الفريق أول عبد المجيد صقر يلتقي وزير الدفاع الإيطالي    أسيوط تستعد لانتخابات مجلس الشيوخ وتستعين بالشباب لتنظيم الناخبين    تراجع في بنكين.. سعر الدولار مقابل الجنيه ببداية تعاملات الخميس    انخفاض أسعار النفط مع تقييم التطورات التجارية والجيوسياسية    طهران تطالب واشنطن بتعويضات قبل المحادثات النووية    يديعوت أحرونوت: نتنياهو أبلغ بن غفير أن الهجرة الطوعية من غزة ستنفذ خلال أسابيع إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق    الجيش الروسي يسيطر على مدينة "تشاسيف يار" في مقاطعة دونيتسك    "قصص متفوتكش".. تطورات أزمة ميراث إبراهيم شيكا.. ومصير إمام عاشور    انتظام الحركة على خط السنطة – طنطا عقب خروج قطار عن القضبان واصطدامه برصيف المحطة    تشييع جثمان لطفي لبيب من كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة اليوم    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام والقنوات الناقلة    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    طقس اليوم الخميس 31-7-2025.. انخفاض درجات الحرارة واضطراب بالملاحة    ميتا تعتزم زيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بعدما فاقت نتائج الربع الثاني التوقعات    طرح صور جديدة من فيلم AVATAR: FIRE AND ASH    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    أستراليا وبريطانيا تدعوان لوقف إطلاق النار في غزة وتشددان على حل الدولتين    20 شاحنة مساعدات إماراتية تستعد للدخول إلى غزة    أمير غزة الصغير.. قصّة طفل قبّل يد من قدم له الطعام وقتله الجيش الإسرائيلي بدم بارد    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بشمال سيناء    ملعب الإسكندرية يتحول إلى منصة فنية ضمن فعاليات "صيف الأوبرا 2025"    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    دعمًا لمرشح «الجبهة الوطنية».. مؤتمر حاشد للسيدات بالقليوبية    قناة السويس حكاية وطنl القناة الجديدة.. 10 سنوات من التحدى والإنجاز    معتقل من ذوي الهمم يقود "الإخوان".. داخلية السيسي تقتل فريد شلبي المعلم بالأزهر بمقر أمني بكفر الشيخ    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    الطب الشرعى يحل لغز وفاة أب وابنائه الستة فى المنيا.. تفاصيل    سلاح النفط العربي    نحن ضحايا «عك»    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    مواعيد مباريات اليوم الخميس 31 يوليو 2025 والقنوات الناقلة    طريقة عمل سلطة الفتوش على الطريقة الأصلية    المهرجان القومي للمسرح يحتفي بالفائزين في مسابقة التأليف المسرحي    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق فايد بالإسماعيلية (أسماء)    مؤامرة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين وتغيير الديموغرافيا    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل الأزهر: مخطئ من يظن أن أمنَ وطنه يتحقق على حساب وطن آخر
نشر في صوت البلد يوم 19 - 04 - 2017

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن ما يمر به العالم اليوم من أحداث يندى لها جبين البشرية، ولم يكن عالمنا الإسلامى والعربى بمعزِل عن هذه الأحداث المؤسفة، بل إن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارثَ متلاحقةٍ أصابت كثيرًا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، من خلال بث الفتن، وإشعال الحروب التى دُمرت خلالها دول بكاملها، وقُسمت أخرى لطوائف وفِرق متناحرة.
وأضاف فى ختام مؤتمر دورالمؤسسات الدينية فى عمليات بناء السلام والحوار بلبنان، إن هناك عدةَ حقائقَ تمثل إطار تعاونِ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الرسمية، ومن هذه الحقائق، خاصة وأن الإسلام دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم، فنحن المسلمين نؤمن بأن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن هدًى ونورٌ للناس، وأن اللاحق منها مصدِّق للسابق، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا آمن بالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل جميعًا.
وأوضح شومان أن التعدد الدينى فى الوطن الواحد لا يعد مشكلة ولا ينبغى أن يكون، وقد علَّمَنا ديننا الإسلامى الحنيف كيفية التعايش فى ظل التعددية الدينية، وذلك من خلال المشتركات الإنسانية التى تشمل كل مناحى الحياة، أما الجانب العقدى والتعبدى فلا يضر علاقاتِ البشر فى أمور حياتهم اختلافُ تعبدهم لخالقهم، فشعار ديننا الحنيف: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، و«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِى دِينِ».
