سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى الحلقة الثانية من يومياته.. جمال البنا يحكى تفاصيل حكومة ظل الإخوان فى السجن.. ويتهم الجماعة ب "الهوسة الدينية".. كبروا بعد سماعهم نبأ مقتل النقراشى ووزعوا شيكولاتة
المفكر الدكتور جمال البنا سهرة لتقسيم مناصب الحكومة إذا قدر للجماعة "النهوض" .. ومهن هزلية حال الفشل مصطفى مؤمن "شحاذ" .. عشماوى "بائع جرائد" .. حلمى نور الدين "بائع ليمون" .. عبدالرحمن البنا "أراجوز".. والخشاب "عرضحالجي" عابدين صاح بصوت عريض منددًا بالإخوان لتكاسلهم عن أداء الصلاة وحفظ القرآن الإخوان يزعمون أن الإسلام شامل، وهم أنفسهم لا يحسنون إلا قراءة المأثورات الإخوان مصابون ب "الهوسة الدينية" وأنا أفكر فى إبداع مذهب دينى، يأخذ بروح التشريع وطبيعة النبى لا أفعاله أو أقواله هناك هوة كبيرة بين الإخوان والرأى العام.. والمثقف الممثل فى البرلمان والسياسة والصحافة
يواصل المفكر الإسلامي جمال البنا بنشر يومياته التي أختص بها " فيتو" ويتناول في الحلقة الثانية حكاية حكومة ظل الإخوان التي شكلوها في السجن، والسهرة الخاصة بين قيادات الجماعة لتقسيم مناصب الحكومة إذا قدر للجماعة "النهوض"، وزغم الإخوان أن الإسلام شامل، وهم أنفسهم لا يحسنون إلا قراءة المأثورات، متهما إياهم بأنهم مصابون ب "الهوسة الدينية" وانهم كبروا بعد سماعهم نبأ مقتل النقراشى وتلوا آية "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم " ووزعوا شيكولاتة.
الخميس 23-12-48 يوم خامل، قام فيه الجميع، وهم صائمون، فى الحادية عشرة، ولم ينهضوا من سررهم إلا لصلاة الظهر، وقد احترت من الصباح فى عمل الشاى، وحاولت أن أوقد النار بجذع أو غصن عبثًا، إلى أن أرسل الله إلىّ الشيخ حسن الأحمر[1] سكرتير المخزن فوضعه على الموقد الكهربائى، وقد شربته جالسًا على السرير، أقرأ فى كتاب «حياة محمد» ونحن الآن عصرًا، والإخوان يقرأون المأثورات، وهم يقرأونها ثلاث مرات فى اليوم. (هذا الجزء من الصفحة قرضته الفئران، ولم يتبق منه إلا كلمات متفرقة، يصعب وضعها فى سياق، وإن كان يفهم منها تحفظ جمال البنا على إضاعة الإخوان لكل هذا الوقت فى طقس المأثورات، ويفهم من الكلمات المتفرقة مثل «التى سمحت بها لنا السلطات» و«زيارات لطاهر» وجود زيارة لأهالى المعتقلين، وهذا ما تؤكده الصفحة الثانية والتى لم تنج أيضًا من قرض الفئران فى أول سطورها، ومن منتصفها حتى آخر سطورها، فما تبقى من الصفحة الثانية هو...) «وغيرهم وكان سرورهم عظيما برؤية الأهل «............» تخطى الأسلاك الشائكة وإزالة غبار المعتقل «...........» الرثة، وحملت إلينا اعتذارًا شفهيًا من العائلة «........» عدم الحضور، ولقد ألقيت بهذه المناسبة نظرة على الورقة التى كتبها الأستاذ صالح عشماوى، ليطلب من أهله حاجياته، وفيها أسماء الكتب فرأيت أنه يطلب هذه الكتب «الرسالة الحميدية»، «الحصون الحميدية» فقه