظل أرض محتلة وحقوق مغتصبة وإرادة مسلوبة، ومخطئ من يظن أن استقرارًا يمكن أن يعم مع دوى المدافع وتحليق القاذفات وسقوط المتفجرات وتناثر الأشلاء وارتفاع صراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيتام، ومخطئ من يظن أن القوة الغاشمة تولد أمنًا أو تخلف سلامًا، أو أن تطاول الأزمنة يقر واقعًا أو يُنسى حقًّا مغتصبًا!
واستطرد :" إننا لن نَمَلَّ ولن نَكَلَّ من تَكرار أن الأمن والسلام الحقيقيين يقتضيان ممن يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لاتخاذ خطوات مباشرة وصريحة لإنهاء الاحتلال ورد الحقوق إلى أصحابها، وإنقاذ العالم من الدمار والفقر والجهل والمرض، والتوقف عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت وسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع الآخر. على الذين يمتلكون القوة أن يضربوا المثل والقدوة بالتوقف الفورى عن سباق التسلح المجنون نحو أسلحة الدمار الشامل بعد أن امتلكوا منه ما يكفى لتدمير كوكب الأرض عدة مراتٍ فى ساعات معدودة، بل عليهم اتخاذ خطوات جريئة للتخلص من هذا الجحيم المكنون الذى لا ينبغى أن يمتلكه بشرى مع ما يعتريه من انفعالات وانفلات قد يخرجه عن حد الاتزان، ومن عجبٍ أن يرى بعضهم امتلاك أسلحة الدمار الشامل هذه حقًّا مكتسَبًا لهم محظورًا على غيرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.