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ الرؤى والأفكار مع مختلِف الحضارات والثقافات بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة، ويسعى الأزهر جاهدًا لترسيخ قيم التعايش المشترك، وقبول الآخر، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة والتعددية، وتبنى ثقافة حوار حقيقى مع الآخر يقوم على أساس من التعددية الفكرية والتنوع الثقافى، ويكون نابعًا من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات، ويعمد إلى المشتركات ولا ينبش فى الاختلافات.
وتابع: إن الأزهر الشريف قد حقق نجاحاتٍ كبيرةً داخلَ مصرَ وخارجَها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطنى والعالمي. ومن هذه الحوارات على سبيل المثال (الملتقى الدولى الأول للشباب المسلم والمسيحي) الذى عُقد فى أغسطس الماضى بمشاركة وفد من شباب الأزهر الشريف ووفد من مجلس الكنائس العالمى يضم نحو أربعين شابًّا وفتاة يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين فى قلب مشيخة الأزهر حول دور الأديان فى بناء السلام ومواجهة التطرف. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد فى هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بمشيئة الله تعالى بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خيرَ شاهدٍ وأوضح دليلٍ على أهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية فى تعزيز السلام.
وتساءل شومان :" كيف نعمق التواصل والترابط بين المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربى والإسلامى بما يسهم فى تحقيق السلام، وحماية شبابنا من الانخراط فى أفكار جماعات التطرف أو الإلحاد، ووقف مخططات دولية خبيثة تهدف لتدمير مستقبل شعوبنا، وتهديد أمن أوطاننا، وزعزعة استقرار مجتمعاتنا؟
وأضاف :" فى اعتقادى، إن ذلك لن يتحقق إلا بإنكار الذات، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة، والبناء على ما هو قائم اليوم من التعاون والتواصل بين المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة فى عالمنا العربى الإسلامى وفى العالم كله للوصول إلى ما ننشده من ترابط وتكامل، مع الالتزام بمنهجنا الإسلامى القائم على الوسطية والاعتدال، والفهم الصحيح لنصوص الأديان، وترسيخ قيم التعددية وقبول الآخر، وتحقيق المواطنة الكاملة بين أبناء الشعب الواحد.
وقال شومان:" إننا نحتاج إلى مواقفَ جِديةٍ مشتركة من أجل إسعاد البشرية، لأن العالم اليوم يعلق آمالًا كبيرة على المؤسسات الدينية الرسمية من أجل نشر الخير وتعزيز السلام، والأزهر الشريف يعمل بجميع هيئاته التقليدية وآلياته المستحدثة على نشر وسطية الإسلام، ويبذل مبتعثوه المنتشرون فى أنحاء العالم جهودًا حثيثة من أجل تحقيق السلام، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، ومواجهة الفكر المتطرف.
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف يوفد بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين «قوافل سلام» تجوب العالم، وتخاطب الناس بلغاتهم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، فضلًا عن جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر التاريخية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا من أجل تعزيز السلام، وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلِف الشعوب، وحماية الإنسان - على اختلاف دينه أو عِرقه أو ثقافته - من العنف والتطرف، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وإقناع صناع القرار العالمى بتبنى ثقافة الحوار لحل المشكلات العالقة أو الناشئة، وتعزيز ما من شأنه نشرُ هذه الثقافة بين أتباع الأديان، ومن أجل ذلك فقد منح فضيلته صلاحياتٍ واسعةً لمركز الأزهر لحوار الأديان لتعميق ثقافة الحوار وقبول الآخر، وفتح قنوات اتصال مع المراكز المهتمة بالحوار فى مختلِف دول العالم، بهدف تعزيز التفاهم وتعميق التعاون وتكثيف الحوار البنَّاء مع أتباع مختلِف الأديان والثقافات فى العالم. ويجرى العمل الآن على إصدار دورية عن مركز الأزهر لحوار الأديان باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام.
وأضاف:" نخطئ حين نظن أن السلام بين الناس من الممكن أن يتحقق باجتماع هنا وآخر هناك، أو بترديد نصوص من كتبنا المقدسة وأحاديث المرسلين، أو بدعوات نرددها فى صلواتنا، أو بالحث على التسامح والتراحم وإدانة العنف والظلم بأشد العبارات، ويخطئ كذلك من يظن أن أمنَ وطنِه أو رِفعتَه يمكن أن يتحقق على حساب وطن آخر، ومخطئ من يظن أن سلامًا حقيقيًّا يمكن أن يسود فى ظل أرض محتلة وحقوق مغتصبة وإرادة مسلوبة، ومخطئ من يظن أن استقرارًا يمكن أن يعم مع دوى المدافع وتحليق القاذفات وسقوط المتفجرات وتناثر الأشلاء وارتفاع صراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيتام، ومخطئ من يظن أن القوة الغاشمة تولد أمنًا أو تخلف سلامًا، أو أن تطاول الأزمنة يقر واقعًا أو يُنسى حقًّا مغتصبًا!