الأذكار «أول وثاني» و«فقه السنة» و«المصحف».. وهكذا كانت ثقافة الأستاذ صالح عشماوى محرر الجريدة، ووكيل الإخوان ورئيس مجلس إدارة شركة الإخوان. ****** ولقد انتشرت بعد هذه الزيارة الشائعات المبشرة بقرب «..........» فمن قائل إن البوليس يفحص سجلات الإخوان «..........» يبقى فى المعتقل إلا المهمون فعلاً، وأن ذلك لن (كلمات متفرقة مثل «ومن قائل» «السلطات» «ذاكر لرؤيا رآها» وهى كلمات يستشف منها تأثر الإخوان بهذه الشائعات واعتقادهم بقرب انفراج الموقف والإفراج عنهم، ثم ينتقل جمال البنا فى الصفحة الثالثة والرابعة إلى رصد وقائع أخرى فيقول: السهرة أمس كانت فى النادى، وقد أعدت «حكومة الطلبة» أى قسم الطلبة برنامجًا مسليًا، يتكون من نقد محكم للأستاذ أحمد السكرى[2] ومصطفى مؤمن، ومن نشرة إخبارية هزلية، ومن تقليد للأستاذ «عبدالرحمن» الساعاتى، عند أداء التمارين الرياضية، وكلمة عن تقسيم مناصب الحكومة والوزارة على الإخوان، إذا قدر لهم النهوض، وتعيين مهن هزلية لهم إذا فشلوا، وقد ذكروا أن مصطفى مؤمن لا يصلح إلا شحاذًا، وإن صالح عشماوى بائع جرائد «على أن يتلحلح»، وحلمى نور الدين بائع ليمون، وعن عبدالرحمن «البنا» رئيس فرقة أراجوز، وعن طاهر الخشاب عرضحالجي... إلخ..... ثم مثل فصل من رواية «أبطال المنصورة على مسرح ساذج بنى على براميل وألواح سترت بالبطاطين لم يكن بالبرنامج -كمحاولة بدائية خشنة - بأس، وقد هرع الجميع لمشاهدتها «على عكس ما يحدث فى المحاضرات» وإن كان الأستاذ عبدالرحمن قد تألم باطنيًا ونفسيًا. الأستاذ عابدين مولع بإبداء ملاحظات طويلة عريضة بعد الصلاة، وهى تبدأ كما لو كانت ملاحظة عارضة، ولكنها تستمر إلى نصف ساعة أو ساعة، وقد تيقظت أمس صباحًا على صوته العريض، وهو يندد بالإخوان لتكاسلهم عن أداء الصلاة وحفظ القرآن، وقراءة المأثورات ويحضهم على ذلك بالآيات والأحاديث. الواقع أن الإخوان مشايخ، وقد اتضح ذلك تمامًا فى هذه الأيام، ولكن ما يحير الإنسان ويثيره أشد الثورة أن يزعموا بعد ذلك أن الإسلام كل شىء، وهم أنفسهم -كنماذج إسلامية- لا تحسن إلا قراءة المأثورات، ومطالعة أمثال كتب الأستاذ صالح «عشماوى». الأحد 25-12-48 زارنا اليوم قومندان المعتقل وتفقد العنابر، وسار معه الأستاذ عابدين.. ولما عاد أخبرنى بأن فضيلة الأستاذ «المرشد» قد تظلم من اعتقالى أنا والأستاذ عبدالرحمن، وبعد الظهر أرسل إلىّ طردًا به ملابس حزنت لوصولها أكثر مما سررت بها، لأنها كانت بمثابة حكم بالبقاء بالمعتقل مدة طويلة، وزاد من هذا الشعور أن جاءت الأنباء بأن معتقلًا جديدًا يعد لإخوان الإقاليم.. وإنه من المنظور أن يرسل بهم إلى هنا فى ظرف أسبوع تقريبًا. أفكر فى أن أضرب عن الطعام كى أحمل البوليس على الاهتمام بطلبى[3] ولكنى أفضل أن أؤجل ذلك حتى الأربعاء المقبل ريثما أرى عبد الباسط[4] كما أتوقع. تضايقت اليوم، وزهدت نفسى فى الطعام وكسلت عن أداء أى