يحيى قلاش: هناك حالة من الفوضى الإعلامية ناتجة عن وجود تشريعات جامدة.. ولا إعلام بدون تنظيم صلاح عيسى: صورة الصحفيين ليست قاتمة ويجب أن تكون هناك أداة ضبط داخلية للمهنة «لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ.. وَآيَةُ هَذا الزَمان الصُحُف.. لِسانُ البِلادِ وَنَبضُ العِباد.. وَكَهفُ الحُقوقِ وحربُ الجَنَف».. نظم أمير الشعراء أحمد شوقى هذه الأبيات في بدايات القرن المنقضي، إجلالًا وتقديرًا لدور صاحبة الجلالة التي كانت في مهدها تشق الطريق إلى المجتمع، واستطاعت أن تكون منبرًا حقيقيًا معبرًا عن المزاج العام للعوام، يحمل المشتغلون بها على عاتقهم قضاياه الوطنية والمصيرية باقتدار فاستحقوا أن يكونوا ضمير المجتمع وقلبه النابض. وبمرور الزمن وتغير الأوضاع السياسية والمعيشية، لا سيما عقب ثورات الربيع العربي، وعصر السموات المفتوحة، تبدل المشهد وتداخل الصحفيون في العمل الإعلامي بشكل أقرب للعشوائية، تراجعت فيه مواثيق الشرف المهنية جانبًا، وبدأ يتردد على المسامع مصطلحات «الفوضى الإعلامية ضبط الأداء الصحفي»، لتعبر عن الصورة الذهنية الآنية للصحفى لدى المجتمع. مع بداية ماراثون انتخابات التجديد النصفى بقلعة الحريات – نقابة الصحفيين – كان لزامًا أن نوضح رؤية بعض المتسابقين – المرشحين – وشيوخ المهنة عن إعادة بناء جسور الثقة بين الصحفى والمجتمع، التي تصدع جزء منها، وما في ذلك ريب. فوضى إعلامية من جهته قال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الحالي، المرشح مجددًا على مقعد النقيب في انتخابات التجديد النصفى لنقابة الصحفيين: إن هناك حالة من الفوضى الإعلامية مرجعها عدة عوامل على رأسها نمو الإعلام في ظل تشريعات جامدة، ولا يوجد إعلام بدون تنظيم وهذا مبنى على استقلاليتها وحياديتها وكذلك مسئوليتها أمام الجمهور. تفعيل منظومة التشريعات وأضاف: إن جزءا من الجمود التشريعى هو الاختلاط بين الإعلام والصحافة، وهذا ما ظهر في دخول عدد من الصحفيين إلى العمل الإعلامي رغم اختلاف طبيعة كل عمل، وبالتالى طالبنا ونحن نضع قانون الإعلام الموحد بوجود نقابة للإعلاميين تم الموافقة عليها بالفعل من قبل البرلمان، وستشكل لجنة لتأسيس هذه النقابة وهو ما يعد مكسبا كبيرا، وستؤدى دورها كما تؤدى نقابة الصحفيين لأعضائها وللمهنة، وفى اعتقادى أن المشهد الصحفى أكثر انضباطًا في عمله من الإعلامي، كما أن وجود نقابة إعلامية ستحدد قواعد المهنة وتعطى التراخيص لمزاولتها، تستطيع أن تحاسب من يخرج عن ميثاق الشرف الإعلامي. وعن الانتقادات الموجهة للنقباء المتعلقة بعدم تفعيل ميثاق الشرف الصحفى ضد من يخالف من الإعلاميين، باعتبارهم أعضاء للنقابة قال نقيب الصحفيين: إن ميثاق العمل الصحفى يختلف عن الإعلامي تمامًا، لكنه اكتمل مع قانون نقابة الإعلاميين، والدستور المصرى به نصوص كثيرة متعلقة بالإعلام يجب أن تترجم إلى منظومة تشريعات تتعلق بقانون الهيئات واستقلال دورها، حرية تداول المعلومات، والحبس في قضايا النشر، مع النظر بعين الاعتبار في شكاوى الجمهور، كلها عوامل إذا تضافرت سيتغير المشهد الصحفى والإعلامي كثيرًا. آفة كل المهن من جانبه أكد الكاتب الصحفى صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، أن صورة الصحفيين لم تصل لدرجة تحتاج إلى أطروحات لاسترجاعها لدى المجتمع، وأنه على مدى تاريخ مهنة الصحافة كان منها نماذج تسيئ لها وأخرى تزيدها احترامًا وتقربًا شأنها في ذلك شأن بقية المهن. الحسابات الانتخابية وأشار «عيسى» إلى أنه للحد من تصدر النموذج السيئ للمشهد الصحفي، يجب تفعيل مواثيق الشرف المهنية، وتطبيق العقوبات التي تنص عليها لكل من يخرج عن قواعدها، ليطمئن المجتمع أن الصحفيين لديهم أداة ضبط داخلية لممارسة المهنة ونمتلك آليات تطبيقها، لافتًا إلى أن الأزمة في عدم تفعيلها، وذلك لأسباب ذات صلة بالحسابات الانتخابية. استقلال المهنة في ذات السياق قال محمد سعد عبد الحفيظ، مدير تحرير جريدة الشروق، أحد المرشحين على عضوية مجلس النقابة: إن إعادة الصورة الإيجابية عن الصحفى ستتحقق بوجود مجلس نقابة قوى لديه إرادة حقيقية لاستقلال المهنة ونقابتها، ومؤمن برسالتها وهى إخبار الجمهور ونقل ما يجرى في الرأى العام وتحليله ومتابعته، عندئذ سينعكس ذلك على صورة الصحفى لدى المجتمع. ميثاق الشرف.. الحل وأضاف «عبد الحفيظ» أن السبب في تغير الصورة الإيجابية للصحفى لدى المجتمع، عندما تحول عدد من أبناء المهنة من مهمتهم الرئيسية إلى «أرجوزات» يظهرون على الشاشات الفضائية يتحدثون عن أمور ليس لها علاقة بقواعد المهنة من قريب أو بعيد، وبالتالى دور مجلس النقابة المقبل أن يعيد هذه الصورة الذهنية، عن طريق تفعيل ميثاق الشرف المهنى بحيث لا يسمح لكل من «هب ودب» بممارسة المهنة وأن يتحدث باسمها، وبخاصة أن أعضاء مجلس النقابة تمرسوا العمل المهنى الجاد، وعندما يخرج عضو منه مخاطبًا المجتمع أو مؤسسات الدولة فهو يعرف جيدًا حدود هذا الخطاب وحدود قواعده وهذا ما ينعكس بطبيعة الحال على الرأى العام، وبالتالى تتحسن الصورة لدى المجتمع.