منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة ظل الإخوان فى السجن!

«فيتو» تنفرد بنشر يوميات جمال البنا والإخوان فى معتقل الهايكستب
هو كاتب مثير للجدل، عاش حياته بالطول والعرض، كانت له - ولا تزال وهو يلامس عامه الثانى والتسعين - صولات هنا وجولات هناك، معارك وأزمات، اقتحم حقول الألغام بآرائه الجريئة، وأفكاره المتجددة، لم يعرف يوما الحد الفاصل بين المسموح والممنوع، ورغم أنه يحيا في مجتمع لا يزال يعتبر قضاياه الدينية والفقهية «تابوهات» محرمة، والاقتراب منها بالنقد والتحليل رجسا من عمل الشيطان، إلا أنه لم يخش لومة لائم، لأنه باختصار : جمال البنا. نشأ جمال البنا، الذي ولد عام 1920، في بيت أزهري، وهو الشقيق الأصغر لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا، ورغم هذا كان يعلن خلافه مع الجماعة ورفضه لأفكارها, حتى وهو داخل السجن مع قياداتها، وفى حياة شقيقه مرشدها الأول. دون البنا يوميات حياته في معتقل الهايكستب الذي دخله عام 1948، مع مجموعة من قيادات الجماعة الذين يوصفون ب «الرعيل الأول»، كتب عن علاقته بهم، عن مبادئهم ومواقفهم وطريقة تفكيرهم، ليكشف مفاجآت ربما تقود إلى المقولة الشهيرة «ما أشبه الليلة بالبارحة»، وترفع «ورقة التوت» عن «زمن الإخوان» الذي نرفل فيه الآن! فى هذه اليوميات التي تنفرد «فيتو» بنشرها على حلقات، باعتبارها وثيقة تاريخية مهمة، يروي جمال البنا لحظة بلحظة، حكايات ومواقف مثيرة، فتابعونا حلقة بعد حلقة.
الخميس 32/21/84
يوم خامل، قام فيه الجميع، وهم صائمون، فى الحادية عشرة، ولم ينهضوا من سررهم إلا لصلاة الظهر، وقد احترت من الصباح فى عمل الشاى، وحاولت أن أوقد النار بجذع أو غصن عبثاً، إلى أن أرسل الله إليّ الشيخ حسن الأحمر -(71)- سكرتير المخزن فوضعه على الموقد الكهربائى، وقد شربته جالساً على السرير، اقرأ فى كتاب «حياة محمد» ونحن الآن عصراً، والإخوان يقرأون المأثورات، وهم يقرأونها ثلاث مرات فى اليوم.
(هذا الجزء من الصفحة قرضته الفئران، ولم يتبق منه إلا كلمات متفرقة، يصعب وضعها فى سياق، وإن كان يفهم منها تحفظ جمال البنا على اضاعة الإخوان لكل هذا الوقت فى طقس المأثورات، ويفهم من الكلمات المتفرقة مثل «التى سمحت بها لنا السلطات» و«زيارات لطاهر» وجود زيارة لأهالى المعتقلين، وهذا ما تؤكده الصفحة الثانية والتى لم تنج أيضاً من قرض الفئران فى أول سطورها، ومن منتصفها حتى آخر سطورها، فما تبقى من الصفحة الثانية هو).
«وغيرهم وكان سرورهم عظيما برؤية الأهل «............» تخطى الأسلاك الشائكة وإزالة غبار المعتقل «...........» الرثة، وحملت إلينا اعتذارا شفهيا من العائلة «........» عدم الحضور، ولقد ألقيت بهذه المناسبة نظرة على الورقة التى كتبها الأستاذ صالح عشماوى، ليطلب من أهله حاجياته، وفيها أسماء الكتب فرأيت أنه يطلب هذه الكتب «الرسالة الحميدية»، «الحصون الحميدية» فقه الأذكار «أول وثاني» و«فقه السنة» و«المصحف».. وهكذا كانت ثقافة الأستاذ صالح عشماوى محرر الجريدة، ووكيل الإخوان ورئيس مجلس إدارة شركة الإخوان.