فرض، ولاتزال الهوسة الدينية قائمة عند هؤلاء الناس، الذين لا يعرفون الهدوء أو الانفراد أو الصمت، وأنا أفكر فى المسألة الدينية بعمق وألم، وقد فكرت فى إبداع مذهب دينى تكون الفكرة الأساسية فيه الأخذ بروح التشريع وطبيعة النبى لا أفعاله أو أقواله، ولو كنت متأكدًا من بقائى هنا لسنة، لكان ذلك خير ما استهل به قراءتى. أفكر فى الجماعة [5] ومصيرها.. وماذا عسى أن ينفعنى التفكير، وأنا هنا وراء الأسلاك الشائكة، وقد تقوض عالمى القديم. ****** (فى صفحة مكتوبة على الوجه الآخر للورقة المكتوب عليها يومية الخميس 30-12 كتب جمال البنا) الجميع مقتنع هنا بهذه الحجة الفارغة، العقاب الإلهى، وأنا وحدى الذى أتضايق منها تضايق الذكى من الغباء، المصدق به من الجماهير والمؤمن به عندهم، فلماذا لا يعاقب الله غيرهم؟. وماذا فعلوا؟، أليسوا هم القائلين: إن الدين.. دين ودنيا؟. كنت أريد أن تغلى دماؤهم، أن يعرفوا أن ذلك إنما هو نتيجة تقصير منهم، يجب ألا يقعوا فيه، وأريد بدلاً من هذا القنوت، والدعاء، وانتظار النجدة الإلهية، عملًا حاسمًا من ثمار عقولهم وغرس أيديهم، دون انتظار النجدات الإلهية. لا شىء ينم عن نفسية الإخوان كهذا، فهم رجال دين، ولم يكونوا قط رجال دنيا، وهو ما يؤيد فكرتى عن أن طبيعة الدين تختلف عن طبيعة الدنيا، وإنه لا يمكن الجمع بينهما -حتى ولا الإسلام- وإن كان كل من الدين والدنيا لازم قدرى للحياة. ******** كل اختياراتى تؤيد تفضيلى للعمل والإنجاز، وتحذرنى من «الهدنة المشئومة» أو الانتظار، انتظار إبراهيم باشا عند (كوتاهة) انتظار الجيش المصرى عند تل أبيب، انتظار هانيبال بعد «كان»، انتظار الإخوان قبيل، وبعيد الحل، فالجانب المفضل هو فى الحقيقة جانب العمل، حتى وإن كان طيشًا. «كتب جمال البنا الخمس كلمات الأخيرة فى أعلى صفحة يومية الخميس، وهو ما يعنى أن ما أثبتناه هو جزء من يومية سابقة على يوم الخميس وتالية ليوم الأحد 25/ 12).
الخميس 30-12-48 فى الفترة ما بين الظهر والعصر من يوم الثلاثاء الماضى انتشرت الشائعات فى المعتقل، بأن النقراشى باشا قد اغتيل بيد ضابط.. وبقدر يئس الإخوان، تجمع الإخوان جماعات، جماعات، وكان مصدر الخبر بعض نفر من البوليس والعمال الذين يعملون فى التصليحات بالمعتقل، وظللنا بين مصدقين ومكذبين حتى تواترت الروايات وتضاءل الشك وثقلت كفة اليقين، عندئذ كنت ترى الإخوان يتعانقون فى الحوش والحجرات، ويكبرون ويديرون الآيات على ألسنتهم «فلم تقتلوهم، ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»[6] «ولو تواعدتم لاختلفتم فى الميعاد»[7] إلى آخر هذه الآيات والأحاديث والإشارات بالمعجزات الإلهية، وصار كل واحد يرى أن ذلك إنما تم تصديقًا لرؤيا رآها، أو دعاء دعا به، بينما أمر وكيل المخزن بشراء شيكولاتة على حسابه الخاص (وقد وزعت أمس، وكانت لذيذة) ولعلى كنت الوحيد الذى لا يشارك هذا الجمهور المتحفز المتحمس عاطفته.
