«صحة البحر الأحمر» تنهي استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى    سعر الخضار والفواكه اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 فى المنوفية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 4-6-2025 في مصر بعد ارتفاعه الكبير (آخر تحديث)    الرئيس السيسى يتوجه إلى الإمارات للقاء الشيخ محمد بن زايد: ملفات أولوية وأمن المنطقة    احتجاز زوجة وأبناء منفذ الهجوم على مسيرة لمؤيدى إسرائيل فى كولورادو    ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50%    إسرائيل: مراكز توزيع المساعدات في غزة ستغلق اليوم والطرق المؤدية إليها تعتبر مناطق قتال    عالمي يا أهلي.. المارد الأحمر يطير إلى أمريكا للمشاركة في مونديال الأندية    امتحانات الثانوية العامة.. فتح اللجان مبكرا وتفتيش الطلاب    طقس الأربعاء مائل للحرارة بوجه عام نهارا والعظمى في القاهرة 33    لبيك اللهم لبيك.. تصعيد الحجاج لعرفات بأوتوبيسات مكيفة وسط أجواء روحانية    اليوم.. طقس حار نهارا على القاهرة الكبرى والوجه البحري والعظمى 33 درجة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 4-6-2025 في محافظة قنا    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    دوري الأمم الأوروبية، قمة نارية اليوم بين ألمانيا والبرتغال في نصف النهائي    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    زلزال يضرب جزيرة «سيرام» في إندونيسيا بقوة الآن    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    اليوم.. السيسي يتوجه إلى أبو ظبي للقاء رئيس دولة الإمارات    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    حبس مقاول و4 آخرين بتهمة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    مراجعة المخططات النهائية لأعمال تطوير محاور العاشر من رمضان    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات مثيرة من «دفتر أحوال» الجماعة

صهر حسن البنا كان لديه سكرتير خاص مهمته الوحيدة تغطيته قبل النوم !
عابدين : حل الجماعة كان سترا للإخوان.. وتورطنا فى الشركات أساء لنا بعد أن وطأنا مبادئنا بالنعال
هايكستب.. السبت 11/21/8491
استيقظت اليوم صباحاً على نداءات الصلاة، التى أعفيت نفسى منها على كره من الزملاء واستنكارهم ثم أغفيت غفوة قصيرة، أيقظنى منها حوار عن الاستبراء والاستنجاء ما بين حلمى نور الدين..(1). وغيره، وكان السيد حلمى يرى فى الوقوف والتبول أمراً إداً اذ يخشى من أن يرى الواقف! وتلى ذلك كلام طويل من الأستاذ عبدالرحمن -(2) - عن وسوسته فى ذلك، وكيف يطيل المكث ويلجأ إلى النشاف ! فرد عليه حلمى بأن النشاف لا يصح الاستنجاء به وتلى ولا يجوز الاستنجاء بماله قيمة!.
وأصمت أذانى عن هذا الحوار الممل، ونمت فلما قمت كانت الثامنة تقريباً فاغتسلت، ولبست، وأخذت أتجول فى الفناء الرملى للمعتقل، وقد شربت الشاى ممزوجاً باللبن وأخذت أحفظ فى سورة الأنفال، وأنا أتجول فى الفناء، أسير آونه، وأجلس أخري، أو أنبطح على الأرض الرملية المغطاة ببطانية، كما أكتب هذه الكلمات.
السماء جميلة، والشمس أجمل، وها نحن فى حربنا الداخلية على هذه الرمال، كما لو كانت على بلاج، ولكنى مع ذلك أطيل التفكير،ومصيبتى بهذا الاعتقال أهون من غيري.
بعد الظهر
استضاف المعتقل اليوم اثنين من الإخوان هما توفيق على محصل الإخوان وماهر خميس المحامى -(3)- بأخبار مؤسفة، فالاعتقالات ماضية فى طريقها، والحالة هادئة فى المدينة وقد انتهت الحالة «ج» وأعلنت الحالة «ب» وشر ذلك كله..ما قيل من أن الحكومة قررت تخصيص المركز العام لإقامة قسم بوليس الدرب الأحمر!.
وقد علا الصوت، وساء الفكر كثيراً من الإخوان إثر هذه الأخبار، رفضت أن أدور حول أسلاك المعتقل فى ساعة الغروب الجميل، أفكر فى الموقف الحالي، وكيف قلب أفكارنا رأساً على عقب، وما يحمله ذلك من تغيير فى موقفنا الخاص والعام، وصليت المغرب مع الإخوان من باب المواساة لهم فى هذا الموقف وعدم زيادة متاعبهم وكان لذلك رنة سرور بينهم، لم أعلق عليها بالطبع، بل لعلى رثيت لهم.. فى المساء ألقى مصطفى مؤمن -(4)- درساً عن الصهيونية ولم يكن به بأس.
