مصادر داخل اللجنة الفنية تكشف خطة الدولة للتصدى لمراوغات أديس أبابا.. ونجمة سيناء «عربون المحبة» عندما تكون هناك أطراف ثلاثة تتصارع على شيء واحد، يصبح واجب كل طرف ضم آخر إلى صفه، وإذا نجح في هذا لن تصبح المعادلة أحادية، بل اثنين في مواجهة واحد وهو ما يعنى أنه سيكسب ما يريد. خلال عامين من المفاوضات الفنية لسد النهضة ظلت إثيوبيا تتعامل وفق منطق "ضم طرف ثانى" فهى دولة المنبع وبالتالى لن يصدقها الكثيرون إذا قالت إن مشروعاتها لن تؤثر على أحد، والقوانين الدولية لا تسمح بمثل تلك الأمور خاصة وأن قانون الأنهار واضح فيما يخص بناء سدود بهذا الحجم. «زيناوي» رئيس وزراء إثيوبيا الراحل رأى أن مفتاح السر في بناء السد هو السودان التي يرأسها عمر البشير، فمن ناحية سيكون ضم السودان لصفه يعنى تغيير المعادلة إلى دولتين في مواجهة دولة، ومن ناحية أخرى فإن السودان دولة مصب وبالتالى سيكون دعمها قويًا لأن في حالة اعترافها بأن السد لن يضرها سيضع القاهرة في مأزق. رئيس الوزراء الحالى «ديسالين» استغل الفجوة التي حدثت بين القاهرةوالخرطوم إثر عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي بعد ثورة 30 من يونيو، وبدأ في تنفيذ مخطط مد حبال الوصل والمنح والهبات إلى السودان، حتى وصل الأمر إلى توقيع اتفاقيات تصدير كهرباء سد النهضة إلى ولايات السودان بأسعار رخيصة تصل إلى حد التكلفة وفق عدد من المحللين، وهو ما تم ترجمته خلال العام الماضى بعد أن صرح معتز موسى، وزير الكهرباء السودانى أن بلاده لا تعمل إلا وفق مصلحتها فقط في إشارة إلى إنه ليس هناك أي تنسيق مع مصر رغم أن الدولتين متضررتين من جراء هذا السد. اتفاقية مباديء كانت الخطوة الأولى لدى «السيسي» للتعامل مبع هذا الملف ورغم أن المباديء العشرة التي تضمنتها الاتفاقية خلت من أي إلزام لأديس أبابا بتنفيذ ما ستقوله المكاتب الاستشارية بعد الدراسات، إلا أن توقيع ثلاث زعماء على ورقة أساسها عدم الإضرار، خطوة يمكن استخدامها لاحقًا إذا ساءت الأمور. انتهت اتفاقية المباديء في 21 سبتمبر الماضى بالتوقيع على المكاتب الاستشارية لسد النهضة، التي بدأت عملها في الدراسات التي ستستغرق ثمانية أشهر كحد أدنى للإنجاز و11 شهرًا كحد أقصى لإظهار مدى ضرر السد على دولتى المصب «مصر – السودان». بإتمام تلك الخطوة توصل الطرفان _مصر وإثيوبيا_ إلى هدنة من الوقت، فبموجب بدء الدراسات لا تستطيع القاهرة الحديث عن السد حتى تقول المكاتب الاستشارية كلمتها. القاهرة لم تسكت، فما أن انتهى الرئيس السيسي من إلزام إثيوبيا ببدء الدراسات كانت خطوته التالية هي السودان التي حصل رئيسها على «نجمة سيناء» أثناء حضوره الاحتفالات العسكرية للذكرى ال43 لنصر أكتوبر الأسبوع الماضي. مصدر داخل اللجنة الفنية كشف أن عقد اللجنة العليا المصرية السودانية على المستوى الرئاسى لأول مرة أمر له دلالة كبيرة، لافتًا إلى أن قول السيسي إن العلاقات المصرية السودانية تمر بلحظة هامة كانت تعنى ملف سد النهضة. المصدر ذاته أوضح أنه هناك نية لدى الجهات المعنية بملف سد النهضة ومنها وزارة الرى بتقديم كل الدعم للخرطوم من خلال المشروعات المشتركة، لافتًا إلى أن كسب السودان يعنى «تكتيف» إثيوبيا إذا ما حاولت المراوغة، وبعيدًا عن ما قيل عن الزيارة والعلاقات الإستراتيجية فإن سد النهضة كان هو المحور الأساسى بين الرئيسين. الدكتور محمود أبوزيد وزير الرى الأسبق اتفق مع تلك الرؤية، وأكمل عليه بقوله: توقيت تحرك الرئيس نحو السودان، له أكثر من دلالة ويفيد في أكثر من محور لعل أهمها هي أن التقارب المصرى السودانى سيحدد من إمكانية مراوغة إثيوبيا إذا أظهرت الدراسات أن ضرر السد سيكون كبيرا على القاهرة. «أبوزيد» - أضاف أن ضم الخرطوم إلى القاهرة ضربة «تحت الحزام» إلى أديس أبابا تعاملت خلال العامين الماضيين على أن السودان هي ولاية إثيوبية تابعة لها.