نسخة من مصر المحروسة .. فيها العالم والعابد.. «أبو دقن» وأبو سكسوكة وأرباب «التاتو» .. الليبرالى والمتأسلم والمستسلم.. البيه والبواب.. الدكتور والجزار والشاعر والفاجر وابن السبيل.. وأحمد ومنى ومينا وسلسبيل.. زورونا تجدوا ما يسركم، لكنكم أبدا لن تجدوا الصادق ترددت كثيرا قبل أن أقرر اللقاء بالدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية.. فهذا الرجل بالذات لم تربطني به أي علاقة مسبقة.. إلا أنني أعرفه وأتابع أخباره باعتباره شخصية سياسية V I P وأعلم أنه يعرفني ويقرأ كتاباتي باعتباري من قيادات العمل الإبداعي في مصر والوطن العربي.. بالإضافة إلى أنني سمعته في أحد البرامج يشير إلى أحد أعمالي المترجمة إلى الإنجليزية ويشيد به.. باعتباره إبداعا مصريا خالصا وصل للعالمية.. المهم أنني قررت الاتصال به كي أعرف وجهة نظره فيما يدور من أحداث في مصر عقب الهجمة الشرسة التي تعرض لها الرجل مؤخرا في الصحف ووسائل الإعلام..طلبت الزميل أحمد المسلماني وأبلغته برغبتي في لقاء الدكتور البرادعي..فلم يتردد في إعطائي رقمه الخاص.. شكرت صديقي المسلماني.. وبعد شوية دردشة أنهينا المكالمة لأطلب الرقم الذى حصلت عليه فيجيئني صوت البرادعي من هناك.. قال: إيوه مين..مين معايا؟ قلت: أنا أنا معاك يا دكتور.. قال: مين انتى.. انتى مين؟ قلت؟ أنا أنا سطوطة الفنجري الفشارة المعروفة يا دكتور.. قال: أهلا أهلا سطوطة هانم.. إزيك إزيك ياهانم.. قلت: أنا كويسة.. كويسة يا دكتور.. قال: معلش يافندم هو حضرتك بتكرري الكلمة مرتين ليه ليه ؟! قلت: أنا بعمل زيك يا دكتور..جايز يكون ده بروتوكول ولا حاجة حاجة ! قال: لا ياستي..أنا بس بتهته شوية لما بتكلم عربي عربي !! قلت: آه سوري يا دكتور ماكانش قصدي.. أنا افتكرت أن دا بروتوكول ولا حاجة ! قال: ولا يهمك ياهانم..أأمريني ! قلت: أبدا.. كل الحكاية إني شايفة أن الإعلام شادد حيله عليك شوية اليومين دول.. فقلت أعرف من حضرتك الحكاية.. وحبيت أتآنس بسعادتك شوية.. ممكن أقابل حضرتك والا مشغول ؟! قال: أنا حتى لو مشغول مقدرش ارفض طلب لواحدة ست ! قلت: أحبيبي يا بردع.. أخيرا فيه حد اعترف بأني ست ! قال: وست الستات كمان.. عموما أنا هفضي لك نفسي ساعتين لو أنت جاهزة للقاء ! قلت: طبعا..حمامة.. ساعة زمن وأكون في مكتب حضرتك ! قال: أوكيه سطوطة هانم ! بسرعه هندمت نفسي وجددت الميكب وأبلغت زملائي في درب الفشارين أنني سأذهب للبرادعي.. الأمر الذي قابلوه بالاستغراب لأن البرادعي لا يوافق بسهولة على إجراء حوارات..وإذا وافق يكون الميعاد عن طريق مدير مكتبه.. المهم إني اتجهت لمكتب البرادعي ووجدت استقبالا حافلا..وقف البرادعي وخرج من خلف مكتبه ليسلم عليا.. وفوجئت به يميل ناحيتي قاصدا تقبيلي.. شعرت ساعتها أنني سفيرة الأممالمتحدة وتركت له خدي ليقبله.. ثم أجلسني أمامه وجلس مرحبا.. قلت له: يا خراشي على رقتك وحنيتك يا دكتور.. عليك بوسة ترد الروح ! ضاحكا قال: ربنا يك يك يكرمك ياسطوطة هانم ! قلت: أنت هترجع تتهته تاني.. تحب أكلمك إنجليزي علشان لسانك يتعدل ؟! قال: لا أبدا أنا برضو بالإنجليزى بتهته بس مابتبقاش واضحة زي