ولقد انتشرت بعد هذه الزيارة الشائعات المبشرة بقرب «..........» فمن قائل إن البوليس يفحص سجلات الإخوان «..........» يبقى فى المعتقل إلا المهمين فعلاً، وأن ذلك لن (كلمات متفرقة مثل «ومن قائل» «السلطات» «ذاكر لرؤيا رآها» وهى كلمات يستشف منها تأثر الإخوان بهذه الشائعات واعتقادهم بقرب انفراج الموقف والافراج عنهم، ثم ينتقل جمال البنا فى الصفحة الثالثة والرابعة إلى رصد وقائع أخرى فيقول: السهرة أمس كانت فى النادي، وقد أعدت «حكومة الطلبة» أى قسم الطلبة برنامجاً مسلياً، يتكون من نقد محكم للأستاذ أحمد السكرى (81) ومصطفى مؤمن، ومن نشرة إخبارية هزلية، ومن تقليد للأستاذ «عبدالرحمن» الساعاتى، عند أداء التمارين الرياضية، وكلمة عن تقسيم مناصب الحكومة والوزارة على الإخوان، إذا قدر لهم النهوض، وتعيين مهن هزلية لهم إذا فشلوا، وقد ذكروا أن مصطفى مؤمن لا يصلح إلا شحاذاً، وأن صالح عشماوى بائع جرائد «على أن يتلحلح»، وحلمى نور الدين بائع ليمون، وعن عبدالرحمن «البنا» رئيس فرقة أراجوز، وعن طاهر الخشاب عرضحالجي... الخ..... ثم مثل فصل من رواية «أبطال المنصورة على مسرح ساذج بنى على براميل وألواح سترت بالبطاطين لم يكن بالبرنامج -كمحاولة بدائية خشنة - بأس، وقد هرع الجميع لمشاهدتها «على عكس ما يحدث فى المحاضرات» وإن كان الاستاذ عبدالرحمن قد تألم باطنياً ونفسياً.
الأستاذ عابدين مولع بإبداء ملاحظات طويلة عريضة بعد الصلاة ، وهى تبدأ كما لو كانت ملاحظة عارضة، ولكنها تستمر إلى نصف ساعة أو ساعة، وقد تيقظت أمس صباحاً على صوته العريض وهو يندد بالإخوان لتكاسلهم عن أداء الصلاة وحفظ القرآن، وقراءة المأثورات ويحضهم على ذلك بالآيات والأحاديث.
الواقع أن الإخوان مشايخ، وقد اتضح ذلك تماماً فى هذه الأيام، ولكن ما يحير الإنسان ويثيره أشد الثورة أن يزعموا بعد ذلك أن الإسلام كل شيء، وهم أنفسهم -كنماذج إسلامية- لا تحسن إلا قراءة المأثورات، ومطالعة أمثال كتب الأستاذ صالح «عشماوي».
الأحد 52/21/84
زارنا اليوم قومندان المعتقل وتفقد العنابر، وسار معه الأستاذ عابدين.. ولما عاد أخبرنى بأن فضيلة الأستاذ «المرشد» قد تظلم من اعتقالى أنا والأستاذ عبدالرحمن، وبعد الظهر أرسل إليّ طردا به ملابس حزنت لوصولها أكثر مما سررت بها، لأنها كانت بمثابة حكم بالبقاء بالمعتقل مدة طويلة، وزاد من هذا الشعور أن جاءت الأنباء بأن معتقلاً جديداً يعد لإخوان الأقاليم.. وأنه من المنظور أن يرسل بهم إلى هنا فى ظرف أسبوع تقريباً.
أفكر فى أن أضرب عن الطعام كى أحمل البوليس على الاهتمام بطلبى -(91)- ولكنى أفضل أن أؤجل ذلك حتى الأربعاء المقبل ريثما أرى عبدالباسط -(02)- كما أتوقع.
تضايقت اليوم، وزهدت نفسى فى الطعام وكسلت عن أداء أى فرض، ولا تزال الهوسة الدينية قائمة عند هؤلاء الناس، الذين لا يعرفون الهدوء أو الانفراد أو الصمت، وأنا أفكر فى المسألة الدينية بعمق وألم، وقد فكرت فى إبداع مذهب دينى تكون الفكرة الأساسية فيه الأخذ بروح التشريع وطبيعة النبى لا أفعاله أو أقواله، ولو كنت متأكداً من بقائى هنا لسنة، لكان ذلك خير ما استهل به قراءتي.
أفكر فى الجماعة -(12)- ومصيرها.. وماذا عسى أن ينفعنى التفكير، وأنا هنا وراء الأسلاك الشائكة، وقد تقوض عالمى القديم.
(فى صفحة مكتوبة على الوجه الآخر للورقة المكتوب عليها يومية الخميس 03/21 كتب جمال البنا)
الجميع مقتنع هنا بهذه الحجة الفارغة، العقاب الإلهي، وأنا وحدى الذى أتضايق منها تضايق الذكى من الغباء، المصدق به من الجماهير والمؤمن به عندهم، فلماذا لا يعاقب الله غيرهم؟. وماذا فعلوا؟، أليسوا هم القائلون: إن الدين.. دين ودنيا؟.