الأحد (هكذا فى الأصل المخطوط، ويفترض أن هذا الأحد يوافق 21/21/84م لأن هذه اليومية مكتوبة على نفس الورقة والصفحة المكتوبة عليها يومية السبت 11/21/8491)
كنت أقول فى نفسي، قبل اعتقالي، وعندما نستبطئ النصر ويطول بنا الانتظار: إن الحالة العادية إذا قيست بالحالة السيئة، فإنها تكون حسنة، فما أصدق ذلك علينا الآن.
يذكرنى ذلك أمس مساءً فى الليل البهيم، وأنا آخذ أنفاساً أخيرة منعشة قبل أن آوى إلى النوم، وأدخن سيجارة تتوهج فى الظلام، وأنظر إلى الأفق البعيد تسيطر عليه السماوات الزرقاء الصافية، بينما سطعت ثلاثة مصابيح كهربائية متباعدة.. كيف يستطيع الإنسان أن يصدق أن صحيفة الإخوان تطوى بهذه السهولة، أن من المؤكد أنها لن تطوى نهائياً، ولن تقوى على امحائها فكرة التصفية الجهنمية، فإن شهرتها ستكسب لها أحوالاً جديدة، ومهما يكن فلن يبدأوا من حيث بدأوا أول مرة، ولن يحتاجوا إلى عشرين عاماً للوصول إلى ما وصلوا إليه، ومع ذلك فإن القضاء المؤقت بهذه السرعة وبهذه الإحاطة، وبدون إثارة، يدق الفؤاد، ويبهت النفس، ومما يكاد أن لا يصدق.
ولعل من المفارقات بعد ذلك أن تروى هذه القصة: فى الساعة الواحدة مساءً استيقظ سعد الدين الوليلى -(5)- على صيحات زميله النائم على السرير المجاور له طاهر الخشاب -(6)- وكان يصيح به أن يضرب على ظهره ليفر ما على ظهره من فئران أو عرسة، فقام سعد الدين فى الظلام يضرب باليمين والشمال على ظهر زميله، الذى لم يستطع النوم، فقام يصلى من الساعة الواحدة حتى الرابعة!. وعند الصباح قص علينا قصة ذلك الفأر الذى أخذ يتأرجح على البالطو فوق رأسه حتى أحس به فوق ظهره فى الظلام!.
ظهرت اليوم على لوحة الإعلانات قائمة بالاختصاصات وقد وضع (#). هذا ما عثرنا عليه من يومية الأحد 21/21/8491 (هذا جزء من صفحة مرقمة ب «7» ومكتوبة على نفس نوع الورق المكتوب عليه يومية السبت 11/21 والمرقمة ب «2» و«3» مما يعنى أن المفقود هى صفحات رقم «4» و«5» و«6» والتى تحتوى على يوميات ما بعد السبت.. جاء فى هذا الجزء).
«وليس هذا وحده ما يضحكنا، فإن الأستاذ طاهر يخاف من الفئران خوفاً شديداً، ومع ذلك فإن الفئران لا يروق لها إلا مداعبته، ولا تروح وتغدو إلا فوق سريره.
وقد تحادثنا أنا والأستاذ طاهر طويلاً، وكنا أمس وحدنا المفطرين الوحيدين فى المعسكر، وهم هنا يصومون الاثنين والخميس، وتحدثنا طويلاً عن هذه المحنة التى انزلت به من الحزن والهموم أضعاف ما انزلت بغيره فهو مصاب، وقد تعود ترفاً خاصاً ثم له مكتبه الكبير المعطل الآن، وقد نظر إليّ مرة وقال:أدفع ألف جنيه لو استطعت أن تهبنى نفسك، وتأخذ نفسي، وهمومى وفى مرة أخرى عقب حديث طويل عن هذه النازلة أراد أن يروح عن نفسه، ويخفف من وطأتها فبدرت منه مطلع الأغنية المشهورة «لو كنت اسامح.. إنسى الاسية».