العربي ! قلت: لكن إيه سر التهتهة دي يا دكتور.. أم أنك مولود كده ؟! قال: أقول لك وماتقوليش لحد ؟! قلت: سرك في بير يا دكتور.. قول أنا والله قلبي انفتح لك ! قال: دي آثار "خضة" كنت قد تعرضت لها عندما كنا نفتش على الأسلحة الكيماوية في العراق.. فصدام حسين الله يجازيه دخل علي فجأة وأخذ يوبخني لرئاستي لجنة التفتيش ويقول لي: كيف لمصري أن يفعل ما تفعل.. ثم هددني بالقتل.. ومنذ ذلك الوقت وأنا أجد صعوبة في الكلام.. هذا بالإضافة إلى صعوبة في التحكم في أشياء أخرى ! قلت: كفاية كده أنا فهمت.. لكن ما سر الهجوم الحاد عليك في الفترة الأخيرة ؟ قال: أنا لو ماحدش هاجمني تعرفي على طول إني مش باشتغل.. فأنا آرائي واحدة لا تتغير بتغير النظام الحاكم.. علشان كده مابعجبش حد ! قلت: لكنك عاجب أمريكا يا باشا ! قال: طبعا لازم أعجب أمريكا لأن ثقافتنا واحدة.. أمريكا ياسطوطة هانم تسبق مصر بما يعادل خمسين سنة ضوئية.. وكذلك أنا.. فالناس هنا في مصر محتاجة خمسين سنة ضوئية علشان تفهمني ! قلت: وإيه رأيك في جبهة الإنقاذ التي رشحتك لمنصب نائب الرئيس كواحد من الجبهة ؟! قال: جبهة الإنقاذ خلاص بح يا سطوطة هانم.. الجبهة اتحرقت بعد ظهور تمرد وتحولت من متبوع إلى تابع.. ومكانش باقي منهم غيري أنا لم يتم حرقي..فجاءوا بي إلى هذا المنصب وألحوا على ذلك ! قلت: ولماذا قبلت المنصب طالما أنك تعرف تلك الوقيعة ؟! قال: لأنهم كده كده هيحرقوني.. فأردت أن أنافسهم وأحرق دمهم من خلال نفس الحفرة التي أرادوا أن يوقعوني بها.. أنا الآن أعترض على كل شىء وأي شىء..فقط من أجل الاعتراض وحرق الدم.. وفى النهاية أمريكا معي ولن تتركني فريسة لأحد وكذلك إسرائيل.. لأنني كما أحترم الجميع فالجميع يحترمني.. عدا هنا في مصر لا أحد يحترمني ويقدر مواهبي.. وهذا كله بسبب السنين الضوئية التي ذكرتها لك منذ قليل ! قلت: وإيه حكاية إنك "بوذي" دي ؟! قال: دي ليها حكاية غريبة.. أنا كنت باتكلم مع شيخ سلفي في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير ووجدته رجعيا جدا ويستخدم خطاب السلف في التعامل مع الثورة.. ساعتها ظللت أصف له كيف تدار الثورات وكيف تقدمت الأمم عقب ثوراتها.. فلم يعجبه كلامي..وعندما عاد لرفاقه أبدى لهم تخوفه مني وقال لهم الراجل ده "لاوي بوزه" علينا وعامل فيها عبقري.. فراح سلفي آخر ليقول إذن هو "بوذي".. إحنا نقول عليه بوذي ويعبد البقر.. ومن هنا جاء اللقب بأنني بوذي.. الأمر الذي استغله النظام السابق وروجه في هذه الفترة ! قلت: لكنك زرت إسرائيل ودعوت باحترام الديانة البوذية ! قال: ومازلت أدعو لاحترام كافة الأديان لأنني علماني ولست متطرفا مثلهم ! قلت: مثل من يا دكتور ؟! قال: مثل المصريين ياهانم ! قلت: أولست مصريا مثلهم ؟! قال: نعم أنا مصري..لكنني أمريكي أيضا..وهذا ما لم ولن أنساه ولا يجب أن ينساه الآخرون كى يتعلموا كيف يتعاملون معي ! وهنا وقفت وقلت له: طب تقعد بعافية ياعم الأمريكي أمريكي ! قال: تقعدي بعافية عافية ياست سطوطة.. ثم سلم عليا ومال ناحية خدي إلا أنني هذه المرة عدت خطوة للخلف قائلة له: "من غير بوس بوس ياعم الننوس ننوس" ثم تركته ورحلت !