السبت 1-1-49 قضينا أمس تلك السهرة العاطفية فى حمى دينية، تملكت الحاج عبدالله الصولى، وعبده قاسم[8] والحاج حلمى المنياوى[9] والأستاذ عبدالرحمن، فبدأوا بالمأثورات، ثم ورد الاستغفار، ثم كلمة «حسبى الله ونعم الوكيل» 314 مرة، وكلمة «أزفت الأزفة ليس لها من دون الله كاشفة»، وأخيرًا «يامنتقم ياجبار، ياشديد البطش ياقهار» وقدمت هذه الابتهالات احتسابًا إلى الله فى سبيل معاقبة عبد الرحمن عمار[10] وفريد[11] وغيره وغيره.. وهكذا نمت آخر ليلة فى سنة 1948م، وأصوات الابتهالات تتردد فى عنبرنا. علمنا أمس أن مجلس البوليس الأعلى قد عاقب عبدالباسط بتنزيله درجة إلى كونستابل ممتاز، مما آلم هذا على النفس!، إننى لأرثى لعبدالباسط فى معتقلى لأنه، وإن كان عديم الاكتراث، إلا أن ظروفه المادية قاسية، وهو الآن بعد خدمة أكثر من عشر سنين كالميت، فى هذا البلد الذى لا يقدر إلا الشهادات. يخطر لى أكثر من مرة أن أكتب إلى إدارة المعتقل طالبًا الإفراج ثم يثنينى عن ذلك عدة اعتبارات[12] فأنا لا أريد أن أبرز فى أوساط المحافظة بشىء ما، وأنا كذلك أريد أن أفكر أكثر وأكثر فى الموقف. أما بالنسبة للإخوان، فإنه ليبدو فى تحسن، وفى فكرى أشياء كثيرة كنت أود لو أكتب بها للأستاذ، ولكنى لا أجد ورقًا أكتب عليه نقدى[13] وقد قرأت اليوم «أخبار اليوم» وفيها عدة كلمات عن مقتل النقراشى باشا، تليت بين هدوء الإخوان وسخريتهم، والواقع أن هناك هوة كبيرة بين الإخوان والرأى العام والمثقف الممثل فى البرلمان والسياسة والصحافة، وما لم يتبادل الفهم فإن الأمور ستسوء وستتطور لأن أحدًا من الحكومة أو الإخوان لن يسلم. [1] الشيخ حسن الأحمر: من إخوان الإسماعيلية، ومسئول شعبة «عين غصين». [2] أحمد السكرى: هو رفيق رحلة حسن البنا سواء فى الجمعيات الطفولية التى كوناها فى المحمودية، أو فى الطريقة الحصافية، أو فى جماعة الإخوان التى كان يشغل منصب وكيلها العام حتى 1946، وهو العام الذى أقيل فيه من الجماعة. [3] تقدم الأستاذ جمال بعد اعتقاله بيوم واحد أى فى 10 ديسمبر 1948م بطلب إلى قومندان معتقل هايكستب، ليرفعه إلى الجهات المختصة «لإطلاق سراحه»، وبعد أربعة أيام أى فى 14 ديسمبر تقدم بالطلب الثانى (راجع الملاحق). [4] عبد الباسط البنا: شقيق حسن وجمال البنا، كان ضابطًا بالبوليس، ورافق شقيقه حسن البنا حتى قبيل أيام من حادث اغتياله، استقال من خدمة البوليس وعمل بالسعودية وتوفى بها، له رواية تمثيلية بعنوان «الطاغية» وديوان «الحق المبين من أناشيد الإخوان المسلمين» وكتاب «منى.. إلى.. شهيد الإسلام» وله مطبوعة بعنوان «راية الحق» للأسف لم أعثر منها سوى على عدد واحد، فقد كان من ضمن مواده الحلقة الأولى