كنت أريد أن تغلى دماؤهم، أن يعرفوا أن ذلك إنما هو نتيجة تقصير منهم، يجب ألا يقعوا فيه، وأريد بدلاً من هذا القنوت، والدعاء، وانتظار النجدة الإلهية، عملا حاسما من ثمار عقولهم وغرس أيديهم، بدون انتظار النجدات الإلهية.
لا شيء ينم عن نفسية الإخوان كهذا، فهم رجال دين، ولم يكونوا قط رجال دنيا، وهو ما يؤيد فكرتى عن أن طبيعة الدين تختلف عن طبيعة الدنيا، وأنه لا يمكن الجمع بينهما -حتى ولا الإسلام- وإن كان كل من الدين والدنيا لازم قدرى للحياة.
كل اختياراتى تؤيد تفضيلى للعمل والإنجاز، وتحذرنى من «الهدنة المشئومة» أو الانتظار، انتظار إبراهيم باشا عند (كوتاهة) انتظار الجيش المصرى عند تل أبيب، انتظار هانيبال بعد «كان»، انتظار الإخوان قبيل، وبعيد الحل، فالجانب المفضل هو فى الحقيقة جانب العمل، حتى وإن كان طيشاً.
«كتب جمال البنا الخمس كلمات الأخيرة فى أعلى صفحة يومية الخميس، وهو ما يعنى أن ما أثبتناه هو جزء من يومية سابقة على يوم الخميس وتاليه ليوم الأحد 52/21).
الخميس 03/21/84
فى الفترة ما بين الظهر والعصر من يوم الثلاثاء الماضى انتشرت الشائعات فى المعتقل،بأن النقراشى باشا قد اغتيل بيد ضابط.. وبقدر يئس الإخوان، تجمع الإخوان جماعات، جماعات، وكان مصدر الخبر بعض نفر من البوليس والعمال الذين يعملون فى التصليحات بالمعتقل، وظللنا بين مصدقين ومكذبين حتى تواترت الروايات وتضاءل الشك وثقلت كفة اليقين، عندئذ كنت ترى الإخوان يتعانقون فى الحوش والحجرات، ويكبرون ويديرون الآيات على ألسنتهم «فلم تقتلوهم، ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي» -(22)- «ولو تواعدتم لاختلفتم فى الميعاد» -(32)- إلى آخر هذه الآيات والأحاديث والإشارات بالمعجزات الإلهية، وصار كل واحد يرى أن ذلك إنما تم تصديقاً لرؤيا رآها، أو دعاء دعا به، بينما أمر وكيل المخزن بشراء شيكولاتة على حسابه الخاص (وقد وزعت أمس، وكانت لذيذة) ولعلى كنت الوحيد الذى لا يشارك هذا الجمهور المتحفز المتحمس عاطفته.
السبت 1/1/94
قضينا أمس تلك السهرة العاطفية فى حمى دينية، تملكت الحاج عبدالله الصولى، وعبده قاسم -(42)- والحاج حلمى المنياوى -(52)- والاستاذ عبدالرحمن، فبدأوا بالمأثورات، ثم ورد الاستغفار، ثم كلمة «حسبى الله ونعم الوكيل» 413 مرة، وكلمة «أزفت الأزفة ليس لها من دون الله كاشفة»، وأخيراً «يامنتقم ياجبار، ياشديد البطش ياقهار» وقدمت هذه الابتهالات احتساباً إلى الله فى سبيل معاقبة عبدالرحمن عمار -(62)- وفريد -(72)- وغيره وغيره.. وهكذا نمت آخر ليلة فى سنة 8491م، وأصوات الابتهالات تتردد فى عنبرنا.
علمنا أمس أن مجلس البوليس الأعلى قد عاقب عبدالباسط بتنزيله درجة إلى كونستابل ممتاز، مما آلم هذا على النفس!، أننى لأرثى لعبدالباسط فى معتقلى لأنه، وإن كان عديم الاكتراث، إلا أن ظروفه المادية قاسية، وهو الآن بعد خدمة أكثر من عشرة سنين كالميت، فى هذا البلد الذى لا يقدر إلا الشهادات.
يخطر لى أكثر من مرة أن أكتب إلى إدارة المعتقل طالباً الإفراج ثم يثنينى عن ذلك عدة اعتبارات -(82)- فأنا لا أريد أن أبرز فى أوساط المحافظة بشيء ما، وأنا كذلك أريد أن أفكر أكثر وأكثر فى الموقف.
