مبدئيًا يجب أن نقنن مفهوم الإرهاب الذي يجتاح مصر قبل مناقشة جدوى قانون الطوارئ، فالإرهاب في مصر ينقسم لشقين إرهاب معنوى وفكرى وإرهاب مسلح. الإرهاب المعنوى يأتى من منابر وقنوات شيوخ دعاة الفتنة والتطرف ويتأثر به الجهلاء ومعدومو الثقافة ويظهر جليا في الأحداث الطائفية التي تضرب البلاد كل فترة من خطف القاصرات واسلمتهم جبريًا إلى غلق كنائس ومحاصرتها ومهاجمة محال ومنشآت وبيوت المسيحيين عند حدوث أي شائعة مغرضة بجانب التهجير الذي أصبح سمة سائدة بعد أي حدث طائفى. أما الإرهاب المسلح فيتخذ صورا عديدة منها على سبيل المثال ذبح المسيحيين في الشارع كما حدث في الإسكندرية وتفجير الكنائس كما حدث مؤخرًا في طنطاوالإسكندرية ومن قبل بالقاهرة، وتصفيتهم جسديًا كما حدث في العريش. وهنا يأتى السؤال: هل الدولة جادة في مواجهة الإرهاب بشقيه؟ وهل ينجح قانون الطوارئ في وقف التطرف والإرهاب؟ من خلال القراءة السريعة للأحداث الطائفية الناتجة عن الإرهاب بشقيه المعنوى والمسلح في السنوات القليلة الماضية نجد يد الدولة مرتخية غير قادرة على حسم ومواجهة أساس المشكلة ودائمًا ما تلجأ إلى حلول على هيئة مسكنات.. فلم نجد يومًا حزمًا من الدولة أو موقفًا صارمًا تجاه دعاة التطرف والإرهاب ولم نجد أي ردع من أي نوع باستثناء حادثة ليبيا الشهيرة وكانت ردًا على ذبح 21 مسيحيًا في ليبيا. هذه الدولة التي تطلق على من يذبح المسيحيين في الشارع جهارًا نهارًا بأنه مختل عقليًا، وتعجز على فتح كنيسة في قرية صغيرة بالصعيد لا تتوقع منها حزما ولا قوة ولا جدية في مواجهة الإرهاب، هذه الدولة التي تتراجع أمام المتطرفين وتخشى محاكمتهم وحبسهم وتطلق لهم العنان في الشوارع والمنابر لبث روح الفتنة والانقسام لن تتحرك قيد أنملة لردعهم ومحاسبتهم. قانون الطوارئ مسبقًا لم يحم كنيسة القديسين ولم ينجح في إفشال الأعمال الإرهابية بشرم ودهب ولم يوقف مذبحة نجع حمادى وغيرها الكثير من الأحداث الدموية. قانون الطوارئ لا يستطيع الاقتراب من مشايخ الفتنة ولكنه يقترب ويحاصر منابر إعلامية حرة ويصادر الصحف ويضيق على الصحفيين والإعلاميين، قانون الطوارئ يطبق فقط على المواطن الغلبان ولا يقترب من صاحب النفوذ. هذا القانون إذا لم يتبعه إرادة سياسية حقيقية قائمة على دحر الإرهاب الفكرى والمعنوى، بجانب الإرهاب المسلح سيكون قانونا مقيدا ببيروقراطية عفنة متخلفة وعقليات أمنية عفى عليها الزمن. وختامًا أحذر من اللعب على الحبال ومسك العصا من المنتصف مع أصحاب الفكر المتطرف وجماعة الإخوان الإرهابية، فهذا لم يشفع للسادات ولم يحم مبارك، التلاعب مع التيارات الإسلامية المختلفة لا ينتهى إلا بالقضاء على أحد الطرفين.. فاختاروا! حفظ الله مصر.