«الأزهر الشريف» أثبت عبر القرون أنه لا يكتفى بالوقوف في الصفوف الأولى للدفاع عن الإسلام بل يتولى القيادة بنفسه، وبما أن الحرب الآن ضد «الإرهاب» فإن تلك المؤسسة رسخت جزءًا كبيرًا من دورها للتصدى للتطرف، كإحدى القوى الناعمة رغم سهام النقد التي تتناوب عليها من الداخل، بعضها بحسن نية ورغبة في الإصلاح، وبعضها بسوء نية واضحة ومقصودة. شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بدأ جولاته الخارجية لبيان صحيح الدين، في شهر فبراير الماضي، بزيارة إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان المسلمين، والتقى الرئيس جوكو ويدودو، ووجه كلمة للأمة من العاصمة «جاكرتا». وتوالت بعدها زيارات شيخ الأزهر لدول ألمانيا في شهر مارس، والفاتيكان وفرنسا في مايو، والشيشان في أغسطس بما شابها من علامات استفهام. ونيجيريا واختتمها بزيارة البحرين وسويسرا، ووجه كلمات تاريخية بتلك الدول، فضلًا عن خطابه التاريخى للأوروبيين من البرلمان الألمانى «البوندستاج». خلال زياراته الخارجية أيضًا، التقى شيخ الأزهر رؤساء فرنساوالبحرين وإندونيسيا والشيشان ونيجيريا، ودائما ما كان يؤكد خلال جولاته أن العولمة لم تكن يوما حلًا لعلاقات التوتر والتربص المتبادلة بين الشرق والغرب، لافتًا إلى أنّه «لا مفر من التفكير في العالمية بدلًا من العولمة كحل لإنهاء الصراعات». شيخ الأزهر أكد كذلك أن الإرهاب لا يفرق بين متدين وملحد أو بين مسلم وغير مسلم، والمسلمون أكثر من يدفعون ثمن هذا الإرهاب من دمائهم وأشلائهم، معتبرًا أن المسلمين حاليا يعيشون بين مطرقة الإرهاب وسندان «الإسلاموفوبيا». قبل رحيل شهر يونيو من العام الماضي، أطلق الأزهر الشريف أولى قوافل السلام تحت رعاية مجلس حكماء المسلمين، إلى العاصمة الفرنسية (باريس)، حيث تهدف قوافل السلام إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك في هذه المجتمعات، من خلال توضيح تعاليم الإسلام الصحيحة السمحة كما عكس الدور الحقيقى وقيمة الأزهر وشيخة. وأرسل مجلس حكماء المسلمين قوافل سلام إلى ألمانيا وإسبانيا ونيجيريا وبورما، والتقت العديد من الشباب وبعض قادة تلك الدول، للتصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا، والتي انتشرت بعد ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية في الدول الغربية. وفى خطوة أوسع نحو العالمية، أطلق «الطيب»، يونيو 2015، مرصد الأزهر للغات الأجنبية ليكون أحد أهم الدعائم الحديثة للمشيخة، حيث يعمل المرصد بثمان لغات أجنبية حية: (الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، الأوردية، الفارسية، اللغات الأفريقية، الصينية)، يقوم من خلالها بقراءة وتتبع ما يتم نشره عن الإسلام والمسلمين مع التركيز على ما ينشره المتطرفون من أفكار ومفاهيم مغلوطة. أما لقاءات شيخ الأزهر مع الضيوف، فكان هدفها الوصول إلى كل بقاع الأرض، عبر استقبال السفراء والوفود بمكتبه، ويحرص دوما على الدفاع عن صحيح الدين خلال لقائه بالوفود، والتأكيد على أن العمليات الإرهابية بعيدة تماما عن صحيح الدين. دار الإفتاء المصرية كذلك تسير بخطى ثابتة نحو تصحيح صورة الإسلام في الخارج، ضمن قوى مصر الناعمة، من خلال التأكيد دوما على أن جميع المصريين يعيشون في سلام، ويجمعهم المحبة والتآلف. ويسعى الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية للقيام بجولات خارجية متعددة، لبيان صحيح الدين والتصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا، بصحبة مستشاره الدكتور إبراهيم نجم، حيث زار المفتى هولاندا وفرنسا وأمريكا، والتقى عددًا من كبار المسئولين في تلك الدول.. وساهمت الجولات الخارجية للدكتور شوقى علام والدكتور إبراهيم نجم، في اعتماد البرلمان الأوروبي دار الإفتاء المصرية كمرجعية للفتوى، للمرة الأولى في التاريخ وهو ماعكس نجاح الدكتور علام الذي تشهد دار الإفتاء في عصره تطورًا لافتًا.. وبعد انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في الخارج، قررت دار الإفتاء إنشاء مرصدين للإسلاموفوبيا والفتاوى المتطرفة، وتتبع حاليًا ما يثار عن الإسلام خارجيًا، فضلًا عن متابعة الفتاوى المتطرفة والرد عليها أولا بأول. ورغم هذه الجهود المشكورة، إلا أن كثيرين ينتقدون المؤسسة الدينية ويرونها عاجزة عن الاضطلاع بدورها في الداخل، وهو ما يتطلب.بذل مجهود أكبر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الداخل، لا سيما العمل على تجديد الخطاب الدينى وفق آليات منضبطة تحقق المراد، بدل من رفع شعار: "ليس في الإبداع أفضل مما كان" لأنه لا يتناسب مع القيمة التاريخية الدينية للمؤسسة الدينية الأبرز في العالم الأسلامى. ولشيخها صاحب امقام الرفيع