كانت استطلاعات الرأى التي قامت بها بعض الوسائط الإعلامية الأمريكية تبشر بفوز هيلارى كلينتون في انتخابات الرئاسة التي جرت في 8 نوفمبر الماضى.. لكن حدثت المفاجأة التي أذهلت وأدهشت الجميع، وهى فوز ترامب بمنصب رئيس أمريكا.. اعتقد أنه من السابق لأوانه أن نحدد ماهية وطبيعة السياسة الخارجية الجديدة لأمريكا، خاصة تجاه منطقتنا بعد فوز الرجل.. صحيح أنه كانت له تصريحات حملت فكره وتوجهاته أثناء الحملة الانتخابية، لكن من المؤكد أنه سوف تكون هناك فروق بينها وبين ما سوف يتم اعتماده في الشهور القليلة القادمة،.. لن يكون ترامب مطلق اليد في أن يفعل ما يريد إلا فيما حدده له الدستور والقوانين الأمريكية، فهناك الكونجرس الأمريكى بغرفتيه، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وهناك أيضا المحكمة الدستورية العليا، وهناك كذلك مستشاروه ومعاونوه.. هذا فضلا عما يحمله الاتحاد الأوروبي، وكذلك روسيا والصين من أفكار وتوجهات في ظل الظروف الجديدة.. أتصور أن فوز ترامب شكل صدمة للإخوان، على المستويين؛ تنظيم الإخوان في مصر والتنظيم الدولى.. فكلاهما لن يجدا نفس الدعم (المادى والسياسي والمعنوى والإعلامي)، الذي كانا يلقيانه في عهد أوباما خلال ال8 سنوات الفائتة... لقد حاولت الإدارة الأمريكية أن تستخدم الإخوان في تحقيق المشروع والحلم الأمريكى/ الصهيونى في تفتيت المنطقة، وتركيع الأمة، وسلب خيراتها ومواردها، والقضاء على خصوصيتها الثقافية، وطمس معالم تراثها الحضارى.. لكن دور الإخوان في هذا الحلم أطيح به في ثورة 30 يونيو، وعزلهم عن سدة الحكم، وهو ما جعل أمريكا تقف بكل ثقلها وراءهم.. من جانب آخر، حاول الإخوان أن يستخدموا أمريكا (وتابعيها) في استعادة السلطة التي فشلوا في إدارتها، وذلك من خلال زعزعة النظام المصرى -أمنيا وسياسيا واقتصاديا-. لا شك أن علاقة الإدارة الأمريكية بالإخوان على هذا النحو سوف يعاد النظر فيها في ظل رئاسة ترامب، في الشهور القادمة، لكن الذي يعول عليه حقا هو مدى ثبات النظام المصرى وصلابته وقوته وعافيته، ومدى قدرته على تسيير الحياة الطبيعية للشعب؛ من حيث المأكل، والصحة، والتعليم، والمواصلات، والإسكان..إلخ. اعتقد أن اللجان النوعية للإخوان - بصفة خاصة - سوف تغير من استراتيجيتها وتكتيكاتها(من حيث التهدئة وإيقاف أعمال العنف) تجاه النظام في مصر في المرحلة القادمة، حتى تنجلى أمامها التوجهات الجديدة لترامب.. وربما يحدث العكس، وهو أن تدفعها هذه التوجهات إلى أعمال أكثر عنفا وضراوة حتى ولو أدت إلى نهايتها جميعا.. من المؤكد أن ترامب سوف يحارب الإرهاب بشكل أكثر جدية.