علاقتى بالصديق «طارق عامر» محافظ البنك المركزى المصرى تعود إلى عدة سنوات.. لذا كان لا بد أن التقيه بعد معركته مع الدولار، وقراره الأخير بتعويم الجنيه المصرى لأقف بنفسى على السبب الرئيسى الذي دفعه لهذا القرار، وعن كيفية إدارته للمعركة التي انتصر فيها على أكثر العملات فتوة في العالم قلت له: دا انت مصيبة ياطارق بيه.. البلد كانت هتقع لولا حنكتك ومرونتك ودهاءك! قال: فعلا ياسطوطة هانم دى حقيقة.. الحرب كانت شرسة لإفلاس البلد قلت: ودا مين دا اللى عايز البلد تفلس يامولانا؟! قال: الإخوان الخبثاء.. هو فيه غير الإخوان ياسطوطة هانم؟! قلت: لكن إيه خطتك بقى! قال: شوفى ياستى وبكل بساطة.. كان زمان فيه رجلين.. واحد منهم خبيث.. والتانى طيب وعلنياته.. اتفق الرجلان أن تكون بينهما شراكة.. وأثناء سيرهما وجدا حقيبة ضخمة بها أموال كثيرة كلها دولارات.. فأخذاها وتوجها إلى مقر شركتهما وفى منتصف الطريق قال الرجل الطيب للرجل الخبيث: خذ انت نصف الدولارات، وأعطنى نصفها الآخر لنبدأ شراكتنا على ميه بيضا دون أن يجور أحدنا على الآخر لكن أخونا الخبيث كان ناوى على الشر.. فقال للطيب: أنا من واجبى أن أنصحك ياصديقى.. من الأفضل أن يأخذ كل منا مبلغا ينفقه في احتياجاته ويتاجر في العملة بطريقته ثم نقوم بدفن بقية الدولارات هنا تحت تلك الشجرة.. وعندما نقرر ماذا سنفعل من مشروعات معا نأتى لنأخذها. وافق الرجل الطيب على الاقتراح ودفنا الدولارات وراح كل إلى طريقه. بعد فترة من الزمن راح الخبيث منفردا، وأخذ الدولارات الكثيرة من تحت الشجرة وانصرف.. وأخذ يسيطر على سوق الدولارات. بعدها احتاج الطيب إلى دولارات فراح لشريكه وقال له هيا بنا نستخرج الحقيبة. فوافقه الخبيث وذهبا إلى الشجرة وأخذا يحفران ويحفران فلم يجدا الحقيبة.. فراح الخبيث يندب حظه وينتف دقنه ويدق على صدره ويقول: حقا لم يعد في هذا البلد أي أمان.. أنت رجعت إلى الشجرة من ورائى وأخذت الدولارات. فراح الطيب يقسم له بأغلظ الأيمان أنه ما فعل ذلك.. إلا أن الخبيث أمسك بتلابيبه وذهب به إلى القاضى ليقص عليه الأمر.. فسأله القاضى: هل هناك شهود على قولك هذا؟!.. فقال: تشهد علينا الشجرة.. فقال له القاضى: وهل أنا سأُنطق الشجرة أيها المخبول؟! فقال الخبيث: بلا.. فهى ستنطق بقول الحق بإذن الله.. فقط عليك أن تأخذ بالأسباب وتأتى معنا إليها! فقال لهم القاضى غدا نذهب ونرى كرامات شيخنا! وهنا ذهب الخبيث إلى جماعته وأعلمهم بالخبر، وقال لهم سنضع رجلا من أبناء جماعتنا داخل جزع الشجرة.. وما عليه إلا أن يجيب على أسئلة القاضى، وسيأتى صدى صوته رنانا مجلجلا بإذن الله.. بالفعل ذهب الشاب ليلا إلى الشجرة، واختبأ في جوفها.. حيث أتى القاضى للمكان، ووجه سؤاله للشجرة فسمع صوتا يخرج منها يقول إن الطيب هو الذي أخذ الدولارات وحده. وهنا أشتد عجب القاضى، وأخذ يطوف حول الشجرة فلم يجد شيئا.. لكنه فاجأ الجميع بإصدار قرار بحرق الشجرة التاريخية الضخمة. وصل هوج النيران إلى صاحبنا المختبئ داخلها.. فأخذ يصيح مستغيثا «إلحقونييييييييييى».. وخرج مسرعا قبل أن يموت حرقا وهنا عادت الدولارات للرجل الطيب.. وهذه هي كل الحكاية ياسطوطة هانم قلت: دا انت حكاية ياطارق باشا! قال: دا إحنا اللى دهنا الهوا دوكو ياست الكل!