بمجرد أن تطأ قدماك أرض «منشية ناصر» سوف تقع عيناك- بطبيعة الحال- على الحياة التعسة التي يعيشها أهالي المنطقة، وسيلفت انتباهك حجم التدني في مستوى معيشة هؤلاء الذين يعيشون بين عشوائيات يصعب علينا نحن، حتى وإن ضاقت بنا الظروف، تحمل البقاء فيها لأكثر من ساعة. وبينما ترثي أعيننا حال هؤلاء السكان وتشفق قلوبنا على حياتهم، تتهادى إلى أسماعنا أصوات قادمة من بعيد، أصوات ضحكات طفولية تعج بسعادة تبدو غريبة على هذا المكان الواجم والساكن في صمت.
الضحكات كانت صادرة من أطفال يركضون بحرية تحت أشعة شمس النهار الذهبية، غير عابئين بالدنيا وما فيها، يلهون بألعاب صنعوها من قلب بيئتهم ضعيفة الإمكانات، بينما تدور المنافسة بينهم في فلك الانطلاق وإطلاق الضحكات.
قلوبهم تنبش عن السعادة في قلب المعاناة، وتبحث عن سبل عدة لخلق الفرحة والانطلاق من رحم ضيق الحال الذي يطوق حياتهم ويحيط بهم من كل جانب.
فالقبح الذي يملأ العالم من حولهم لم يؤثر في رغبتهم المحمومة للاستمتاع بكل لحظة من لحظات طفولتهم.