بعد الغروب
أخذت اتتبع الألوان البارعة الجميلة فى السماء من زرقاء صافية إلى حمراء مشتعلة متوهجة إلى بنفسجى رائع، حتى أذنت صلاة المغرب، فتوضأت، ودخلت مع الجماعة، وكان الإمام الأستاذ عابدين، وهو مشهور بالإطالة، وقد أطال فعلاً فى القراءة والركوع والسجود، وكان صوته مختنقاً كأنما يبكى أو يهم ببكاء، وكان لذلك أثره فى النفس، على أنه لم يمنع من أن أخرج من الصلاة وأنا أحس بالآم شديدة فى الركبتين من شدة وطأة السجود!.
وأكثر ما يلمس النفس فى الصلاة فى المعسكر القنوت الذى يتلوه الإمام بعد الركعة الأخيرة، وهو يبدأ بمثل هذا «اللهم ياقاصم الجبارين، وغياث المستضعفين، الخ».. فيرد الجميع: يارب.. ويتلو الإمام، «انصر دعوتنا.. ووفق مرشدنا.. وخذ الظالمين.. الخ. فيقول الجميع: آمين، ويستطرد الإمام «اللهم أنك أقوى منهم، وأعظم ...الخ، فيقول الجميع: حقاً».
(هذا ما عثرنا عليه من هذه اليومية التى من سياقها نستطيع تأكيد أنها إما يومية الثلاثاء «41/21» أو يومية الجمعة «71/21»).
الثلاثاء 12/21/8491
ماهو الفرق بين الخطأ والصواب أنه ليس أكثر من التساهل فى ناحية والضغط فى ناحية: ولا يفرق بين الخطأ والصواب إلا اصرار قصير، فياليتنا نتذكر ذلك حتى نتقى الخطأ والفشل، ونعذر إلى أنفسنا والناس.
قضينا أمس مساء فى حجرتنا سهرة رائعة فقد تآمر بعض الزملاء على العبث بالأستاذ عابدين -(7)- الذى كان له سكرتير خاص مهمته الوحيدة تغطيته قبل النوم تغطيه منظمة وكانت المؤامرة أن يربط بحزام من الجلد بعد أن يغطي، وقد كشفت المؤامرة وتبودل العتاب، ثم اطفئت المصباح، وجذب كل واحد بطاطينه الثلاث على وجهه استعداداً للنوم، سأل الحاج عبدالله الصولى -(8)- الأستاذ عابدين عن الحالة الحاضرة فدار نقاش طويل ممتع، أطار النوم عن عيوننا، واشترك فيه الأستاذ عابدين وطاهر الخشاب وعبدالرحمن الساعاتى -(9)- وسعد الوليلى وعبدالله الصولى وأنا وصالح عشماوى -(01)- سأوجز هذا النقاش فى الكلمات التالية:
عابدين: يرى الناس أن الإخوان قد انكشفوا بحلهم، لأنهم توقعوا أن لا أحد يستطيع حلهم، وأنهم إذا حلوا قامت القيامة من وجهة من يجرؤ على ذلك، وقد يكون ذلك حقاً. ولكنه من وجهة نظر أخرى قد سترهم، فالسودان الآن تباع بيعاً، واندونيسيا يغدر بها. وفلسطين تضيع يوماً فيوم ، وكان الناس يتوقعون من الإخوان انقاذ هذه الأوضاع كلها، والإخوان فى الحقيقة كانوا أعجز من أن يفعلوا شيئاً، فحلهم فى الواقع كان ستراً لهم فى هذه الآونة الدقيقة وتخليصاً لذمتهم أمام التاريخ، ومن ناحية أخرى فإن تورط الإخوان فى الشركات قد أساء إلى الإخوان عدة إساءات فأذهب الاخلاص من الإخوان، ونفى الصفة التجريدية، وأوجد مظاهر كنا فى غنى عنها، والتزمنا من جراء ذلك كله بالتزامات ليست فحسب منافية للدعوة بل أيضا قد شغلت وقتها وقلوب أعضائها، واضطرتنا إلى أن نتخلى عن كثير من مبادئنا، بل وأن نطأها بالنعال.
طاهر الخشاب: أعوذ بالله من مغالاتكم.
عابدين: أى مغالاة، لقد اضطررت أن تكتب مقالة طويلة عريضة فى الجريدة تشيد فيها بجروبى كما لو كان هو الفتح الإسلامى المنتظر، وكتبت مقالة عن شركة «شل» وهى أصل الاستعمار، ووكر الجاسوسية الإنجليزية، وعميدة الشركات الرأسمالية ترفعها إلى السماء، ولجأت إلى الاقتراض بالربا، فلو كانت المبادئ توضع تحت النعال لكنت قد وضعت مبادئك تحت ستين ألف نعلاً!.