من مذكراته عن فترة الاعتقال.. وقد أخبرنى الأستاذ جمال بأنه لم يصدر من هذه المطبوعة سوى هذا العدد. [5] المقصود بها جماعة العمل الوطنى الاجتماعى التى أسسها جمال البنا عام 1947م. [6] سورة «الأنفال» - الآية 17 [7] سورة «الأنفال» - الآية 42 - وقد كتب جمال البنا نص الآية هكذا «ولو تواعدتم فى الميعاد لاختلفتم» وهذا خطأ والصواب ما أثبتناه فى المتن. [8] عبده قاسم: عضو مكتب الإرشاد، وكان فى السكرتارية العامة بالمركز العام.. ويتولى الإشراف على القسم المالى والحسابات، وشئون مطبعة الإخوان. [9] الحاج حلمى المنياوى: عضو الهيئة التأسيسية.. وصاحب دار الكتاب العربى التى أصدرت رسائل الإمام الشهيد ومذكراته، وكتب عبدالقادر عودة والشيخ محمد الغزالى وغيرهما من الكتب الإخوانية فى بداية الخمسينيات.
[10] عبد الرحمن عمار: هو وكيل وزارة الداخلية الذى كتب مذكرة يطالب فيها الحاكم العسكرى «النقراشي» بحل جماعة الإخوان عام 1948م وهى المذكرة التى رد عليها حسن البنا برسالته المشهورة بعنوان «قضيتنا».
[11] فريد: غير معلوم لنا، وبالرجوع إلى الأستاذ جمال لم يستطع تذكر الاسم. [12] هل هذا سهو من الأستاذ جمال لأنه تقدم بطلبين سابقين «راجع الهامش رقم 19» أم أنه كان يفكر فى كتابة طلب ثالث. [13] فى الظرف الذى كان يحتفظ فيه الأستاذ جمال بأوراق المعتقل، عثرت على عدة أوراق متفرقة سجل فيها بعض الأفكار التى كان ينوى كتابتها فى خطابه أو تقريره الذى لم يرسله إلى الأستاذ المرشد، الورقة الأولى كتب فيها ما نصه «فكرت أمس، بمناسبة الأحداث السياسية الأخيرة، أن أكتب إلى فضيلة المرشد خطابًا أو تقريرًا بآرائى، وهى فى الواقع تعود إلى ما قبل الحل، وكان التقرير يشتمل على جزأين الأول حقائق يوضحها الأستاذ «المرشد» للساسة، ليعرفهم خطأ قرار الحل، والثانى حقائق لأنفسنا، الغرض منها إيضاح خطأ الجمع بين الدين والسياسة، وينتهى بتكوين الإخوان المسلمين فى مرحلة جديدة على أسس ثلاثة: أ- الإخوان المسلمون العالمية، ومهمتها بث روح الإسلام فى العالم ونشر الحضارة الإسلامية، وتعريف الإسلام للأمم الأوربية والأمريكية، وتقويمه فى البلاد العربية. ب- الإخوان المسلمون المصرية، وهذه مهمتها أقسام البر والخدمة الاجتماعية إلى جانب الغرض السابق. ج-الإخوان المسلمون السياسية، وهذه تكتسب نفوذها من انضمام أعضائها فى الأحزاب الأخرى، وتشجيع الجماعات الصغيرة. وجاء فى ورقة ثانية ما نصه «الناحية الأخرى التى أريد أن أشير إليها أن أمام الإخوان مهمة عظمى هى التبشير العالمى بالإسلام فى البلاد الأوربية والأمريكية،وإصلاح الإسلام فى البلاد العربية والإسلامية، والإخوان بالنسبة إليها يمثلون تقدمًا دينيًا