أما بالنسبة للإخوان، فإنه ليبدو فى تحسن، وفى فكرى أشياء كثيرة كنت أود لو أكتب بها للاستاذ، ولكنى لا أجد ورقاً أكتب عليه نقدى -(92)- وقد قرأت اليوم «أخبار اليوم» وفيها عدة كلمات عن مقتل النقراشى باشا، تليت بين هدوء الإخوان وسخريتهم، والواقع أن هناك هوة كبيرة بين الإخوان وبين الرأى العام والمثقف الممثل فى البرلمان والسياسة والصحافة، وما لم يتبادل الفهم فإن الأمور ستسوء وستتطور لأن أحداً من الحكومة أو الإخوان لن يسلم.
هوامش
71- الشيخ حسن الأحمر: من إخوان الإسماعيلية، ومسئول شعبة «عين غصين».
81- أحمد السكري: هو رفيق رحلة حسن البنا سواء فى الجمعيات الطفولية التى كوناها فى المحمودية، أو فى الطريقة الحصافية، أو فى جماعة الإخوان التى كان يشغل منصب وكيلها العام حتى 6491، وهو العام الذى اقيل فيه من الجماعة.
91- تقدم الأستاذ جمال بعد اعتقاله بيوم واحد أى فى 01 ديسمبر 8491م بطلب إلى قومندان معتقل هايكستب، ليرفعه إلى الجهات المختصة «لاطلاق سراحه»، وبعد أربعة أيام أى فى 41 ديسمبر تقدم بالطلب الثانى (راجع الملاحق).
02- عبدالباسط البنا: شقيق حسن وجمال البنا، كان ضابطاً بالبوليس، ورافق شقيقه حسن البنا حتى قبيل أيام من حادث اغتياله، استقال من خدمة البوليس وعمل بالسعودية وتوفى بها، له رواية تمثيلية بعنوان «الطاغية» وديوان «الحق المبين من أناشيد الإخوان المسلمين» وكتاب «مني.. إلي.. شهيد الإسلام» وله مطبوعة بعنوان «راية الحق» للأسف لم أعثر منها سوى على عدد واحد، فقد كان من ضمن مواده الحلقة الأولى من مذكراته عن فترة الاعتقال.. وقد أخبرنى الاستاذ جمال بأنه لم يصدر من هذه المطبوعة سوى هذا العدد.
12- المقصود بها جماعة العمل الوطنى الاجتماعى التى أسسها جمال البنا عام 7491م.
22- سورة «الأنفال» - الآية 71
32- سورة «الأنفال» - الآية 24 - وقد كتب جمال البنا نص الآية هكذا «ولو تواعدتم فى الميعاد لاختلفتم» وهذا خطأ والصواب ما أثبتناه فى المتن.
42- عبده قاسم: عضو مكتب الإرشاد، وكان فى السكرتارية العامة بالمركز العام.. ويتولى الإشراف على القسم المالى والحسابات، وشئون مطبعة الإخوان.
52- الحاج حلمى المنياوي: عضو الهيئة التأسيسية.. وصاحب دار الكتاب العربى التى أصدرت رسائل الإمام الشهيد ومذكراته، وكتب عبدالقادر عودة والشيخ محمد الغزالى وغيرها من الكتب الإخوانية فى بداية الخمسينيات.
62- عبدالرحمن عمار: هو وكيل وزارة الداخلية الذى كتب مذكرة يطالب فيها الحاكم العسكرى «النقراشي» بحل جماعة الإخوان عام 8491م وهى المذكرة التى رد عليها حسن البنا برسالته المشهورة بعنوان «قضيتنا».
72- فريد: غير معلوم لنا، وبالرجوع إلى الاستاذ جمال لم يستطع تذكر الاسم.
82- هل هذا سهو من الاستاذ جمال لأنه تقدم بطلبين سابقين «راجع الهامش رقم 91» أم أنه كان يفكر فى كتابة طلب ثالث.
92-فى الظرف الذى كان يحتفظ فيه الأستاذ جمال بأوراق المعتقل، عثرت على عدة أوراق متفرقة سجل فيها بعض الأفكار التى كان ينوى كتابتها فى خطابه أو تقريره الذى لم يرسله إلى الأستاذ المرشد، الورقة الأولى كتب فيها مانصه «فكرت أمس، بمناسبة الأحداث السياسية الأخيرة، أن أكتب إلى فضيلة المرشد خطاباً يشتمل على جزئين الأول حقائق يوضحها الاستاذ «المرشد» للساسة ، ليعرفهم خطأ قرار الحل، والثانى حقائق لأنفسنا الغرض منها ايضاح خطأ الجمع بين الدين والسياسة، وينتهى بتكوين الإخوان المسلمين فى مرحلة جديدة على أسس ثلاث:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.