صالح عشماوي: ولا تنسى أن تصفية هذه الشركات قد رفع عن كاهلنا -من الناحية المادية- مسئولية كثيرا ما أقلقتنا.
عابدين: لا شك فى ذلك، وقد اجتمعنا مراراً وتكراراً لايقاف الجريدة وكانت الأصوات فى إحدى الجلسات 11 ضد 2 ومع ذلك فلم نستطع، فجاء النقراشى -(11)- فأوقفها بجرة قلم، وأراحنا منه، فأنا شديد الرضا والاطمئنان إلى ما حدث، ولو كان الأمر العسكرى مهتدياً بفعل السماء، لما جاوز ما افترضته فى مذكرتى التى قدمتها إلى الهيئة التأسيسية.
جمال البنا: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا ترفع خطاب شكر إلى النقراشي، وترفع القنوت فى الصلاة.
عابدين: لا جرم أنه يستأهل، لولا أن الأعمال بالنيات.
وانتقل المجلس بعد ذلك إلى مناقشة الوضع فى المستقبل بعد أن انتهى إلى أن الوضع الحالى خير كثير.
فقال عبدالله الصولي: أنا أرى أن نؤسس الإخوان تأسيساً جديداً بعد انتهاء الأحكام العرفية فنظهر الناحية السياسية منها علانية، ويطلق عليها حزب الإخوان المسلمين ، أو أننا ننضم إلى الحزب الوطنى (21)
جمال البنا: إذا كان هناك انضمام فالأجدر أن ينضم إلينا الحزب الوطنى ،لا أننا ننضم إلى الحزب الوطني.
سعد الوليلي: هؤلاء أناس لا يوثق بهم، ولقد سبق للأستاذ المرشد أن جس نبضهم فى حديثه مع زكى باشا (31) الذى كان يريد به أن يوكل اشراف الناحية السياسية فى الجريدة إليهم فرفضوا.
الخشاب: ليس هذا صحيحاً، فالواقع أن الأستاذ «المرشد» أراد أن «يلزق» لهم الجريدة، وجميعهم من ذوى الناب الأزرق.
الوليلي: على كل حال ليس فى الحزب الوطنى الآن سوى فتحى رضوان (41) وهو من لا يطمئن إليه [أمّن الجميع على ذلك وأجمعوا على أن فتحى رضوان متلاعب].
عابدين: الصورة التى تبدو لى عن الإخوان الجديدة بعيدة كل البعد عن النواحى السياسية والحزبية.
الوليلي: عندما حج الأستاذ المرشد حجته الأخيرة، ولمس حاجة البلاد الإسلامية إلى الرجال، فكر فى فض الناحية السياسية والاقتصار على التبليغ الإسلامى والدعوة إلى الله.
عشماوي: أوافق على ذلك، الدعوة إلى الله يجب أن تكون الفرض الأول للجماعة، وستجدون فى البلاد الإسلامية متسعاً، ويلزم لذلك أمران: الأول أن يحرم أى اشتراك للأعضاء فى شركات أو أعمال مالية، والثاني: أن يفصل فصلاً تاماً بين الناحية العملية والناحية المبدأية، ويكون تدخلنا فى الناحية العملية بارسال أعضاء ممن يوثق بهم إلى الاحزاب الأخرى حتى يؤثروا فيها ويتجهوا بها الوجهة الإسلامية حتى تبين نواح الدعوة.
الخشاب: خيال فى خيال
الصولي: كيف يكون خيالاً.؟
عابدين: المقصود بذلك أنه ليس لديك الرجال الذين يملأون المراكز فى الاحزاب ،والتى ترحب بهم الأحزاب حتى يؤثروا فيها، فلو وضعت الاستاذ طاهر «الخشاب» مثلاً -وهو خير من عندك- لما جاء فى الحزب السعدى (51) إلا ما يقل عن مائة.
الخشاب: اسكت يامغفل..
عابدين: إنك لن تجاوز ذلك، لا لأنك أقل كفاءة، ولكن لأن لهم نظماً خاصة، ثم أن الاقتراح كله غير عملي، فإذا أخذت بأسباب الدين فإنك لن تتقدم فى الاحزاب.
