مصر بين جمهوريتى 23 يوليو و30 يونيو ورسائل الرئيس    تشكيل المصري - منذر طمين يقود الهجوم أمام النجم الساحلي وديا    حوار في الجول - تيدي أوكو يكشف أسباب فشل انتقاله إلى الزمالك.. وموقف الكشف الطبي    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    محمد الجالى: توجيهات الرئيس السيسي عن الطاقة استراتيجية للتحول لمركز إقليمى.. وتحقيق الاكتفاء الذاتي يرتبط ب"الأمن القومي"    وزير الخارجية والهجرة يسلم رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية الى رئيس جمهورية النيجر    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    صلاح عبدالعاطي: إسرائيل تستخدم المفاوضات غطاءً لإطالة أمد الحرب وفرض ترتيبات قسرية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    حزب إرادة جيل يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    أرسنال يهزم ميلان في مباراة ودية بسنغافورة    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    الرابط المعتمد لنتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. استعلم عبر بوابة الأزهر الشريف برقم الجلوس (فور ظهورها)    محمد رياض: نبحث عن تيارات فكرية جديدة في الكتابة المسرحية    "شفتشي" ثاني أغنيات الوش الثاني من "بيستهبل" ل أحمد سعد    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    «اتصرف غلط».. نجم الأهلي السابق يعلق على أزمة وسام أبو علي ويختار أفضل بديل    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    «فتحنا القبر 6 مرات في أسبوعين».. أهالي قرية دلجا بالمنيا يطالبون بتفسير وفاة أطفال «الأسرة المكلومة»    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    «ادهشيهم في الساحل الشرير».. حضري «الكشري» في حلة واحدة لغذاء مميز (المكونات والطريقة)    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    طرح إعلان فيلم Giant لأمير المصري تمهيدا لعرضه عالميا    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالمحسن سلامة: رصاصة في العقل
نشر في أخبار مصر يوم 12 - 05 - 2011

البداية قصة حب بين رجل وامرأة ثم شائعة عن اختفاء المرأة داخل الكنيسة والنهاية عشرات القتلي والجرحي‏,‏ وإشعال نيران الفتنة الطائفية وإثارة مشاعر العنف والكراهية التي تهدد نسيج المجتمع المصري‏.‏
إذا كانت مجرد قصة حب وشائعة عن خطف المرأة واحتجازها في كنيسة في إمبابة قد فجرت كل هذا العنف, فلابد أن يستوقفنا الأمر بشدة لمراجعة طريقة تفكيرنا وقدرتنا علي معالجة الأحداث اليومية ورؤيتنا للمستقبل, لأنه من الواضح أن عقول البعض منا قد أصابها التجريف, وضربها طلقات رصاص التخلف في مقتل, ونزفت كل ما فيها من دماء حتي تحولت إلي قطعة اسفنجية جافة ليست لها قيمة.
تابعت المأساة وشهادة الشهود ومن بينهم شهادة الزميل عبدالشافي صادق المقيم بالمنطقة وروي لي بداية المأساة وكيف حضر شاب إلي المسجد في أثناء صلاة العصر وأطلق قنبلته واختفي لتبدأ تداعيات المأساة ويختلط الحابل بالنابل من المتطرفين والبلطجية لمهاجمة الكنيسة ومحاولة إطلاق سراح الفتاة حتي بدأ إطلاق الرصاص الحي في ظل حالة الانفلات الأمني الذي نعيشه منذ82 يناير حينما انسحبت الشرطة ولم تعود حتي الآن.
ما حدث كارثة بكل المقاييس ونذير شئوم يمكن أن يدخل مصر في متاهة الفوضي والحرب الأهلية إذا تركنا الأمور تسير بطريقة الدفع الذاتي الحالية, والاكتفاء برد الفعل, وعدم اتخاذ تدابير صارمة في إطار تطبيق القانون علي الجميع دون تسامح خاصة فيما يتعلق بكل أشكال البلطجة أو الاعتداء علي دور العبادة, وترويع الآمنين في الطرقات.
أخشي ان تكون هناك أياد خارجية تريد العبث بمستقبل مصر ووحدتها, وزرع الشقاق بين المسلمين والأقباط لينتهي الأمر إلي نزاع بين أغلبية وأقلية, وتبدأ محاولات التدويل والتدخل الأجنبي المشئوم لندخل في دوامة معروف بدايتها, ولا يعرف أحد نهايتها, فالفتنة مثل كرة النار التي تنطلق في أرض مشبعة بالبنزين والمواد الملتهبة تأكل الأخضر واليابس وكل ما يقع في طريقها ولا تترك مكانا إلا بعد تحويله إلي خرابة ينعق فيها البوم.
