د. خالد سمير: نحتاج مركزًا متخصصًا في كل محافظتين على الأقل الطفل "محمد السيد" حديث الولادة، اكتشف والداه إصابته بعيب خلقى في القلب، فهرعا به إلى الطبيب الذي أكد أن نسبة الأكسجين التي تصل إلى القلب غير كافية، ويحتاج إلى إجراء جراحة عاجلة لتركيب وصلة شريانية في مستشفى أبو الريش الجامعى، وبعد الانتهاء من قرار تحمل التأمين الصحى نفقات العملية، ظل الطفل على قائمة الانتظار عدة شهور على الرغم من حالته الخطرة، ومع تأخر الوقت وعدم وجود مستلزمات الوصلات الشريانية بالمستشفي، ذهب والداه به إلى أكاديمية القلب بجامعة عين شمس ونظرًا لطول قائمة الانتظار في القسم المجانى اضطرا لإجراء الجراحة بالقسم الاقتصادى ودفعا 20 ألف جنيه في المستشفى ومازال الطفل محجوزًا به حيث لم تتأكد بعد نسب نجاح العملية. مأساة الصغير محمد، ليست الوحيدة، بل تنضم إلى قوائم طويلة من الحالات المشابهة حسبما قال الدكتور خالد سمير، أستاذ أمراض القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، مؤكدًا أن أمراض القلب لدى الأطفال متعددة منها عيوب القلب الخلقية والتطورية والمكتسبة. وأوضح "سمير" أن عيوب القلب الخلقية تصل نسبتها إلى 1% من المواليد الأحياء في مصر، حيث يولد 2.6 مليون طفل سنويًا أي يوجد أكثر من 26 ألف طفل يولدون بعيوب خلقية في القلب وترجع بنسبة كبيرة إلى زواج الأقارب. وأكد الدكتور خالد سمير وجود نحو 70 ألف طفل مصابين بأمراض القلب سنويًا، كما يوجد ثلاثة أرباع مليون طفل حاليًا لديهم مشكلات في القلب، موضحًا أن الخدمات الصحية المقدمة محدودة، كما أن عدد المراكز المتخصصة في القلب محدودة وغير موزعة توزيعًا عادلا على جميع أنحاء الجمهورية. ونوه "سمير" إلى أنه يوجد 3 مراكز متخصصة منها مستشفى أطفال مصر ومستشفى أبو الريش الجامعى وأكاديمية القلب بجامعة عين شمس تقدم 80% من الخدمة الصحية للأطفال يليها مركز جراحة قلب الأطفال بمحافظة أسيوط ثم المنصورة بمحافظة الدقهلية ثم مركز القلب بأسوان إلا أنه لم يساعد في تطوير جراحات القلب للأطفال أو يتحمل جزءًا من العبء على المراكز الحكومية وكشف "سمير" عن كارثة أخرى وهى ندرة الأطباء في جراحة قلب الأطفال، كما أنه لا يوجد تدريب للأجيال الجديدة من الأطباء، مشيرًا إلى أن عدد جراحى قلب الأطفال 20 أستاذًا متخصصًا ومن يعمل منهم في التأمين الصحى لا يحصل على أجور عادلة بل 700 جنيه في العملية الجراحية ويجرى 6 حالات شهريًا. وأكد "سمير" وجود مشكلة في الرعايات المركزة ما بعد جراحة القلب للأطفال، كما أن معظم المستشفيات تفتقر إلى طبيب رعاية مركزة قلب وكذلك تمريض متخصص في جراحة قلب الأطفال، مشيرا إلى وجود حاجة إلى مركز متخصص في جراحات قلب الأطفال لكل 5 ملايين نسمة في كل محافظتين على الأقل. وأوضح «سمير» أن أطباء قلب الأطفال يعملون في أسوأ الظروف وأغلب المراكز الموجودة في المحافظات لا تجرى الجراحات المعقدة مشيرًا إلى أن معظم حديثى الولادة يولدون بقلب وحيد البطين أو ضمور في الناحية اليسرى من القلب يمتد للشريان الأورطى أو ضمور شديد في مخرج البطين الأيمن نتيجة نقص شديد في الدم الواصل للجسم والرئة، كما شدد على خطورة إجراء عمليات القلب للأطفال حديثى الولادة لأن أجهزة الجسم تكون غير مكتملة النمو وتحتاج إلى تخدير على أعلى مستوى وفريق طبى مدرب، مشيرًا إلى أن ارتفاع نسب الوفيات في تلك النوعية من العمليات تصل إلى 40%، كما كشف عن أن المستشفيات تضطر إلى استخدام مستلزمات طبية وأدوات في جراحات قلب حديثى الولادة الخاصة بالكبار لضعف الإمكانيات ما يشكل خطورة عليهم، وفى حالة وفاة المريض تقع المسئولية على الطبيب. وكشف "سمير" عن كارثة نقص الأدوية خاصة في جراحات قلب حديثى الولادة، منها: عقار أساسى اسمه "ميلرينون" وهو منشط للقلب وسعره العبوة الواحدة يصل إلى 500 جنيه قبل ارتفاع سعر الدولار، كما رفضت وزارة الصحة تسجيل العقار في مصر ويعمل الأطباء بأدوية انتهى العالم من استخدامها ومثال عقار آخر "البروستاجلاندين" للأطفال حديثى الولادة في حالات نقص الدم الواصل للرئة وانخفاض نسبة الأكسجين وتكلفة الأمبول 500 جنيه يستخدمه الطفل في الحضانة لمدة أسبوع والأمبول يكفى يومين فقط. وضرب "سمير" مثالا على طفل من طنطا ولد ببطين أيمن ثنائى المخرج وكان يحتاج إلى عملية عاجلة لتغيير الشريان الرئوى كما يحتاج إلى الدخول للحضانة فور ولادته وتشخيص عاجل والعرض على جراح قلب أطفال، ولكن لم يفعل الأهل ذلك بسبب ظروفهم المالية السيئة. وأشار "سمير" إلى أن نسبة الوفيات في الأطفال المصابين بأمراض قلب أقل من 5 سنوات تصل إلى أقل من 17 في الألف وقد تصل إلى 20 في الألف في مصر والدول العربية.