واستطرد :" إننا لن نَمَلَّ ولن نَكَلَّ من تَكرار أن الأمن والسلام الحقيقيين يقتضيان ممن يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لاتخاذ خطوات مباشرة وصريحة لإنهاء الاحتلال ورد الحقوق إلى أصحابها، وإنقاذ العالم من الدمار والفقر والجهل والمرض، والتوقف عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت وسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع الآخر. على الذين يمتلكون القوة أن يضربوا المثل والقدوة بالتوقف الفورى عن سباق التسلح المجنون نحو أسلحة الدمار الشامل بعد أن امتلكوا منه ما يكفى لتدمير كوكب الأرض عدة مراتٍ فى ساعات معدودة، بل عليهم اتخاذ خطوات جريئة للتخلص من هذا الجحيم المكنون الذى لا ينبغى أن يمتلكه بشرى مع ما يعتريه من انفعالات وانفلات قد يخرجه عن حد الاتزان، ومن عجبٍ أن يرى بعضهم امتلاك أسلحة الدمار الشامل هذه حقًّا مكتسَبًا لهم محظورًا على غيرهم.
قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن ما يمر به العالم اليوم من أحداث يندى لها جبين البشرية، ولم يكن عالمنا الإسلامى والعربى بمعزِل عن هذه الأحداث المؤسفة، بل إن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارثَ متلاحقةٍ أصابت كثيرًا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، من خلال بث الفتن، وإشعال الحروب التى دُمرت خلالها دول بكاملها، وقُسمت أخرى لطوائف وفِرق متناحرة.
وأضاف فى ختام مؤتمر دورالمؤسسات الدينية فى عمليات بناء السلام والحوار بلبنان، إن هناك عدةَ حقائقَ تمثل إطار تعاونِ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الرسمية، ومن هذه الحقائق، خاصة وأن الإسلام دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم، فنحن المسلمين نؤمن بأن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن هدًى ونورٌ للناس، وأن اللاحق منها مصدِّق للسابق، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا آمن بالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل جميعًا.
وأوضح شومان أن التعدد الدينى فى الوطن الواحد لا يعد مشكلة ولا ينبغى أن يكون، وقد علَّمَنا ديننا الإسلامى الحنيف كيفية التعايش فى ظل التعددية الدينية، وذلك من خلال المشتركات الإنسانية التى تشمل كل مناحى الحياة، أما الجانب العقدى والتعبدى فلا يضر علاقاتِ البشر فى أمور حياتهم اختلافُ تعبدهم لخالقهم، فشعار ديننا الحنيف: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، و«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِى دِينِ».
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ الرؤى والأفكار مع مختلِف الحضارات والثقافات بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة، ويسعى الأزهر جاهدًا لترسيخ قيم التعايش المشترك، وقبول الآخر، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة والتعددية، وتبنى ثقافة حوار حقيقى مع الآخر يقوم على أساس من التعددية الفكرية والتنوع الثقافى، ويكون نابعًا من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات، ويعمد إلى المشتركات ولا ينبش فى الاختلافات.
وتابع: إن الأزهر الشريف قد حقق نجاحاتٍ كبيرةً داخلَ مصرَ وخارجَها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطنى والعالمي. ومن هذه الحوارات على سبيل المثال (الملتقى الدولى الأول للشباب المسلم والمسيحي) الذى عُقد فى أغسطس الماضى بمشاركة وفد من شباب الأزهر الشريف ووفد من مجلس الكنائس العالمى يضم نحو أربعين شابًّا وفتاة يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين فى قلب مشيخة الأزهر حول دور الأديان فى بناء السلام ومواجهة التطرف. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد فى هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بمشيئة الله تعالى بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خيرَ شاهدٍ وأوضح دليلٍ على أهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية فى تعزيز السلام.