الوضع الطائفي في مصر ليس في أفضل أحواله والحديث عن غير ذلك هو حديث النعام التي تحاول إخفاء رأسها في الرمال, وقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من الأزمات في نجع حمادي وأطفيح وآخرها كارثة كنيسة القديسين قبل الثورة, وكنا نتمني أن تختفي الفتنة بعد الثورة إلي الأبد إلا أن ما حدث في صول وهدم كنيستها عاد بالفتنة إلي صدارة المشهد من جديد, واستطاعت القوات المسلحة والعقلاء من القيادات الإسلامية والمسيحية السيطرة علي الموقف, غير أن حالة الشحن التي يموج بها المجتمع المصري الآن ومحاولة تقسيمه إلي مذاهب وطوائف وجماعات, ولجوء بعض هذه الجماعات إلي زيادة الشحن الطائفي أسهم في تسخين الاجواء الطائفية إلي درجة غير مقبولة جعلت من السهل إشتعال الأمر لمجرد إطلاق شائعة اختفاء الفتاة داخل الكنيسة.
بصراحة الكنيسة ليست مكانا لإخفاء الاشخاص, كما ان المسجد ليس مكانا لذلك أيضا, ولو ان الفتاة مخطئة فان مكانها قسم الشرطة وليس الكنيسة, ولكن رغم كل ذلك فالمعلومة غير مؤكدة وأغلب الظن أنها شائعة, وفي كل الأحوال سواء أكانت شائعة أم حقيقة فانه لايجوز بحال من الأحوال مهاجمة الكنيسة وإشعال نيران الفتنة والتطرف لان ذلك معناه اهدار سلطة الدولة وعدم احترامها.
هناك أخطاء جسيمة حدثت في ملف الوحدة الوطنية وتراكمت منذ سنوات وآن الآوان لمعالجتها بصراحة ووضوح بعيدا عن المجاملات, فهناك مطالب مشروعة يجب الاستماع اليها والاستجابة لها, وهناك اشياء أخري غير مقبولة, والحل هو المصارحة والشفافية في معالجة هذا الملف, وقبل هذا وبعده إعلاء سلطة الدولة وتطبيق القانون بصراحة داخل الكنائس والمساجد.
ليس هناك فرد أو مؤسسة أقوي من الدولة, فالقانون لابد أن يطبق علي الجميع دون استثناء لأحد, وحينما يتأكد الجميع مسلمين ومسيحيين أن يد القانون تطول الجميع ولن يفلت أحد من العقاب إذا أخطأ, فمن المؤكد أن هيبة الدولة الجريحة سوف تعود, وسوف يفكر كل من تسول له نفسه العبث بنيران الفتنة أو اللجوء إلي البلطجة مليون مرة ومرة قبل أن يلجأ لمثل تلك الأساليب.
من السهل إلقاء الاتهامات علي هذه الجماعة أو ذاك الفصيل في اطار البحث عن شماعة جاهزة, إلا أن ذلك يدخل في إطار تغييب العقل لتبرير ما حدث, وهذا هو الاسهل دائما في تبرير الكوارث والازمات, لكن الفتنة وما يتعلق بها من مستقبل الوطن اكبر من ذلك بكثير ولابد من تدارك الموقف من كل جوانبه, فالأمن لابد ان يعود, وإلي جواره تطبيق القانون بكل حزم علي أعمال البلطجة والفتنة الطائفية, وان يبدأ حوار فاعل بين الكنيسة والازهر وكل الجماعات الإسلامية بأطيافها المختلفة للتعريف بما هو مباح ومحظور, فالحرية مطلوبة ولكن في اطار سيادة القانون والدولة هي الجهة الوحيدة المعنية بتطبيقه, ولا يمكن السماح لأي مؤسسة دينية مسلمة أو مسيحية أن تحل محل الدولة حتي مع المنتمين اليها, فالدين لله والوطن للجميع, والدولة هي المسئولة عن مواطنيها مسلمين ومسيحيين والمسجد والكنيسة لهما دورهما الفاعل والمؤثر ولكن تحت مظلة الدولة وليس بعيدا عنها أو حتي موازيا لها.
لا نريد أن نجري وراء السراب طالما يجري الآخرون في القطيع, لكننا نحتاج إلي تحكيم عقولنا حتي لو لم يكن ذلك متماشيا مع بعض الأصوات العالية التي تثير ضجيجا وصخبا, وتحاول إلقاء التهم يمينا ويسارا لزيادة الشحن داخل أوصال الوطن وتسجيل مواقف وهمية أو تحقيق زعامة طائفية أو سياسية في هذا الوقت الصعب من تاريخ الوطن.
مستقبل مصر علي المحك الآن.. أما أن يجتمع كل عقلاء الأمة علي كلمة سواء لإعلاء المصلحة العامة دون تخوين أو إرهاب لإقامة دولة ديمقراطية حديثة بالمفاهيم التي نراها في العالم المتقدم أو نقع في براثن التطرف والطائفية والتشرذم ونكتفي بالصراخ وإلقاء التهم وتقسيم المجتمع إلي طوائف وشيع تعود بنا إلي عصور التخلف والظلام.
نقلا عن صحيفة "الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.