جمال البنا: أنا أرى الفصل الكامل، والاقتصار على الناحية الروحية، فإن هناك طريقتين للاصلاح: الأولى اصلاح الوضع ، حتى يمكن اصلاح النفوس وهذه هى طريقة الماديين والحيويين (61)، والثانية: اصلاح النفس وهذه تؤدى إلى اصلاح الأوضاع، وهى طريقة الدين، ولابد من انتهاج واحدة فحسب، أما الاشتراك فخطأ، ومن ناحية أخرى فإن الإخوان المسلمين ستكون عالمية حقاً، ومن حق هذه العالمية عليها أن تتجرد لها، وتكرس لها كل جهودها ولا تفرق بين البلاد أو أن تعنى بصفة خاصة ببلد، حتى وإن كان بلدها، وقد قلنا ذلك من قبل فكدتم ترموننا بالزندقة، أما العناية بمصر وشئونها فدعوها للذين لا يؤمنون بغير مصر.
هوامش
1- حلمى نور الدين: عضو مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وكان يشرف على أقسام «المناطق والسجل وشئون الأسر» فى المركز العام للجماعة.
2- هو عبدالرحمن البنا، شقيق حسن وجمال البنا، أسس «جمعية الحضارة الإسلامية» التى اندمجت فى جماعة الإخوان فى اوائل الثلاثينيات، وتحولت إلى «فرع القاهرة» للجماعة التى كان مقرها الرئيسى فى الإسماعيلية، وفى الاربعينيات تولى رئاسة جماعة البر والخدمة الاجتماعية فى جماعة الإخوان، إلى جانب عضويته فى مكتب الإرشاد وإشرافه على قسم «التمثيل» فى جماعة الإخوان، ونحن نتمنى أن يسارع الأستاذ جمال بنشر أوراق شقيقه عبدالرحمن وهى -كما قال لي- مهمة جدا,ً وكاشفة لبعض المناطق الغامضة أو المجهولة فى تاريخ الإخوان.
3- ماهر خميس: هو ابن دكتور محمد خميس حميدة عضو مكتب الإرشاد
4- مصطفى مؤمن: أحد قادة طلاب الإخوان فى الجامعة المصرية, خلال فترة الأربعينيات، ومن أبرز أدواره سفره على نفقة الإخوان إلى Bمريكا, عام 7491م لمساندة الوفد الرسمى فى عرضه للقضية المصرية, أمام هيئة الأمم المتحدة، وقد سجل تفاصيل هذه الرحلة فى كتاب ضخم بعنوان «صوت مصر» (دار الكتاب العربي- طبعة أولى 1591م).
5- سعد الدين الوليلي: عضو الهيئة التأسيسية وسكرتير مكتب الإرشاد وكان يتولى بالإنابة الأشراف على قسم «الجوالة».
6- طاهر الخشاب: عضو الهيئة التأسيسية.
7- هو عبدالحكيم عابدين: زوج السيدة «فاطمة» شقيقة حسن البنا، وعضو مكتب الإرشاد وكان يترأس قسم السكرتارية العامة بالمركز العام للجماعة.
8- الحاج عبدالله الصولي: من إخوان الإسماعيلية وعضو الهيئة التأسيسية بالجماعة وشقيق زوجة حسن البنا.
9- الساعاتي: هى صنعة الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا واشتهر بالساعاتى هو وابنه عبدالرحمن.
01- صالح عشماوي: عضو مكتب الإرشاد وتولى رئاسة تحرير مجلات «النذير» و«الإخوان المسلمون» و«الدعوة».
11- هو محمود فهمى النقراشي: رئيس وزراء مصر عام 8491م اغتيل يوم 82 ديسمبر 84 على يد عبدالمجيد أحمد حسن بعد اصداره للأمر العسكرى رقم 36 لسنة 8491م بحل جماعة الإخوان.
21- الحزب الوطني: هو الحزب الذى أسسه فتحى رضوان فى منتصف الأربعينيات.
31- هو محمد زكى على باشا وزير دولة فى وزارة إبراهيم عبدالهادى 9491م.
41- فتحى رضوان: زميل أحمد حسين فى كلية الحقوق، وشاركه فى حزب «مصر الفتاة» حتى استقال منه عام 0491م ليفكر فى إعادة بناء الحزب الوطني، اعتقل فى نفس السنة «كإجراء وقائي» بعد قيام الحرب العالمية الثانية، وعام 5491م فى قضية اغتيال أحمد ماهر رئيس الوزراء، وعام 2591م فى أحداث حريق القاهرة، وبعد الثورة اختير كوزير فى حكومة محمد نجيب الأولي، وبقى فى منصبه الوزارى حتى خرج منه عام 8591م.
51- الحزب السعدي: أسسه النقراشى وأحمد ماهر بعد انشقاقهما عن حزب الوفد فى مستهل 8391م.
61- ربما يقصد ب «الحيويين»: الدنيويون الذى ينادون بفصل الدين عن الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.