وتساءل شومان :" كيف نعمق التواصل والترابط بين المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربى والإسلامى بما يسهم فى تحقيق السلام، وحماية شبابنا من الانخراط فى أفكار جماعات التطرف أو الإلحاد، ووقف مخططات دولية خبيثة تهدف لتدمير مستقبل شعوبنا، وتهديد أمن أوطاننا، وزعزعة استقرار مجتمعاتنا؟
وأضاف :" فى اعتقادى، إن ذلك لن يتحقق إلا بإنكار الذات، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة، والبناء على ما هو قائم اليوم من التعاون والتواصل بين المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة فى عالمنا العربى الإسلامى وفى العالم كله للوصول إلى ما ننشده من ترابط وتكامل، مع الالتزام بمنهجنا الإسلامى القائم على الوسطية والاعتدال، والفهم الصحيح لنصوص الأديان، وترسيخ قيم التعددية وقبول الآخر، وتحقيق المواطنة الكاملة بين أبناء الشعب الواحد.
وقال شومان:" إننا نحتاج إلى مواقفَ جِديةٍ مشتركة من أجل إسعاد البشرية، لأن العالم اليوم يعلق آمالًا كبيرة على المؤسسات الدينية الرسمية من أجل نشر الخير وتعزيز السلام، والأزهر الشريف يعمل بجميع هيئاته التقليدية وآلياته المستحدثة على نشر وسطية الإسلام، ويبذل مبتعثوه المنتشرون فى أنحاء العالم جهودًا حثيثة من أجل تحقيق السلام، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، ومواجهة الفكر المتطرف.
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف يوفد بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين «قوافل سلام» تجوب العالم، وتخاطب الناس بلغاتهم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، فضلًا عن جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر التاريخية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا من أجل تعزيز السلام، وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلِف الشعوب، وحماية الإنسان - على اختلاف دينه أو عِرقه أو ثقافته - من العنف والتطرف، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وإقناع صناع القرار العالمى بتبنى ثقافة الحوار لحل المشكلات العالقة أو الناشئة، وتعزيز ما من شأنه نشرُ هذه الثقافة بين أتباع الأديان، ومن أجل ذلك فقد منح فضيلته صلاحياتٍ واسعةً لمركز الأزهر لحوار الأديان لتعميق ثقافة الحوار وقبول الآخر، وفتح قنوات اتصال مع المراكز المهتمة بالحوار فى مختلِف دول العالم، بهدف تعزيز التفاهم وتعميق التعاون وتكثيف الحوار البنَّاء مع أتباع مختلِف الأديان والثقافات فى العالم. ويجرى العمل الآن على إصدار دورية عن مركز الأزهر لحوار الأديان باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام.
وأضاف:" نخطئ حين نظن أن السلام بين الناس من الممكن أن يتحقق باجتماع هنا وآخر هناك، أو بترديد نصوص من كتبنا المقدسة وأحاديث المرسلين، أو بدعوات نرددها فى صلواتنا، أو بالحث على التسامح والتراحم وإدانة العنف والظلم بأشد العبارات، ويخطئ كذلك من يظن أن أمنَ وطنِه أو رِفعتَه يمكن أن يتحقق على حساب وطن آخر، ومخطئ من يظن أن سلامًا حقيقيًّا يمكن أن يسود فى ظل أرض محتلة وحقوق مغتصبة وإرادة مسلوبة، ومخطئ من يظن أن استقرارًا يمكن أن يعم مع دوى المدافع وتحليق القاذفات وسقوط المتفجرات وتناثر الأشلاء وارتفاع صراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيتام، ومخطئ من يظن أن القوة الغاشمة تولد أمنًا أو تخلف سلامًا، أو أن تطاول الأزمنة يقر واقعًا أو يُنسى حقًّا مغتصبًا!
واستطرد :" إننا لن نَمَلَّ ولن نَكَلَّ من تَكرار أن الأمن والسلام الحقيقيين يقتضيان ممن يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لاتخاذ خطوات مباشرة وصريحة لإنهاء الاحتلال ورد الحقوق إلى أصحابها، وإنقاذ العالم من الدمار والفقر والجهل والمرض، والتوقف عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت وسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع الآخر. على الذين يمتلكون القوة أن يضربوا المثل والقدوة بالتوقف الفورى عن سباق التسلح المجنون نحو أسلحة الدمار الشامل بعد أن امتلكوا منه ما يكفى لتدمير كوكب الأرض عدة مراتٍ فى ساعات معدودة، بل عليهم اتخاذ خطوات جريئة للتخلص من هذا الجحيم المكنون الذى لا ينبغى أن يمتلكه بشرى مع ما يعتريه من انفعالات وانفلات قد يخرجه عن حد الاتزان، ومن عجبٍ أن يرى بعضهم امتلاك أسلحة الدمار الشامل هذه حقًّا مكتسَبًا لهم محظورًا على غيرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.