ومدنيًا، ويحتلون منزلة كبيرة، ومن الواضح أن العمل بالطريقة الأولى قد أصبح مستحيلًا لا من الناحية القانونية، ولكن لأن هذا الحادث قد زلزل الرأى العام، فوجب العمل بطريقة جديدة باهرة، فضلاً عن أنه خلصنا من كثير من الأخطاء، وفى نظرى أن هذه الطريقة يجب أن تعتمد على ثلاثة خطوط «كلمة غير مقروءة» كبرى: (أ)- الإخوان المسلمون العالمية: هيئة للدعوة الإسلامية فى العالم أجمع وكذلك الحضارة الإسلامية وآداب الإسلام ومثله العليا. (ب) عند هذه النقطة انتهت الورقة.. وجاء فى ورقة ثالثة ما نصه «حقائق للساسة»: إن الإخوان لم تؤسس بمرسوم حتى يمكن أن تحل بمرسوم، وإنها تمثل جهاد عشرين عامًا من الدأب فى ناحية من أعمق نواحى العقيدة المصرية، فمهما عملت الحكومة فسيظل الآلاف المؤلفة من الشباب يؤمن بعقيدة الإخوان الدينية، ويرى أن الدين دين ودولة، وأن القرآن يجب أن يكون دستورًا، وأن من يقتل فى سبيل ذلك فهو شهيد، وأن الجهاد فى سبيله يفضل على أى شىء، ولا تزيده الشدة إلا قوة وصلابة فى هذا الشعب المؤمن منذ أعرق العصور، وبالنسبة إلى الشباب فى ريعان شبابهم ومثالياتهم: أن معظم الحوادث التى حدثت كانت فى فترات الأحكام العسكرية والتقييدات الحكومية، وإن سياسة الصد والتجاهل والترفع تجيء دائماً على الحكومة، وتجعل عليها ذنبًا، وتعطى الشعب الحق فى فعل ما يراه بطريقته الخاصة، : أن من غير المعقول بعد هذه الحقائق أن تستسلم هيئة كبرى كالإخوان تعتمد على قوة عظمى بل أعظم القوى -وهى الدين- أن تستسلم لمثل الإجراءات المتهورة التى اتبعتها الحكومة، وكل ما سينتج من ذلك أن كل عضو مسئول سيعمل دون استئذان القيادة وعلى مسئوليته الخاصة، وبدلاً من أن يكون هناك مسئول واحد أو عدة مسئولين فسيكون أمام الحكومة الألوف، كل واحد منهم يرى أن حياته نفسها قليلة وضئيلة فى سبيل الثأر، وإعلاء كلمة الدين والحق، حقائق لنا: 1- إنه لا يكفى إيمان الإخوان بصحة دعوتهم، لأن نتيجة هذا الإيمان وتوجيهه إنما بقوى خارجية فلابد أن يعمل حسابها بدقة، ولو أن الإخوان يحاربون فى سبيل العقيدة فحسب «أى أن يتركوا لعبادتهم»، أو أنهم يحاربون الأجنبى السافر، ولكنهم فى الحقيقة يحاربون فى سبيل نظام اجتماعى واقتصادى وسياسى جديد فلابد من دراسة العوامل والقوى فى هذه الميادين الثلاثة، السياسية، الاقتصاد، الاجتماع، «كلمة غير مقروءة» الإخوان فى هذه الناحية لا يطاق وأعجب من ذلك «كلمة غير مقروءة» بذلك، ومنطقهم أنه بحسبهم أن يؤمنوا ومادام حبلهم موصولاً بالله وهو أعظم القوى، فإنهم لن يخذلوا، وهذا منطق غير صحيح، فإن الدنيا أهون على الله من أن «كلمة غير مقروءة» بها كلها ولقد كا نت لها قيمة».. انتهت الورقة الثالثة.